حاصر نواب المؤتمر الوطني وزير المالية في لقاء عاصف حول موازنة عام 2012م التي سيطرحها اليوم أمام المجلس الوطني في اجتماع انتهى في الساعات الأولى من صباح أمس 5 ديسمبر استمر لأكثر من أربع ساعات بحضور النائب الأول علي عثمان محمد طه. وترأس الاجتماع رئيس نواب المؤتمر الوطني غازي صلاح الدين، واعترض من خلاله نواب المؤتمرالوطني على أي اتجاه لزيادة أية رسوم مطالبين بالتخفيف على الشعب. وأبلغ عدد من الحضور صحيفة (الإنتباهة) أن اللقاء كان عاصفاً ، وهاجم خلاله النواب وزير المالية وطالبوه بمحاصرة التضخم ومنع أية وزارة من تجنيب المال العام مهما كانت أهمية الوزارة، وأشار النواب لوجود خلاف حول أمر الزيادة في الرسوم ، حيث أجمع النواب على رفضهم لأية زيادة. وقال علي عثمان محمد طه انه مع محاسبة أي مسؤول يثبت عليه تصرفه في المال العام وألا تكون هناك تغطية على أي مسؤول يثبت تورطه في تعدٍ على المال العام . وكان تقرير المراجع العام كشف عن فضيحة داوية ، حيث جنب عدد من الوزراء أموالا عامة في حسابات باسمائهم دون موافقة وزارة المالية ، فجنب وزير الدفاع في حساب ببنك ام درمان الوطني (12) مليون جنيه (اي ما يعادل 12 مليار جنيه بالقديم) وتصرف فيها لوحده ، وجنب وزير الزراعة (306) مليون جنيه في حساب بالبنك الزراعي باسمه ويتصرف فيها بموجب توقيعين من موظفي وزارته. وازاح التقرير الستار عن حجم المبالغ المجنبة بوزارة الداخلية والبالغة 55.465.199.85 جنيها ووزارة العدل 8.404.566 جنيها . واكد ان حجم الصرف خارج الموازنة بشرطة الجمارك بلغ العام الماضي 7.9 مليون دولار . ورصد التقرير مخالفات لوزارة الدفاع وذكر ان ادارة الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع تفرض رسوما على السفر للخارج تمثلت في رسوم سفر على رجال الاعمال والمهندسين لسوريا، ورسوم حج وعمرة ورسوم علاج بالخارج بلغت الاموال المحصلة منها 12.163.737 جنيها، واكد ان الاموال وردت لحساب وزير الدفاع ببنك ام درمان الوطني دون موافقة وزارة المالية . وأوضح التقرير ان الصرف من هذا الحساب يتم بواسطة وزير الدفاع، واكد ان الوزارة تمسك بمستندات الصرف لذلك الحساب ولم تستجب لطلب المراجعة بتقديم تلك الحسابات منذ العام 2008م. وكشف التقرير عن جملة المبالغ المجنبة بوزارة الداخلية والبالغة 55.465.199.85 جنيها ما يعادل 2.273.150 دولارا. وأظهر أعلى تجنيب في ادارة مرور الخرطوم بمبلغ 25.744.438.00 جنيه . واللافت ان نواب المجلس الوطني (يصرخون) لكنهم يستمرون قابعين في (بيت طاعة) السلطة التنفيذية ، والسبب واضح ، فهو مجلس يعمل في اطار سلطة شمولية ، لم يتم انتخابه في انتخابات حرة ونزيهة ، ويستمد نوابه شرعيتهم من حزبهم الآحادي الذي يتمركز في السلطة التنفيذية ، وليس من المواطنين . وبالنسبة للمواطنين فان (الجعجعة) التي تهدف الى غسل الصورة العامة أو حتى الى غسل الضمائر ولكن لا تتمخض عن رقابة حقيقية وعملية ولا تؤثر في التصويت على القرارات جعجعة بلا قيمة . واللافت كذلك ان النائب الأول يقول انه مع محاسبة أي مفسد ، وضد التغطية على أي مسؤول يتعدى على المال العام ، والسؤال البديهي بالطبع هو : (طيب حد حاشك) ، فلو كان صادقاً في تعهداته لفتح بلاغات في التعديات العديدة التي كشف عنها تقرير المراجع العام . ولكن ، وكما تكرر (حريات) ، الفساد في الانقاذ فساد شامل ، وجهود مكافحته في اطارها جهود عبثية ، لأن بيئة الانقاذ تفرز الفساد ، كما تفرز الكبد المادة الصفراوية ، وفي مقابل كل مفسد تتم الاطاحة به تفرخ بيئة الانقاذ عشرات المفسدين مكانه .