يبدو أن السودانيين لا يحبون السفر والترحال من مكان إلى آخر بل يعشقونه ويهيمون به .إذ يضاهي عدد الأشخاص الذين سافروا وارتحلوا ،عدد سكان البلاد بل ويتجاوزه حيث فاقت نسبتهم 100% من عدد السكان، وفقا لتقرير رسمي الرحول عز السودانيين وبلغ عدد الأشخاص الذين استغلوا وسائل مختلفة للسفر من مكان إلى آخر داخل السودان فقط 40 مليون و386 ألف شخص . فيما بلغ إجمالي تعداد السودانيين في آخر إحصاء لهم العام 2008 حوالي 39.1 مليون نسمة . وحوالي 33.4 مليون نسمة بعد انفصال الجنوب في يوليو 2010 . وإذا ما كان السودانيون قد اعتادوا على ترديد قول (الرحول عز العرب) كما يقولون ( إن شق الديار علم) إي أن التجول بين الديار والأماكن المختلفة يكسب المرء معارفا وعلوما ما كانت ستتاح له لولا سفره وتنقله ، فأن التقرير السنوي الأخير لبنك السودان المركزي أثبت أنهم يفوقون العرب وربما باقي العالمين في ترحالهم وعشقهم للسفر . البصات ،الأكثر تفضيلا وأغلب هؤلاء الذين سافرو وارتحلوا كانت البصات والحافلات هي الوسيلة المحبذة بالنسبة لهم حيث أستغلها عدد ضخم منهم بلغ 27 مليون شخص عام 2010 ، حيث تتصف هذه السيارات بالجودة العالية من حيث هيئتها والخدمات التي تقدمها وكذلك السرعة وجدول الرحلات الذي تسير عليه . ولا تشكل البصات والحافلات المنافس الوحيد للقطار بل النقل النهري أيضا إذ يبين التقرير السنوي لبنك السودان المركزي للعام 2011 إن عدد الذين تنقلوا عن طريق النقل النهري ارتفع بصورة مذهلة من 5 آلاف راكب فقط عام2009 إلي 12 مليون و 922ألف شخص العام 2010، أي بنسبة زيادة تجاوزت258.340% شخص . ولم يعد السودانيين، يفضلون السفر والتنقل بالقطار كما كانوا يفعلون ذاك سابقا، حيث اظهر هذا التقرير، إن الذين استخدموا سكك حديد السودان سجلوا انخفاضا ضخما في أعدادهم بلغ ما نسبته 45.8%خلال العام 2010م . على الرغم من الحنين الوجداني العميق بينهم وبينه، والذكريات الحميمة والأثيرة لنفوسهم تجاهه . السكة حديد ليس كالسابق و أنخفض عدد الركاب الذين استغلوا القطارات التي تروح وتغدو جيئة وذهابا من والي أصقاع البلاد المختلفة التي تصلها السكك الحديدية ، من 87.4 ألف راكب عام 2009 إلى 47.4 ألف راكب فقط عام 2010 . وقد ظلت السكة الحديد منذ إنشائها وحتى منتصف السبعينات من القرن الماضي وسيلة النقل الرئيسية بالبلاد ليس للأفراد فحسب بل وتقوم بنقل أكثر من 90% من صادرات وواردات القطر. ولكن بحسب إحصاءات هيئة سكك حديد السودان ذاتها فقد تغيير هذا الوضع . وربما يعود السبب في هذا العزوف الذي ظل يتزايد ويتصاعد منذ سنوات ،إلى طول الرحلة بالقطارات القديمة التي ما تزال تشغلها هيئة السكك الحديدية علي الرغم من تهالكها، وكثرة الأعطال التي تتعرض لها والقضبان الحديدية التي تئن تحت وطأتها أو انعدام أيا من الخدمات داخلها . ولكن مسئولو السكك الحديدية قالوا: إن هذا الانخفاض الكبير الذي تظهره الأحصاءات، سببه توقف قطار حلفاالخرطوم لفترات طويلة العام 2010 وكذلك تخفيض رحلات قطارات السلام و نيالا . من أطول السكك الحديدية وتعد هيئة سكك حديد السودان من أطول الشبكات الحديدية بأفريقيا إذ يبلغ طول خطوطها خمسة ألف وثمانمائة كيلو متر، منها حوالي 4578 كيلومتر خطوط رئيسية وهي من الشبكات ذات الخط المفرد بأتساع 3 قدم و6 بوصات أي ما يعادل 1067 مليمتر . و ارتبط قيام الكثير من المدن الرئيسية بالسودان بوصول الخط الحديدي إليها ومثال ذلك مدينة عطبره التي تعتبر عاصمة السكك الحديدية ومسمار وهيا وجبيت بالشرق وبابنوسه ونيالا والرهد بالغرب . كما أن السكة الحديد ظلت هي المورد الرئيسي لإمداد الكثير من المدن والتجمعات السكانية التي تقع على الخط الحديدي ، بمياه الشرب العذبة وتوصيل الإمداد الكهربائي من مولداتها الضخمة المنتشرة فى العديد من المحطات النائية ، عبر قطار الخرطوم / وادي حلفا، وقطار الخرطوم / بورتسودان، وقطار نيالا. والتي كانت تغادر جميعها من محطة الخرطوم ثم صارت لاحقا تغادر من محطة الخرطوم بحري التي تم افتتاحها في أكتوبر من عام 1998. قطار الشوق وعلى متن القطار الذي كان يشق غبار الصحراء ذاهبا حتى حلفا أو رائحا حتى الخرطوم ، وبسببه أيضا سطر السودانيون أحلى أغنياتهم التي ما يزال يدندن بها الكبار بشوق وحنين، والشباب بتقدير وإعجاب، ولعل منها ، قطار الشوق متين ترحل تودينا نشوف بلدا حنان اهلا ترسى هناك ترسينا نسائم عطبرة الحلوة تهدينا و ترسينا نقابل فيها ناس طيبين فراقم كان ببكينا يا قطار الشوق متين توصل هناك حبيبنا راجينا متين نحضن عويناتو متين يسرع يحيينا ومنها أيضا أغنية، لما القطر صفر شالو..دموعي من عيني سالو... أمسى وبات كيف حالو..ياربي طاريني في بالو... أنا ما نسيتو..ودعت الحبيب وبكيتو... ومنها أيضا أغنية القطار المر وقصيدة قطار الغرب لمحمد المكي إبراهيم