الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    تقرير مسرب ل "تقدم" يوجه بتطوير العلاقات مع البرهان وكباشي    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    بعد الدولار والذهب والدواجن.. ضربة ل 8 من كبار الحيتان الجدد بمصر    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهدي يؤكد رفض المشاركة الزخرفية ويقول ان النظام ليس محصناً من الربيع ويواجه احتمال (هبباي)
نشر في سودانيات يوم 27 - 11 - 2011

انتقد الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي سياسات النظام وطالب بوقف الحروب متعددة الجبهات والتوتر مع دولة الجنوب وانتقد محاولة تلميع النظام بالمشاركة الزخرفية في الحكم باعتبار أن رصيد النظام قد نفد.
ووصف الإمام الصادق المهدي الذي تحدث في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الاقتصادي القومي الذي يعقده حزبه بالتنسيق مع القوى السياسية بداره بأم درمان والذي بدأت فعالياته صباح اليوم الأحد، الحكومة الحالية بالذين يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، وقال إن (استمرار النظام الحالي بهياكله وسياساته الحالية ومحاولات تلميعه بمشاركات زخرفية فهو نهج مجرب وفاشل يقول لسان حال الوطن لأصحابه: عفوا لقد نفد رصيدك). وأضاف: إنها مقولة يدركها كثيرون حتى داخل النظام ولا يحميها إلا العناد والانفراد والمكابرة. معتبرا أهل النظام المدركين لهذه الحقيقة في مقام (لا يطاع لقصير أمرٌ).
وقال إنهم يسعون للتغيير عبر أربعة خطوات هي: ميثاق وطني والتفاف القوى السياسية في البلاد حوله، وتعبئة شعبية واسعة باتجاهه، وبرامج حركية لتحقيقه. وأكد أن التغيير قادم مفندا مقولات الاستثنائية السودانية التي يرددها زبانية النظام قائلا: (بعض الناس يقولون إن السودان محصن من الربيع العربي. السودان يواجه احتمال هبباي فالاحتجاج والممانعة والعصيان يغلي في أركان البلاد الأربعة: جنوب وشمال وشرق وغرب. وفي تجمعات السودانيين في بلدان المهجر غليان مماثل. هذه الظواهر لن تكبت عسكريا وما لم يجر الحل الاستباقي فإنها سوف تعم).
(نص كلمة الإمام الصادق المهدي كاملة أدناه) :
بسم الله الرحمن الرحيم
المؤتمر الإقتصادي القومي الذي ينظمه حزب الأمة القومي
بالتنسيق مع ممثلى القوى السياسية
27 – 29 نوفمبر 2011م- دار الحزب
كلمة الإمام الصادق المهدي
حالة الاقتصاد السوداني كابوس لو رأيناه في المنام فزعنا.
كل مخلص لهذا الوطن ومحب لأهله يهيم معنا في مقولة:
خيالك في عيني وذكرك في فمي ومثواك في قلبي فأين تغيب؟
يقوم الاقتصاد على قواعد أهمها قاعدتان: الانتاج الوافر، والتوزيع العادل. وهما مطلوبان لصحة الاقتصاد كما أثبتت ذلك التجربة الإنسانية بل أوجبت نصوص الوحي: (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا)[1] أي جعلكم عمارها، ومقولة: السعي في الكسب المعيشي جهاد، والآيات (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ* فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ*وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ)[2]، ومقولة ما جاع فقير إلا بما شبع غني. الكفاية والعدل هما ركنا السلام الاجتماعي، كما قال رجل دولة أمريكي: المجتمع الذي لا يستطيع إشباع الأكثرية الجائعة لن يستطيع حماية الأقلية المترفة. إن الذي أوصل بلادنا إلى حافة الهاوية أمران: تراكم سياسات خاطئة، وطامة انفصال الجنوب.
هذا المؤتمر منبر قومي هدفه إجراء تشخيص موضوعي للحالة الاقتصادية وتحديد معالم روشتة العلاج، وسوف يتضح أن الحالة استثنائية تتطلب إجراءات استثنائية معالمها:
. انقلاب اقتصادي في الهياكل والسياسات الاقتصادية.
