د. عنتر حسن: حاجة تحير العقول!!    الرسوم العالية التي يفرضها المسجل التجاري للشركات التي ترغب في العمل في السودان أمر محير ومحبط    مزمل أبو القاسم: الحاقربك في الضلام يحدرلك!!    رئيس مجلس السيادة يهنئ الرئيس الروسي بالعيد الوطني لبلاده    شركة كهرباء السودان القابضة: اعطال لتعرض محطة مارنجان التحويلية لحريق    الأحمر يواصل صفقاته الداوية و يتعاقد مع الجناح الغامبي    مجلس الأمن يطالب مليشيا الدعم السريع بإنهاء "حصار" مدينة الفاشر    مدرب ليفربول الجديد يرسم خطة "إبعاد" صلاح عن الفريق    فيروس غريب يضرب نجوم منتخب فرنسا عشية انطلاق كأس أمم أوروبا    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يحاول التحرش بمطربة أثناء تقديمها وصلة غنائية في حفل خاص والجمهور يستغرب من تجاوب الفنانة وعدم صدها له    شاهد بالصورة والفيديو.. ظهرت وهي تبادل عريسها شرب الحليب بطريقة رومانسية.. مطربة سودانية تكمل مراسم زواجها وسط سخرية جمهور مواقع التواصل    شاهد بالفيديو.. الفنانة مروة الدولية تغني لزوجها وتتغزل فيه خلال حفل بالقاهرة (قلت للحب حبابو.. سألت انت منو قال لي أنا جنابو) وساخرون: (ختر خير جنابو الخلاك تلبسي طرحة)    المريخ يبرم صفقة نيجيرية ورئيس النادي يفتح باب الحوار أمام الصفوة    ردًا على العقوبات الأمريكية.. بورصة موسكو توقف التداول بالدولار واليورو    حوار صريح مع الصادق الرزيقي وآخرين من عقلاء الرزيقات    صالون لتدليك البقر في إندونيسيا قبل تقديمها أضحية في العيد    غوغل تختبر ميزات جديدة لمكافحة سرقة الهواتف    ((هولاء رجالي فجئني بمثلهم ياجرير))    "أشعر ببعض الخوف".. ميسي يكشف آخر فريق سيلعب لصالحه قبل اعتزاله    امرأة تطلب 100 ألف درهم تعويضاً عن رسالة «واتس أب»    الدولار يسجل ارتفاعا كبيرا مقابل الجنيه السوداني في البنوك المحلية    ناشط جنوب سوداني يكتب عن فوز صقور الجديان على منتخب بلاده: (قاعدين نشجع والسودانيين يهتفوا "دبل ليهو" ولعيبة السودان بدل يطنشوا قاموا دبلوا لينا..ليه ياخ؟ رحمة مافي؟مبروك تاني وثالث للسودان لأنهم استحقوا الفوز)    القصور بعد الثكنات.. هل يستطيع انقلابيو الساحل الأفريقي الاحتفاظ بالسلطة؟    البرهان يهنئ صقور الجديان    "فخور به".. أول تعليق لبايدن بعد إدانة نجله رسميا ..!    الهروب من الموت إلى الموت    ترامب معلقاً على إدانة هانتر: سينتهي عهد بايدن المحتال    شرطة مرور كسلا تنفذ برنامجا توعوية بدار اليتيم    تُقلل الوفاة المبكرة بنسبة الثلث.. ما هي الأغذية الصديقة للأرض؟    4 عيوب بالأضحية لا تجيز ذبحها    قصة عصابة سودانية بالقاهرة تقودها فتاة ونجل طبيب شرعي شهير تنصب كمين لشاب سوداني بحي المهندسين.. اعتدوا عليه تحت تهديد السلاح ونهبوا أمواله والشرطة المصرية تلقي القبض عليهم    نداء مهم لجميع مرضى الكلى في السودان .. سارع بالتسجيل    شاهد بالفيديو.. الراقصة آية أفرو تهاجم شباب سودانيون تحرشوا بها أثناء تقديمها برنامج على الهواء بالسعودية وتطالب مصور البرنامج بتوجيه الكاميرا نحوهم: (صورهم كلهم ديل خرفان الترند)    الإمارات.. الإجراءات والضوابط المتعلقة بالحالات التي يسمح فيها بالإجهاض    إسرائيل: «تجسد الوهم»    الإعدام شنقاً حتى الموت لشرطى بإدارة الأمن والمعلومات    اللعب مع الكبار آخر قفزات الجنرال في الظلام    نصائح مهمة لنوم أفضل    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    من هو الأعمى؟!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفجوة الرقمية واثارها علي السودان والدول النامية

