قبل عدة سنوات ، منعت إسرائيل الفلسطينيين من تصدير الورود في إطار حصارها على الإنسان والحيوان ، ولم يجد أصحاب الورد ما يفعلون به ، وعندها عمدوا الى إطعام الإغنام بالورود ، الله أكبر ، دي أكبر منجهة ، المهم في تلك الأيام صامت الاغنام الفلسطينية ، عن التهام الحشائش ، بعد أن وجدت أن طعم الورد جميل و(جميل الورد الورد جميل ) ، المهم ،حكاية منجهة الاغنام بالورد تذكرني بغياب ثقافة الورد في مجتمعنا رغم الكم الهائل من الاغنيات عن الورود والزهور في خطابنا الغنائي ، زهور للسوسن والليلاك والنرجس الى آخر القائمة ، وزهرة ندية وزهرة بخيلة ، كما ان مهرجان الزهور السنوي ، الذي يقام سنويا لم يشفع لنا بإيجاد علاقة متجذرة مع يا زهرة في خيالي . انتباه قبل عدة سنوات دخل محسوبكم محل لبيع الورود لشراء باقة لتقديمها في مناسبة اجتماعية ، البائع الهندي الثرثار ( هراني ) بالأسئلة والكلام في الفاضي والمليان ، وأخيرا ابلغني البائع انه سوف ينسق لمحسوبكم باقة ورد معتبرة من انتاج اثيوبيا ، في البداية لم استوعب المسألة اعتقدت ان صاحبنا الهندي طاف بذهنه ان صاحبكم حبشي وحاول جبر خاطره بأن الورد اثيوبية مائة في المائة ولكن قبل ان اخرج من عتبة المحل التقيت بصاحب المحل ويدعي عبد الله المحمود وعرفت منه انه في السابق كان يستورد الورود من هولندا ولكنه مؤخرا اكتشف ان اثيوبيا تنام اللهم احسن وبارك على جبال من الورود , يساعدها في ذلك مناخها المعتدل حيث تبلغ صادراتها من الورود حوالي 3 مليارات دولار امريكي في السنة ، كما تشير الدراسات الاقتصادية الى ان اثيوبيا تعتبر من اكبر الدول انتاجا وتصديرا للورود وان السوق الامريكية واسواق الخليج تستحوذ على 80% من انتاج جارتنا ، السؤال الذي يخترق الذاكرة ، هنا اين نحن من الاعجاز الاثيوبي ، نحن لدينا فائضا من المهندسين الزراعيين يسدون عين الشمس وربما لاتتفوق علينا في اعدادهم بالمنطقة سوى مصر ، نحن نمتلك اراضي زراعية في منطقتي النيل الازرق والدندر يمكن استثمارها وتوفير احتياجات منطقة الشرق الاوسط بانتاج رخيص التكلفة ، نحن لدينا مهرجان سنوي للزهور ربما يقارب عمره اربعين عاما ان لم تخني الذاكرة المثقلة بالهموم هل استفدنا من هذا المهرجان في تكريس ثقافة الورد في مجتمعنا ام ان صاحبنا المهرجان مجرد زوبعة في فنجان ، عموما اذا فشلت الجهات المعنية بالزراعة في جعل السودان يأخذ حصته الدولية من انتاج الورود اقترح اقامة مهرجان جامع وشامل عن الورود يتبارى فيه الشعراء فربما نتمكن بواسطة هذا المهرجان من غزو العالم بثقافة الورد السودانية الصميمة ، وربما بواسطة ثقافة الورود نتمكن من قطع دابر الحروب والمعارك التي ربما تقصف عمر الوطن ونجد ثمة شرخ آخر ، شرخ في الغد نضع عليه باقات من الورد ونتذكر ان هذا الجزء كان يا ما كان جزء من السودان ، اللهم إني صائم لا اريد تعكير المزاج العام .