. انقلاب اجتماعي يواجه الفوارق التنموية الجهوية، ويواجه الفقر، ويقيم الرعاية الاجتماعية في مجال الصحة، والتعليم، ومياه الشرب، و يواجه العطالة.
. نهج جديد في علاقتنا الدولية يقيمها على أساس العدالة واحترام حقوق الإنسان.
. ونهج سياسي يحقق دعما قوميا لأجندة الخلاص الوطني هذه ويوفر دعما شعبيا قويا لها.
إن أية إجراءات دون هذه المناهج لا تسمن ولا تغني من جوع.
فيما يلي نحدد معالم الخلاص لاقتصاد بلادنا:
أولا: النظام الذي استولى على حكم البلاد بحجة إنقاذها التزم بأولويات ثلاث هي الحماية، والدعاية، والتمكين لتحقيق شرعية مصنوعة، لذلك كان أداؤه في السنوات العشر الأولى متدنيا في المعايير، في مجالات الإنتاج الزراعي والصناعي ووسع فجوة عجز الميزانية الداخلي والخارجي وأبطل الرعاية الاجتماعية واتخذ نهجا خاطئا لسد العجز المالي ببيع الأصول العقارية قال:
إنقاذنا شعارنا العالي بيرفع
والعالم كله بيسمع
فلنأكل مما نزرع
ولنلبس مما نصنع
وقال لسان الحال:
كيف ناكل مما نزرع
وفلان داك لزرعنا بيقلع
وكيف نلبس مما نصنع؟
والمصنع ذاتو مشلع
ولو داير زول يتوجع
يجينا يشوف البفجع
ثانيا: في العشر سنوات التالية أفلح في إنتاج وتصدير البترول وحقق تطورا في البنية التحتية في الطرق، وخزان مروي وفي الاتصالات الحديثة ولكن المؤسف أن هذه الإنجازات لم تكن تمول من إيرادات البترول بل بزيادة أعباء الدين الخارجي. وفي أمر الخزان اتخذ نهجا أمنيا سلطويا على حساب مصالح سكان المنطقة، كما أنه قلب أولويات تشييد الخزانات دون مبرر موضوعي. ولو أنه تعامل مع إيرادات البترول كما فعلت بلدان أخرى في التعامل مع إيرادات الموارد الطبيعية كما فعلت بتسوانا مثلا أو النرويج لحقق فلاحا كبيرا. كان الواجب الدعوة لملتقى قومي لشورى واسعة لوضع برنامج للانتفاع بإيرادات البترول لتوجه للبنية التحتية، والمدخلات الزراعية، والصناعية، وتأهيل كافة المشروعات الاستثمارية، وسداد دين البنك الدولي، والصندوق. ولكنه انفرد بنهج آخر أبطل نعمة البترول أهم معالمه:
. توسع إداري مبرراته تمكينية وليست موضوعية، مفرداته:
- الولايات من 9 إلى 25.
- المحافظات من 19 إلى 121.
- المحليات من 240 إلى 531.
- وضاعف الصرف عليها أضعافا مضاعة بلغت 18 ألف في المائة.
. الصرف على القوات النظامية تضاعف سبع مرات في نفس المدة.
ولم يكن التعامل مع مال البترول منضبطا فأثرى سياسيون كانوا معدمين، وحلت آلات الضبط الوزاري المعهودة، وتكاثرت الشركات الخصوصية التي لا هي قطاع عام ولا قطاع خاص، ووثق المراجع العام للاختلاسات عاما بعد عام، تجربة صحت فيها مقولة لويد جورج إذ قال: هنالك حبل سري واصل بين أموال النفط وجيوب مديريه.