محمد ازرق سعيد مقدّمة: مرت المجتمعات البشرية عبر تاريخها الطويل بتحولات عدّة صاغت نمط حياتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وأثَّرت على علاقات هذه المجتمعات وذلك بدءاً من نمط الاقتصاد الزراعي الّذي ساهم في ظهور التجمعات المستقرة مروراً بالثورة الصناعية التي شهدتها اوربا منذ منتصّف القرن الثامن عشر ثم انداحت إلى أنحاء العالم الأخرى واستمرت إلى منتصف القرن العشرين. وكانت (الموجة الثالثة) في تطور الحياة البشرية والتي احدثت الانقلاب الاكثر أهميةً بظهور عصر الاتصالات والثورة المعلوماتية الرقمية التي فتحت أبواب العالم على مصاريعها جراء تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي اعتمدت على المعلومات والمعرفة والتكنولوجيا الرقمية والشبكات المعلوماتية والانترنت وتجاوزت الحدود لتصبح ظاهرة اقتصادية واجتماعية وثقافية الابعاد وسياسية النتائج بفعل العولمة التي غدت تُشكِّل انماط الحياة في المجتمعات المتقدّمة والنامية على حدٍ سواء. وعرفت الدول المتقدمة صناعياً إبتداءً من منتصف تسعينات القرن الماضي تسارعاً في وتيرة الاهتمام باقتصاد المعلومات الرقمي وقد صاغت الولايات المتحدّة عام 1993م مشروعاً اطلقت عليه (اجندة عمل - مبادرة البنية التحتية المعلوماتية الوطنية) تلتها المجموعة الاوربية التي صاغت رؤيتها حول الموضوع نفسه في عام 1993م في تقرير بنجمان (رؤية حول النمو والتنافسية والتوظيف) لتلحق بها اليابان عام 1994م عندما اصدرت وزارة البريد والاتصالات تقريرها الموسوم (نحو اصلاحات تهدف إلى تأسيس المجتمع الابداعي المعرفي للقرن الواحد والعشرين). واسفر الادراك المبكّر من قبل الدول الصناعية بضرورة بناء اقتصادياتها ونمط حياتها على أسس التقدُّم التكنولوجي عن انشطة اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية وعن انماط سلوك وآليات انتاج لم تكن مألوفة من قبل أدّت إلى ظهور مجتمع يعتمد وبشكل متزايد على المعرفة والتكنولوجيا الرقمية إلى ما عُرف بمجتمع المعلومات أو المجتمع الرقمي (Digital Society). وأسفرت التطورات والقفزات التي شهدها مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات إلى ارتباط التنمية في اشكالها المتعددة وبقدر كبير بمقدرة الدولة والمجتمع على مواكبة هذه التحولات والتحكُّم فيها لتحقيق غايات التنمية والرفاهية مما أدى إلى احداث تفاوت في مقدرات الدول الصناعية المتقدّمة، وتلك النامية والتي لم تتمكّن من الاستجابة لشروط ومطلوبات اقتصاديات المعرفة وأفضى ذلك إلى بروز فجوة معرفية ورقمية وفي معدلات التنمية واتجاهاتها بين الدول النامية والدول الصناعية رغم الفرص التي اتاحتها ثورة المعلومات والاتصالات لمجموعة الدول النامية للنهوض باقتصادياتها وبناء نهضتها الاجتماعية والثقافية والسياسية وضمان مستقبل