صوّب نواب بالمجلس الوطني انتقادات لشركات الاتصالات العاملة بالسودان، وهي أربع شركات، واتهموها بتبديد الاقتصاد السوداني، بل والمساعدة في انتشار الأمراض الناتجة من تشييد وعمل الأبراج المطلة برأسها فوق سطوح المباني وما يتولد عنها من إشعاعات مسموعة وغير مرئية، وكان ذلك في جلسة التداول حول بيان لوزارة وليدة أكدت أهميتها وسط الوزارات المنتشرة في خمسة وثلاثين مجالاً، وحققت الكثير، وبغيابها عن التشكيل الوزاري المقبل ينطبق عليها «وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت»، ذكر النواب أن الخدمات الاجتماعية التي تقدمها تلك الشركات لا تتناسب مع الأرباح التي تحققها. النواب الكرام في البرلمان السوداني لهم الحق في السؤال والإحالة وطلب الاستدعاء والمسألة العاجلة وكل ما يتعلق بسلطات الهيئة التي تشمل الجوانب الرقابية والتشريعية، ولهم الحق بتميزهم إذا يعتبرون «الدفعة» الوحيدة من جميع برلمانات العالم إذ تم انتخابهم مرتين.. المرة الأولي في السباق الانتخابي في الدوائر المنتشرة في « شمال» و«جنوب» البلاد، وقد بذلوا على المستوى الشخصي الكثير من الجد والكد في سبيل إقناع المواطن السوداني بدائرتهم بأنهم الأنسب، وبذلوا الكثير من وسائل الإقناع لأحزابهم بأنهم رأس الرمح لخطف المزيد من الأصوات والدوائر لأحزابهم ، وفيها أيضاً تفلتات حزبية في دوائر جعلت الأحزاب تضع قياداتها أمام تحدى الاستجابة للنظم والقوانين واتباع النظام الأساسي الذي يأطر للجميع. نواب البرلمان الحاليين تم انتخابهم للمرة الثانية تطبيقاً لنص الدستور في مادته رقم 226 التي فسرت مقولة قائد الأمة «الشمالي شمالي والجنوبي جنوبي»..فاز النواب المنتخبون في التصفية الثانية ليشكلوا الأعضاء المختارين.. لأهمية ذلك كان عامل الزمن مهم، لذلك طالبو ا الشركات العاملة في مجال الاتصالات ضرورة التعامل بالثانية. ركب الموجة أيضاً السيد مدير الهيئة القومية للاتصالات وذكر أنهم «بصدد» إلزام شركات الاتصالات كافة بالتعامل وفق نظام الحساب بالثانية للمشتركين بموجب قرار سيتم تطبيقه ابتداءاً من منتصف شهر يونيو «لم يذكر في أي سنة»؟! فجر المجلس الوطني الكثير من القضايا منذ العام 1952 م حينما تقدم النواب في البرلمان السوداني بخطاب إلى الحاكم العام يطلبون فيه أن السودان قد أصبح دولة مستقلة كاملة السيادة وعلى دولتي الحكم الثنائي الاعتراف بهذا الإعلان ... هذا المقترح وجد تجاوباً من جميع النواب وليس تأكيداً على استقلال السودان فقط ولكنه تأكيد على استقلالية مجلس النواب في اتخاذ ما يراه مناسباً من أجل الشعب.. هذه الدورة البرلمانية خاطت مداولات حرجة وقضايا ساخنة ذرف فيها بعض الأعضاء الدموع وبح صوتهم دفاعا عن استحقاقات من يمثلونهم أجازوا قانون الانتخابات وقانون استفتاء السودان وتكوين اللجان المشتركة والجلسة التاريخية لهذا القانون والجدل الذي دار بمكاتب تصويت الجنوبيين غير المقيمين بجنوب السودان وحقوقهم بالتصويت في أي مكان.. خاض البرلمان جدل جريمة الزنا وعقوبتها رغم الاعتراف بأنها جريمة، ولكن كان الالتفاف في ما عرف بالتقاليد والأعراف لغير المسلمين في العقوبة بدفع أبقار أو مبالغ مالية.. ملف التقاوي الفاسدة والجلسة العاصفة التي انتهت بتقرير أجيز بالإجماع بإحالة الملف للقضاء. النواب المنتخبون يرغبون وبإلحاح شديد أن تتعامل الشركات مع المواطن «الثرثار» بالثانية وهى وحدة قياس الزمن مع العلم أنه يمكننا حصر الزمن مبدئيا بالإحساس الجماعي ، فالمخترع الفرنسي «لوى كارتييه» عند اكتشافه لساعة اليد في العام 1904م لم يكن يضع في حسابه أن الثانية ستكون مجال نقاش لحساب «الكلام» فقد كان حساب الكلام بالحروف عند إرسال البرقيات عبر مكاتب البريد التي يديرها الحلفاويون-أهلنا في حلفا - والوقت عبارة عن ألف ميل ثانية وهي جزء من 60 في الدقيقة وهي أيضاً «أي الثانية» جزء من 3600 جزء في الساعة.. والثانية أيضا ً لها مقياس في الزوايا فهي تقسم للدرجة حيث إن الدرجة الواحدة تنقسم إلي 60 جزءاً تسمى الدقائق القوسية وكل واحدة من هذه تنقسم بدورها إلى 60 جزءاً تسمي الثواني القوسية... بعد هذه القياسات العلمية نتوقع من السادة النواب أن يحسبوا لنا كم كلمة مسموح بها للمتحدث العادي في الثانية الكلامية. قبل إحالة بيان وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات للجنة النقل المختصة كنت أتمنى أن يكسبوا الزمن ويضعوا بصماتهم في سياسة الدولة نحو خصخصة الاتصالات ودخول أكثر من 18 مليون مشترك يتمتعون بخدمة خطوط الاتصالات و11مليون مستخدم للإنترنيت، بخلاف الهاتف السيار الرمز الانتخابي لأحد الأحزاب. وإنجازات تمدد الشبكة القومية للألياف الضوئية لمسافات وصلت إلى حدود مصر ، إثيوبيا ، تشاد ، نيجريا اريتريا وعبر البحر للمملكة العربية السعودية وارتباط السودان بالعديد من الكوابل البحرية الإقليمية والدولية. إنجازات الوزارة في مجال الانترنيت وفصول الحاسوب التي تم تزويدها بحوالي 25 ألف جهاز حاسوب، والذي دعمه المجلس الوطني بإجازة قانون الحاسوب لم يجذب المستمعين في النقاش و كانت « الثانية » هي نجمة البيان الوزاري..لم يشد النواب بمحور البنيات التحتية للوحدات الحكومية والتي بلغت 11 مشروعاً ولا بمحور التطبيقات خاصة مشروع الصحة الإلكترونية. إننا نحتاج للزمن للمطالبة بإطلاق أبراج اتصالات صديقة للبيئة ، أبراج أنبوبية تساعد شركات الاتصال على تخفيض التكاليف وتحد من الانبعاثات الكربونية، نحتاج للزمن لنشر ثقافة التخلص من النفايات الالكترونية، نحتاج للزمن بالثواني وللزمن ثمن. إن السيد الوزير قدم بيان الوزارة ولم يقدم بيان الشركات..إن الزمن لا ينتظر، فلم يعد الحمام الزاجل أسرع وكالة أنباء في الزمن القديم مكانا ً في الزمن الرقمي، رغم أنه يقطع مسافة ألف كيلومتر بدون توقف وفي طيران مستمر.