ثالثا: 75% من البترول جنوبي وأدت الإدارة الاقتصادية لاعتماد الميزانية الداخلية في حدود 40% على إيرادات البترول، والميزانية الخارجية في حدود 68%. هنالك صعوبات في سد هذين العجزين الآن ما سوف يؤدي داخليا إلى مزيد من التضخم ومزيد من سعار الأسعار، وإلى تدنٍ مستمر في قيمة العملة الوطنية. ومع أن المؤشرات الموضوعية كانت تدل على رجحان كفة الانفصال، ومع حقيقة أن النفط مورد غير متجدد وأن إحلال الوارادات بالإنتاج المحلي سياسة اقتصادية رشيدة؛ فالحكومة أضاعت كل الفترة الانتقالية البالغة ست سنوات، كانت تحظى فيها بالشرعية الدولية وتنعم بعائدات البترول، ولم تفكر في بدائل بترول الجنوب إلا بعد أن صار الانفصال واقعا وتطلب الآن من الشعب السوداني الصبر لثلاث سنوات حتى تثمر البدائل! هذا خلل كبير أدت إليه سياسة التمكين الاقتصادي للحزب الحاكم وإغلاق دائرة المال لصالح المحاسيب، وسبب آخر تشي به تسريبات بعض المصادر أن الأمريكان وعدوا قيادة المؤتمر الوطني في مفاوضات السلام بألا يحدث انفصال. وفي نهاية الأمر بدلا عن التخطيط المتبصر بالمآلات الوشيكة، اتخذ أعوان النظام نهجين متناقضين: نهج حالمين يؤكدون حتمية الوحدة، ونهج حاقدين يسيئون الجنوبيين ويرون صلاح البلاد في نبذهم.
ولكن دعك من أحاديث الذين يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، فإن على مؤتمرنا هذا أن يوثق موضوعيا للحالة الاقتصادية الراهنة، ولمآل إيرادات البترول، ولآثار انفصال الجنوب توثيق شاهد على العصر.
رابعا: إن للسودان مصالح مع المجتمع الدولي أهمها:
. السعي لإعفاء الدين الخارجي ضمن مبادرة الدول الأفقر والأكثر مديونية (HIPC).
. الدعم التنموي كما في اتفاقية كوتنو مع الاتحاد الأوربي.
. العدالة المناخية وما يستحق الدول من تعويض الملوثين للمناخ، في مؤتمر كوبنهاجن العالمي للبيئة في عام 2009م أقروا مبدأ العدالة المناخية لتعويض ضحايا التلوث، وفي منتدى مجلس المياه العربي الثاني في القاهرة الأسبوع الماضي تقرر تبني المجلس متابعة تنفيذ ذلك الالتزام واقتراح وسائل الانتفاع به.
. رفع العقوبات الاقتصادية.
. تحقيق تعامل تجاري يفتح للسودان أسواقا خارجية وينظم الاستيراد.
من أهم ما يتطلع إليه في هذا الصدد هو إيجاد دعم مالي وفني لمشروع تخضير السودان والتوسع في استخدام الطاقة الشمسية لكافة الأغراض لا سيما الأغراض المنزلية.
خامسا: المطلوب لمواجهة التحديات الاقتصادية:
. هيكلة جديدة تتخلص من الورم في المصروفات الإدارية وعلى الفئات النظامية لصالح أجندات: التوازن التنموي الجهوي، والتوازن العدالي الاجتماعي.
. ينبغي إعطاء أولوية قصوى لتأهيل المشروعات الزراعية، والصناعية، ودعم الاستثمار الوطني والأجنبي.
. نعم لآلية السوق الحر ولكن ينبغي ترشيده بالأجندة الاجتماعية، سوق حر بوجه آدمي لا متوحش.
. مراجعة السياسات المسماة إسلامية فالزكاة الآن أشبه بجباية بعيدة من مقاصدها العبادية والاجتماعية، والمصارف المسماة إسلامية تتبع نهجا أكثر انحيازا لرؤوس الأموال، نهج استغلالي، إن مقولة سعر الفائدة المنضبط كما أوضحنا أقرب لمقاصد الشريعة من صيغ المرابحة والسلم فهاتان للتجارة لا للاقتراض الذي يحقق المرونة للمستثمر، المطلوب مراجعة لهذه المناهج تتفق مع مقاصد الشريعة ومع مصالح التنمية.
ينبغي أن يشرف على هذا البرنامج الاقتصادي الجديد مجلس تخطيط قومي اقتصادي يضع حدا للتخبط الحالي.
خامسا: هذا النهج الاقتصادي الجديد برافديه الاجتماعي والدولي يتطلب نهجا سياسيا جديدا يحقق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل.
. ينبغي وقف الحروب التي تعددت جبهاتها بسلام عادل معالمه واضحة.