أفضل لشعوبها. مفهوم الفجوة الرقمية: شاع استخدام الفجوة الرقمية على نطاق العالم خلال السنوات الماضية وهو تعبير يهدف إلى الدلالة على تلك الهوّة الفاصلة بين الدول الصناعية المتقدّمة والدول النامية في النفاذ إلى مصادر المعلومات والمعرفة والقدرة على الافادة منها واستخدامها في الانتاج والخدمات وفي تشكيل أنماط الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. وكان أول ظهور لمصطلح الفجوّة الرقمية في الولايات المتحدة عام 1995م بصدور تقرير وزارة التجارة الامريكية (السقوط من فتحات الشبكة) ثمّ اتسع تداول هذا التعبير على نطاق عالمي ليصبح دليلاً للفوارق التي تفصل بين العالم المتقدم والعالم النامي واجمالاً يُمكِّن ايراد عدد من التعريفات لمفهوم الفجوة الرقمية وفقاً لما جاء في عدد من الادبيات العلمية. يعبر مفهوم الفجوة الرقمية أو الهوة المعرفية عن الفارق في حيازة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في شكلها الحديث والمهارة في التعامل معها لإنتاج تكنولوجيا جديدة وسلع وخدمات. كما ينصرف تعريف الفجوة الرقمية إلى الفارق في توزيع هذه التكنولوجيا على الافراد في الدول المتقدمة والنامية وذلك بتوفر البنية التحتية اللازمة للنفاذ إلى المعرفة وللحصول على موارد المعلومات بالوسائل الآلية. بيد أن التعريف الأشمال للفجوة الرقمية يشير إلى الوصول إلى المعرفة واستيعابها من خلال التوعية والتعليم والتدريب واستثمارها اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وإلى القدرة على انتاج هذه التكنولوجيا والافادة منها من خلال مؤسسات البحث العلمي والتطوير وكذلك في مؤسسات الانتاج السلعي والخدمات. أسباب الفجوة الرقمية: يعزو العديد من الدارسين والمهتمين بآثار ومخاطر الفجوة الرقمية بين الدول النامية والدول الصناعية إلى عدّة أسباب أدت إلى افراز واستمرار هذه الفجوة رغم الجهود التي بذلتها بعض الدول والمجتمعات لتجاوز هذه الهوّة في محاولة للحاق بمجتمعات اقتصاديات المعلومات والمعرفة وتعود هذه الأسباب إلى: 1/ أسباب مالية واقتصادية 2/ أسباب تكنولوجية وعلمية 3/ أسباب اجتماعية 4/ أسباب سياسية وتعود الأسباب الاقتصادية للفجوة الرقمية إلى إرتفاع تكلفة توطين تكنولوجيا المعلومات وإلى ضعف التمويل اللازم لإنشاء البنى التحتية لهذه التكنولوجيا وارتفاع كلفة تطويرها، إضافةً إلى تكتل الدول الكبرى في حرمان الدول النامية من الحصول على التكنولوجيا سواءً بفرض شروط قاسية لنقلها إلى الدول النامية أو حرمان هذه الدول عن طريق المقاطعة الاقتصادية والتكنولوجية بجانب التهام الشركات عابرة الحدود (Transborders) للأسواق المحلية في الدول النامية بمنتجاتها عبر سياسة الاغراء والحيلولة دون نمو البنية التحتية للدول النامية في هذا المجال. ويضاف إلى الاسباب الاقتصادية للفجوة اسباب اخرى تتمثل في سرعة التطوّر في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والسرعة في انتاج العتاد والنظُم والبرمجيات واجيال التكنولوجيا الرقمية بشكل يتعذر معه اللحاق بها من قبل الدول النامية اضافةً إلى سمات تكنولوجيا العلومات والإتصالات التي تتصف بالإحتكار التكنولوجي من قبل الدول الصناعية وتأتي الولايات