كنا ثلاثتنا على الطريق السريع بإتجاه الشمال ، الممثل الكويتي إبراهيم الصلال ، صديقنا عراب الصحافة الفنية في الوطن العربي علي فقندش وصاحبكم العبد لله ، كنا في طريقنا نحو مطعم بحري في بلدة ثول الساحلية ، وفي تلك الأثناء كان صوت الفنان محمد عبده يخترق المدى من إذاعة روتانا إف إم وهو يردد ( خليك كده أحسن يا زهرة السوسن ) ، من كلمات إبراهيم خفاجي ، في تلك اللحظة ، قال الممثل الكوميدي الصلال أن تلك الأغنية لها ذكريات ما زالت ترتسم في خياله رغم أنه سمعها منذ أكثر من أربعين عاما أو تزيد ، وإنه جلب قبل سنوات شتلات لهذه الزهرة من تركيا من أجل استنباتها في منزله في الكويت ، لكن محاولاته باءت بالفشل ، عفوا سيناريو زهرة السوسن يذكرني بسؤال أحد الأصدقاء من المهتمين بالقطاع الشجري، الرجل سألني ذات يوم فيما إذا كان الزول اللي كتب نص زهرة السوسن السودانية والتي يشدو بها الراحل عبد الله الحاج شاهد تلك الزهرة بنت الذي والذين ، أذكر ان صاحبكم العبد لله قال للسائل الذي كان يمط صوته مثل محارب في جبهة قتال ساخنة كما يحدث حاليا في جنوبي كردفان ( الغره ) ، وهل تتصور يا صاحبي أنها كتبت في زهرة سرعان ما تزوي وتنطفيء مثل الإعصار ، قال الرجل هكذا يتخيل البعض ويتساءلون في أنفسهم ، على فكرة الزهور لها مدلولات وطقوس ، وهي في بعض الأحيان تستخدم كرمز للحب والسلام ونحن في الراهن أحوج ما نكون الى تفعيل ثقافة الزهور في مجتمعنا لأننا يا حسرة نعيش في أجواء الحرب الماحقة التي لا يدري أحد متى تنتهي من جسد الوطن الجريح ؟ ، فبدلا من الحرب ماذا لو تجاوزنا مشاعر العداء وقمنا بزراعة مساحة الارض التي تدور فيها المعارك بقائمة طويلة من الزهور التي يمكن ان تتصالح مع البيئة في السودان بدلا من تصدير الحروب والعداوات الى كامل جسد الوطن فربما تكون ثقافة الزهور والوردي المعدومة أصلا في السودان صالحة لما أفسده الساسة أولاد ( الإيه ) وتخرجنا من المأزق الكبير في ابيي ومنطقة جنوب كردفان ، بالمناسبة جارتنا أثيوبيا من أكثر الدول الإفريقية التي بدأت في تصدير الزهور إلى العالم ،والمفارقة المحزنة جدا أن بيئتنا تكاد تكون شبيهة بالبيئة الحبشية ولكننا نسد أذنا من طين والأخري من طين أيضا أمام الجماليات ، لأننا أصبحنا سادة في الحروب وسنظل نسير على هذا الدرب الى ماشاء الله طالما أن هناك مهوسون بالقتال والدبابين ، وطالما إن جرثومة العنتريات تنام في دواخلنا ، لكن بالمناسبة لعل وعسى ان قوة حفظ السلام الإثيوبية التي ستفرق بين بين الأخوة الأعداء في ابيي ستعلمنا ثقافة الزهور والوردي الشتولها جوه قلبي ، باعتبار أن جارتنا أثيوبيا ضليعة في ثقافة الزهور ، المهم كم نحن بحاجة إلى قوة سلام إثيوبية أخرى في مناطق العمليات الساخنة في جنوب كردفان ، وبعدها نغني لأصحابنا الأحباش الليل يا لولية بسحروك يا لولي الحبشية .