هاتفتني زميلتي وصديقتي صاحبة اليوميات «د. سارة إبراهيم» بغرض المؤانسة.. وهي تقضي فترة «حداد وحبس» على زوجها وأبو العيال الذي توفي بغتة رحمه الله.. تاركاً وراءه حد زعمها.. ستائر سوداء تلف الدار وجوماً وصمتاً وكآبة!! وأثارت أشجاني وهي تحكي عن زوجها الراحل وكيف كان يحترمها ويعاملها كأميرة ولكم افتقدت وجوده في حياتها لكنها مجبرة على كسر حدة الحزن.. وغمس الريشة في الألوان لتبدد اللون الرمادي الساكن في الأركان.. وتمزج الأسود ليضحى أخضر!! وقالت بشجاعة إن الحزن لا يربي الأبناء.. بل يدمر دواخلهم النضرة يا صديقتي.. ويكسو بريق أيامهم ظلمة.. ويطمس لمعان الأمل في المستقبل.. ويقتل الطموح في دواخلهم..! لقد عمق حديثها في داخلي سؤالاً طالما أرقني هل يجب أن نعيش في جلبابين «كصاحب أشهر قصة فصام في الشخصية دكتور جكل ومستر هايد» بحيث نداري مشاعرنا الحقيقية عن الأبناء.. أم نترك لمشاعرنا العنان لتعرف حتى الحجارة الصماء كم تنزف الدواخل..! فهل يجب أن نحتمل وحدنا.. كي النار الحجامة.. والفصادة.. دون أن نطلق آهة.. حتى يعيش الأبناء في توازن نفسي لأنهم يستمدون منا القوة.. والابتسامة.. أم نفجر براكين الألم والحزن حتى تغدو حياتنا كالقفر اليباب؟!.. إن حياتنا لا تخلو من الألم والفجائع موتاً.. فراقاً.. ومعاناة.. لكن يجب أن نبتسم.. نضحك.. ونظهر الفرح ونبقى أقوياء في الظاهر.. وشظايا مهمشة في الداخل..! إن تربية أيتام لزوجة مفجوعة في أحلامها التي باعتها الأقدار على الرصيف ذات صباح.. أمر يكتنفه الحزن والسواد في كل جانب.. فكيف بها إذا كان الأبناء ينتظرون منك أن تبتسم وتتزين وتلون ملابسك.. وأنت غارق في الحداد..!! زاوية أخيرة: حين تصبح الزوجة.. أماً عليها أن تتجاوز كل مشاعرها المعطونة في الوجيعة.. ابتسمي عزيزتي رغم الألم.. وبددي الظلمة وأضيئي دنياهم.. فالأمومة تستحق الجنة فقط بما تقدمه من تضحيات لا يستطيعها الآخرون..!!