المتحدّة الامريكية في مقدمة الدول المحتكرة لصناعة تكنولوجيا المعلومات والإتصالات بنسبة 41.9%، اوربا الغربية بنسبة 31.6%، اليابان بنسبة 12.2%، وباقي دول العالم بنسبة 14.4% فقط، يضاف إلى بعدي تسارع نمو التكنولوجيا والاحتكار لجوء الدول الصناعية إلى استقطاب العقول الماهرة والكفاءات العاملة في الدول النامية في هذا المجال للحيلولة دون نمو القاعدة العلمية والمعرفية تكريساً للتبعية التكنولوجية لهذه المجموعة. وتبرز إلى جانب الاسباب الاقتصادية والتكنولوجية ظروف أخرى سياسية تحول دون الدول النامية وسد الفجوة الرقمية وذلك لصعوبة وضع سياسات التنمية المعلوماتية في الدول النامية والتي تتسم بالتعقيد الشديد لحاجاتها إلى قدر كبير من الابداع ودرجة عالية من الوعي تفتقرها كثير من القيادات السياسية التي تتجاذبها قناعاتها بأهمية التنمية المعلوماتية مع الأولويات الأخرى الضاغطة مثل الغذاء والتعليم والصحّة يضاف إلى ذلك سيطرة حكومات الدول النامية على منافذ المعلومات والإتصالات وعدم السعي إلى وضع التشريعات التي تفسح المجال للإستثمار في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات بجانب الاجراءات المقيدة والخاصَّة بسياسات الاتاحة والنفاذ إلى قنوات المعلومات المختلفة. ولا تقتصر أسباب الفجوة على الجوانب السياسية والاقتصادية والتكنولوجية بل تشمل اسباباً اجتماعية وثقافية تقترن بتدني مستويات التعليم والأمية وجمود مجتمعات الدول النامية وعدم قابليتها للتغيير والتطوّر بل ومقاومته في بعض الاحيان، بسبب منظومة القيم والتقاليد السائدة مع عدم توافر البيئة الداعمة التي تتيح مشاركة متوازنة في تحقيق التنمية لغياب الثقافة العلمية والتكنولوجية في الدول الاقل نمواً. سمات الفجوة الرقمية في الدول النامية والصناعية: اتخذت المنظمات الدولية عدداً من السمات والمعايير للإستدلال على الفجوة الرقمية بين مجموعتي الدول النامية والصناعية ورغم عُسر الاعتماد على هذا المنهج في قياس الفجوّة إلا ان جهود هذه المنظمات والهيئات قد افرزت عدداً من المعايير للإشارة إلى وجود فجوة رقمية في دولة او مجتمع ما من عدمه، وتأتي في مقدمة هذه السمات الكثافة الاتصالية المرتبطة بعدد الهواتف المستخدمة لكل 1000 شخص وسعة شبكات الاتصال وتدفق البيانات كما تقترن معايير القياس بالتقدُّم التكنولوجي والّذي يرتبط بعدد أجهزة الكمبيوتر المنتجة وعدد مستخدمي الانترنت حيث تشير احصاءات الأمم المتحدة إلى أن 96% من سكان افريقيا وجنوب آسيا لم يستخدموا الانترنت حتى عام 2000م في الوقت الذي تأتي الولايات المتحدة في المقدمة بعدد 182.67 جهاز لكل ألف شخص والشرق الاوسط 5.12 جهاز لكل ألف شخص، ويلاحظ في هذا الصدد تمركُّز أكثر من 60% من مستخدمي الانترنت في امريكا الشمالية واوربا. وتقترن سمات الفجوة بمعرفة لغة الانترنت (الانجليزية) التي تحتل المرتبة الأولى في مواقع التجارة الألكترونية كما تشمل مؤشرات القياس الانجاز التكنولوجي الذي يقاس بعدد براءات الاختراع وحجم صادرات منتجات التكنولوجيا العالية والمتوسّطة والانخراط في حركة السوق العالمية ومدى تنافسية العنصر البشري عالمياً يضاف إلى ذلك سمات الفجوة الرقمية داخل الدول النامية والتي