كان ولا زال للنجاح ضريبة باهظة، تدفعها بقدر قيمتك ووزنك ومدى نجاحك.. وللتميز.. قيمة مضافة تساوي تميزك.. ودمغة جريح لكل من جرحتهم بنبوغك وتفوقك! بوضع كل ناحج في الدنيا تحت مجهر دقيق، لا يفحص سوى عيوبه ومثالبه.. ينتظر الناس غلطة.. هفوة أو تصرف (إذا فعله شخص عادي لاعتبر عادياً).. لينصبوا له المحاكم.. والجلسات.. والمشانق.. وتباروا في إظهار عوراته وتركه عارياً.. ويأكلون من (لحمه بتلذذ دون أن يكرهوه) ويتناسون كل ما فعل وقدم ويغضوا أبصارهم عن محاسنه وأفعاله..إن وجود الناجحين تحت دائرة الضوء الساطع.. وكشافات المراقبين تجعل من حياتهم كأنهم يعيشون في بيت من (غير سور)، ليس لارتفاع سعر الأسمنت والطوب، على الرغم من أن هذا جزءاً من الأسباب التي تجعل كثيراً من الناس لا يجدون سقفاً ولا حائطاً يأويهم! إنما لأن آليات المجتمع التي تحاول أن (تعرف ماذا خلف هذا) تزيل كل العوائق بجرافات المراقبة، والتجسس وتتبع عورات كل العظماء في الدنيا، الذين لم يسلموا من قول أو فعل أو قلم يتفنن في رشق عبارات مسمومة منتقاة بعناية فائقة ودقة لتصيبهم في مقتل!!.سيد البشر.. وهادي الأمة.. محمد(صلى الله عليه وسلم) أذاه المشركون على الرغم من كامل علمهم بنسبه الشريف.. وصفاته التي فُطر عليها.. وأدبه وخلقه الرباني.. وقالوا أنه شاعر.. وساحر.. ومجنون حاشاه، فهو نبي كريم.. وكلما كانت العظمة والنجاح.. كان الابتلاء والأذى أكبر..لماذا يحارب الناس النجاح.. ويكرهون الأغنياء مادياً وفكرياً.. يتشككون دوماً في كيفية وصولهم إلى ما وصولوا اليه، من أين أتوا بالمال.. كيف حصلوا على هذه الدرجة العلمية الرفيعة.. لأن في أعتقادهم أن كل غني حرامي.. وكل ناجح وصولي.. يحاولون بشتى الوسائل هدم الصورة المثالية للناجح حتى ولو افتراء، بجعله صغيراً لاحساسهم بتحليقه فوقهم.. وشعورهم المرير بالفشل والدونية، وقله المواهب، التي جعلتهم يكرهون كل متفوق.. واستسلامهم للفشل والفراغ.. حرمتهم من أن يكونوا متميزين.. وأهلتهم لنيل درجة الدكتوراة الفخرية في كشف وتتبع عورات المسلمين.إن إقامة الحد ليس للفقراء فقط.. بل يطال كل ناجح بسيوف الفاشلين! أن البشر كلهم عرضة دوماً للأخطاء وارتكاب المعاصي والذنوب.. ولكن يجب ألاَّ يكون النجاح سبباً لتشديد العقوبة..!.بحجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورد الظلم.. فإذا كانت تلك حجتك حقاً دون أن تتنازعك مشاعر الغيرة والحسد وغيرها من الأمراض الملازمة للبشر، فابدأ بنفسك.. ثم أهلك.. وأحفظ لسانك وعينك عن بقية الناس.. فالله والقانون والدولة كفلاء بهم..لقد جاءت إمرأة لرسول (صلى الله عليه وسلم) وقالت له: (لقد زنيت) فقال لها عليه السلام (ربما فعلت كذا وكذا) ثلاث مرات، أن الأسوة الحسنة التي يجب أن نتبعها في التعامل مع الناس هو الهدي المحمدي الذي لم يتشدد يوماً وطالما التمس الأعذار للناس !.. زاوية أخيرة: قال عليه السلام (لا يؤمن أحدكم حتى يجد لأخيه سبعين عذراً)، لكننا نعيش في مجتمع كثير من الناس فيه لا يذوقون طعماً للحياة، إلا إذا وجدوا للشخص سبعين فضيحة..!!