أطبقت الحروب الأهلية وقسوة الطبيعية على الصومال لتجعل من هذا البلد المسلم اسوأ نموذج للفقر والجوع والمرض، منذ نهايات القرن الماضي وحتى بدايات هذا القرن الحادي والعشرين. «الصومال» حقيقة هو نموذج لمأساة «القرن» وهي كلمة -اي القرن- تقبل أن تفسر بمعنى القرن الافريقي، وتقبل أن تكون حاملة لمعنى القرن الحالي الذي بدأ مع بداية الألفية الثالثة. بالأمس أعلنت الأممالمتحدة من خلال بيان صادر عن مركز تحليل السلامة الغذائية في المنظمة الدولية، أعلنت حالة المجاعة في منطقة سادسة في ذلك البلد المسلم العربي (المنكوب)، حيث أصبح أكثر من سبعمائة وخمسين الف شخص مهددين بالموت جوعاً، مع صعوبة أوضاع أربعة ملايين صومالي يواجهون أزمات حقيقية تطلب تدخلاً إنسانياً عاجلاً من الأشقاء والأصدقاء والجيران وكل المجتمع الدولي. البيان (القاتم) أشار الى أن عشرات الآلاف ماتوا وغالبيتهم من الأطفال نتيجة لتلك الظروف الطبيعية القاسية، وافتقارهم لأساسيات العيش والحياة.. وتوقع البيان أن تزداد الأزمة حدة في حال عدم التجاوب العالمي معها، وأن يصبح الأمر كارثياً، خلال الأشهر الأربعة القادمة ويتم عادة إعلان المجاعة بناء على توصيف صارم لها من الأممالمتحدة، يفترض إحصاء عشرين بالمائة على الأقل من الأسر التي تعاني نقصاً حاداً في الغذاء، ورصد ثلاثين بالمائة من السكان يعاني من سوء التغذية الخطير، ونسبة وفيات يومية تبلغ حالتين بين كل عشرة آلاف شخص.. والوضع هناك تجاوز كل هذه المعدلات، ومما فاقم الأوضاع أكثر هو إنه لم يتم توفير أو صرف أكثر من تسعة وخمسين بالمائة من جملة الاحتياجات الحقيقية اللازمة لهذا البلد المنكوب وبقية دول القرن الافريقي التي تواجه جفافاً غير مسبوق.. وبلغة الأرقام والمال، لم يتوفر إلا ما يتجاوز المليار دولار بقليل، بينما الحاجة الفعلية تقترب من الاثنين مليار وخمسمائة مليون دولار، حسب أرقام الأممالمتحدة حتى بداية هذا الشهر (سبتمبر). اليوم يتوجه وفد سوداني رفيع الى «الصومال» هذا البلد الشقيق يقوده الدكتور نافع علي نافع ويضم عدداً من القيادات الحزبية والتنفيذية، ولا نحسب أنه سيناقش شيئاً غير تقديم المساعدة العاجلة لأشقائنا في الصومال الذين يعانون من ويلات الحرب والمجاعة والجفاف، والزيارة ستكون ليوم واحد، قصيرة لكنها تحمل في طياتها الكثير من الحب والود والإخاء وقليلاً مما يحتاجه أشقاؤنا في «الصومال» لكن شق التمرة يُدخل الجنة، ونواة التمر تسند (الزير).. ونسأل الله أن يفتح أبواب رحمته ورزقه الوفير على أشقائنا في الصومال، وأن تصمت آلة الحرب هناك الى الأبد ليلتفت أبناء الصومال الى بناء دولتهم التي حطمتها اطماع البشر وطموحات البعض التي لا تقف على أرض ثابتة أو صلبة.