تتصل بالتعليم والتدريب والفجوة بين الجنسين وبين الاجيال وداخل الأسرة الواحدة. آثار وانعكاسات الفجوة الرقمية: أثر التطور التكنولوجي في مجال الاتصالات والمعلومات ولا يزال على مُجمل النشاطات الانسانية كالإدارة والصناعة والترفيه، وفي سلوك الانسان وعلاقته بالمجتمع وبمعدلات تتضاعف سنوياً بمقدار ما يستحدث في الدول الصناعية من تجهيزات في هذا المجال. مما دفع الكاتب الامريكي الفن توفلر إلى الاشارة إلى مخاطر الثورة الرقمية والإتصالات في نمط حياة الإنسان فيما اسماه بصدمة المستقبل (Future Shock) والموجة الثالثة (The Third wave) بل وامتدت آثار الفجوة المعرفية الرقمية إلى تشكيل علاقات القوّة وتوازنها في العالم بعد ان اصبحت المعرفة مصدراً من مصادر القوّة والنفوذ ووفقاً للنظرية الامريكية فإنّ قيادة العالم ستكون من مهمة الدول التي تمتلك المعرفة والقدرة على التميُّز التكنولوجي والابتكار وإدارة الشركات العالمية، أي أنّ شبكات المعلومات والإتصال تبني عالماً جديداً مختلفاً كل الاختلاف عن عالمنا الحالي بحدوده السياسية والفكرية والاقتصادية والثقافية وفي درجات الولاء للدول والمجتمعات. وسيؤدي التحوّل الذي يشهده العالم في انماطه الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية إلى صعوبة تكيف اقتصاديات الدول النامية مع اتفاقيات التجارة الدولية وعدم تمكنها من التحوّل إلى اقتصاد السوق والمنافسة التي تقوم على إنتاج المعرفة واستهلاكها بالمعنى الاقتصادي للإستهلاك وفي زيادة كفاءة نظم الإدارة والمؤسسات القائمة على خدمة الدولة والفرد. ومن الآثار السالبة التي ستسفر على اقتصاد المعرفة والفجوة الرقمية بين الدول النامية والصناعية تزايد حدة الفقر الاقتصادي في الدول النامية وضمور الاتصال الانساني بين الحضارات بسيادة انماط حضارية بعينها مما يؤدي إلى اتساع هذه الفجوة وتحولها إلى فجوة حضارية الأمر الّذي يستوجب اعداد مجموعة من الاستراتيجيات لردم هذه الفجوة والحد من آثارها بما يتيح للدول النامية الافادة من نواتج الثورة المعلوماتية والاتصالية الراهنة. استراتيجية ردم الفجوة الرقمية: Bridging The Digital GAP تعتبر الدول النامية في المنظور الغربي سوقاً واعدة لتكنولوجيا المعلومات ومنتجاتها، بيد أن افتقار مجموعة الدول النامية بشكل ظاهر إلى بنية معلوماتية متطورة تحول دون انتشار هذه التكنولوجيا والاستفادة منها في ردم الفجوة الرقمية وتحقيق النهضة اللازمة لتجاوزها. ويقر الدارسون والمتابعون للفجوة الرقمية بين مجموعتي الدول النامية والصناعية بضرورة وضع استراتيجية علمية لسد هذه الفجوّة والحد من آثارها وذلك بتنفيذ عدد من الخطط والاجراءات التي تتلخَّص في اعداد استراتيجية شاملة لتوطين تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ومعالجة المشكلة التنموية في العالم النامي بشكل يؤدي إلى تحريك كافة القطاعات الانتاجية ويؤهل الدول النامية إلى تحمُّل كلفة بناء قاعدة تكنولوجية ومعلوماتية، وإنشاء بنية علمية وتقنية توفّر