. وينبغي التخلص من حالة التوتر في العلاقات مع دولة الجنوب بتوأمة تحقق مصلحة البلدين.
أما استمرار النظام الحالي بهياكله وسياساته الحالية ومحاولات تلميعه بمشاركات زخرفية فهو نهج مجرب وفاشل يقول لسان حال الوطن لأصحابه: (عفوا لقد نفد رصيدك). إنها مقولة يدركها كثيرون حتى داخل النظام ولا يحميها إلا العناد والانفراد والمكابرة.
بعض أهل النظام يدركون ذلك ولكنهم في مقام: لا يطاع لقصير أمرٌ. إن بعض القوى تستعد لمنازلة النظام عسكريا فإن أخفقوا أو نجحوا فالبلاد ستواجه مزيدا من الفتنة والتمزق. ويسعى شباب يستلهمون تراث الانتفاضة السوداني والربيع العربي يرفدها حال البلاد المأزوم، انتفاضة استعد النظام لمواجهتها ما يرشح البلاد كذلك لمزيد من الانقسام، وكلا النهجين المسلح، والانتفاضي، وارد ما لم تجر طفرة استباقية تحقق المقاصد الشعبية.
نحن نسعى لتحقيق هذه الطفرة الاستباقية عبر:
. ميثاق وطني يحدد أجندة الخلاص الوطني.
. التفاف القوى السياسية والمدنية في البلاد حول هذا الميثاق.
. تعبئة شعبية واسعة تأييدا لهذا الميثاق.
. برامج حركية لتحقيق هذه الأجندة الوطنية.
بعض الناس لا يفرقون بين الإستراتيجية والتكتيك. الاستراتيجية تحكمها المبادئ ولكن التكتيك يراعي الواقع، لذلك نحن ننتهج استراتيجية واضحة وحازمة وتكتيكا مرنا، إنه نهج الأنبياء وسائر الفاعلين في مسار التاريخ.
هذا نهج اتبعته القوى السياسية في كثير من بلدان أمريكا اللاتنية كما أوضحت السيدة ميشيل باشيليه جيرا رئيسة تشيلي السابقة، اتبع في تشيلي وفي الأرجنتين وفي البرازيل بكفاءة عالية، إنه طوق النجاة للوطن وإلا فالبلاد قد تقع في أتون حرب شاملة لأن الاحتراب الحالي سيقود إلى ذلك ما لم تحسم أسبابه، ومثلما أدت اتفاقية 1972م إلى حرب أخطر في 1983م يمكن أن تؤدي اتفاقية 2005م لحرب أخطر وأشمل.
سادسا: الانقلابات الأربع في مناهج الحوكمة في السودان المذكورة أعلاه، ضرورة لخلاص الوطن بل ولتمكينه من دور رائد يليق بتاريخه من مروي للبقعة. دور:
. في المجال العربي ينطلق من أن تقسيم الموارد الطبيعية، والكثافة السكانية، والجوار، والوحدة الثقافية في العالم العربي توجب تكاملا عربيا يجسده وعاء سياسي يمكن أن توفره الصحوة الشعبية التي هبت مع الربيع العربي.
. وفي المجال الأفريقي فإن رابطة حوض النيل، والصحراء الواصلة، والأسواق المتبادلة، والفرص الاستثمارية المتاحة لمنافع تكاملية توجب علاقة خاصة عربية أفريقية يرجى أن تكون توأمة الشمال السوداني والجنوب نموذجاً لها. كانت مبادرة حوض النيل مبادرة حميدة لتحقيق الوفاق لكن بسبب بند واحد مختلف عليه امتنعت حكومتا مصر والسودان من التوقيع عليها. هذا نهج خاطئ وقصير النظر يجب التوقيع الفوري لتجنب استقطاب مقيت وتناقش المسائل داخل المفوضية المقترحة ومعلوم أن الجميع يلتزمون بخمسة مبادئ هي:
o الاستخدام العادل لمياه الأحواض المشتركة.
o عدم إحداث أذى جسيم لأية دولة.
o أن يخطر من يقدم على مشروع مائي الآخرين قبل الشروع.
o مراعاة سلامة البيئة.
o التزام النهج السلمي ونبذ الانفراد والعنف.
. عايش السودان تجارب ثرة بكل الفكرويات ونظم الحوكمة لا سيما الإسلامية وهو مؤهل إذا أدرك دروس تجاربه أن يبشر بأن الإسلام يعزز مفاصل حقوق الإنسان من كرامة، وعدالة، وحرية، ومساواة وسلام ما يمكننا من دحر رؤى الانطواء والانكفاء النافية للآخر الممهدة للفتنة واستجلاب الغزاة. نسعى الآن في إطار عالمي لعقد ملتقى يجيب على سؤالين الأول: ما تعني المرجعية الإسلامية لمجتمع مدني حديث؟ والثاني: ما هي الدروس المستفادة من التجارب المعاصرة في هذا الصدد؟ إن الموقف في كل المنطقة يواجه استقطابا إسلاميا علمانيا، وآخر أوسع: استقطاب سني شيعي، فإذا لم نتحرك بوعي وكفاءة وفكر وفاقي فإن المنطقة كلها سوف تحترق.
. عالم اليوم قرية متصلة ولا سبيل لأي بلد أن يعيش كواحة معزولة. في لقاءاتنا مع قيادة الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوربي ناشدناهم أن يدركوا أن نهج الحل المبتسر للشأن السوداني فاشل ودورهم فيه فاشل، ولا يجوز معه إلا دعم النهج القومي الشامل.
. وفي ملتقى نادي مدريد في نيويورك أوضحنا أن صحوة الشعوب العربية تتطلب علاقات دولية جديدة تقوم على الندية والعدالة. هذه التوجهات الحميدة يمكن للسودان أن يقوم بدور مهم فيها إذا استشرف فجرا جديدا.
أعداء السودان يعملون بكل السبل لتمزيقه، والسياسات الفاشلة في إدارة التنوع وفي التعامل الواعي مع المجتمع الدولي مكنتهم من تحقيق بعض أهدافهم، وسوف تمكنهم من تحقيقها كما يشتهون، ولكن يمكن للسودان أن يفاجأهم بإعادة اكتشاف نفسه في ميلاد جديد فإنه (لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ)[3] وصحوة الوعي تعدّل مسارات التاريخ.
بعض الناس يقولون إن السودان محصن من الربيع العربي. السودان يواجه احتمال هبباي فالاحتجاج والممانعة والعصيان يغلي في أركان البلاد الأربعة: جنوب وشمال وشرق وغرب. وفي تجمعات السودانيين في بلدان المهجر غليان مماثل. هذه الظواهر لن تكبت عسكريا وما لم يجر الحل الاستباقي فإنها سوف تعم.
سابعا: الميثاق الوطني هندسة سودانية لنظام جديد يقوم على البناء لا الهدم ويجسد تطلعات شعبنا المشروعة لبناء وطن يسع كافة سكانه. هذا المؤتمر يرجى أن يشخص الحالة الاقتصادية بكفاءة موضوعية ويرفد الميثاق الوطني بمعالم برنامج اقتصادي لا يتردد أي وطني مخلص في تبني توصياته.
إن للاقتصاد دورا مفتاحيا في السلام الاجتماعي، وأمريكا اليوم تغلي بسبب الإخفاقات الاقتصادية الاجتماعية. وفي أوربا أدى الإخفاق الاقتصادي إلى ظاهرة جديدة هي طرد الساسة باعتبارهم فاشلين في الإدارة الاقتصادية واختيار رؤساء للوزارات من الخبراء الاقتصاديين. حدث هذا في إيطاليا، وفي أسبانيا، وآيرلندا، والعجلة تدور.
ختام: تدمير السودان بأيدي أهله وتآمر أعدائه ممكن، وخلاص السودان بأيدي أهله وأخيار العالم وارد، وسوف نعمل بكل الوسائل ما عدا العنف للخلاص الوطني، ونؤمن إيمانا مطلقا أننا مهما تعثرنا فالنصر لشعبنا، (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)[4].
والسلام عليكم ورحمة الله.
[1] سورة هود الآية (61)
[2] سورة الماعون الآيات (1،2،3)
[3] سورة الرعد الآية (11)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.