امكانيات اعادة انتاج هذه التنمية واستخدامها مع ربط شبكات البحث العلمي بمحيطها الاقليمي والعالمي، واعادة النظر في البناء التشريعي المنظم لتداول المعلومات وادارتها بشكل يتيح زيادة الطلب على المعلومات العلمية والإدارية والإهتمام بتكنولوجيا الاتصالات التي تعطي أعلى قيمة مضافة للنشاط الاقتصادي ومحفزاً قوياً لبقية القطاعات الانتاجية يضاف إلى ذلك أهمية تنمية الموارد البشرية وتشجيع القطاع الخاص ليصبح محركاً للإقتصاد الرقمي. وفوق هذا الاقرار الصريح من قبل النخب الحاكمة في الدول النامية بوجود هذه الفجوة والسعي لتجسيرها بكل السبل. السودان في معادلة الفجوة الرقمية: يتمتع أكثر من نصف سكان السودان بخدمات الاتصالات حيث بلغت نسبة الانتشار أو نسبة انتشار الخدمات للكثافة السُكانية 65.8% ونسبة التغطية التغطية الجوية لشبكات الاتصالات بالنسبة للمساحات المأهولة 47% ونسبة تغلغل الهاتف السيار 56.2%. فيما يبلغ عدد المشتركين بخدمات الهاتف النقال 19.393.281 شخصاً وعدد المشتركين في الانترنت 2.262.398 شخصاً بينما يبلغ مستخدمي الانترنت اكثر اربعة مليون شخصاً ويبلغ حجم الانفاق الشهري على الإتصالات 1758 $ شهرياً وتتلخّص أهمّ اغراض استخدام الانترنت في ارسال واستقبال الرسائل الإلكترونية بنحو 67% بينما يشكِّل الحصول على معلومات من المواقع الحكومية وفقاً لتقرير الهيئة القومية للإتصالات للعام 2009 - 2010م نسبة 55.2% وينخفض استخدام الانترنت في التعاملات البنكية إلى نسبة 7% فقط. واستخدام الانترونت في ارسال واستقبال البريد الالكتروني يبلغ 24.4%، اما استخدام الانترنت لأغراض الإتصالات فيبلغ 30.9%. وتبين هذه الأرقام أنّ السودان لا يزال يُعاني من فجوّة رقمية في المعلومات والإتصالات ووسائط الدخول إلى شبكة المعلومات العالمية مما يعزز التقارير الدولية والصادرة عن الاتحاد العربي للمعلومات التي تضع السودان في ذيل المجموعة العربية في استخدام تقانة المعلومات واقتصاد المعرفة. يضاف إلى ذلك الفجوّة الرقمية التي يُعاني منها السودان على مستوى التوزيع الداخلي بين الحضر والريف وبين قطاعاتها الاجتماعية والاقتصادية ومؤسسات البحث العلمي. ? المراجع والمصادر " ايفانز - قلوريا - الحكومة الإلكترونية - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 2007م. " حسن مظفر الرزو - الفضاء المعلوماتي - مركز دراسات الوحدة العربية - بيروت اغسطس 2007م. " ألفن توفلر - وعود المستقبل - دار المروج للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت 1986م " بيل جيتس - المعلوماتية بعد الانترنت - المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب - الكويت - مارس 1998م. " فرانك كيلش - ثورة الانفوميديا - الوسائل المعلوماتية وكيف تغير عالمناً وحياتك - المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب - الكويت - يناير 2000م " يوسف ابوبكر وآخرون - حرب المعلومات بين العرب واسرائيل - دار الجيل للطباعة والنشر والتوزيع - دمشق 1989م. " نبيل غالي - تحديات عصر المعلومات - دار العين للنشر - القاهرة 2003م. " نخبة من الكتاب - مستقبل الثورة الرقمية - مجلة العربي - الكويت يناير 2004م. " جلال امين - العولمة والهوية الثقافية والمجتمع التكنولوجي الحديث - مجلة المستقبل العربي - السنة 21 العدد 224 اغسطس 1998م - ص 60.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.