بات الحديث عن السلوك الفاضح والمشين سمة كل المجالس على اختلافها الرسمي والشعبي.. وأكثر ما يغيظني أن المجتمع أصبح يجرِّم بعضه وأصبح كل منهم يعصر «مخه« للبحث عن الأسباب دون أن يضع نفسه مكان اتهام.. فإذا أخذنا مثلاً الملابس المغضوب عليها والتي ترتديها بناتنا في الجامعات، ولنسأل أنفسنا لماذا تركت بناتنا الزي المحتشم وأصبحن يلبسن ملابس تظهر مفاتنهن دون أن يشعرن بأنهن يفعلن ذلك.. وفي ظني أن لذلك أسباب كثيرة أولها الاستلاب الثقافي الذي كنا نخشى منه في مطلع تسعينيات القرن الماضي، والذي مُنع من أجله دخول أجهزة الدش والديجيتال، وقلنا إن الثقافات الخارجية سترد إلينا وستغير مجتمعنا المحافظ. لكنني سادتي لم أكن أتوقع أن أكون موجودة حتى أرى آثار الاستلاب الثقافي وأكون شاهدة عليه.. والآن وعلى الرغم من أن الجميع ساخط على ذلك الزي، إلا أن البنت تخرج به .. وهناك التسهيلات التي تمنحها الحكومة لمستوردي هذه الملابس التي تباع في الأسواق وبأسعار زهيدة جداً.. وبالمقابل يباع الزي المحتشم بأثمان مضاعفة وبجملة حساب بسيطه نجد أن «العباية» سعرها أكثر من «65» جنيها وما فوق، بينما الزي الآخر لاتتعدى «اللبسة» الواحدة ال«21» جنيها.. فبالله عليكم إلى أي منهما تتجه الطالبة بدخلها ودخل أسرتها المحدود، خاصة وأن البنات في هذه الفترة من العمر يملن للتجميل. أما السبب الآخر فهي الأسرة التي تخرج الطالبة من أمامها وهي ترتدي هذا الزي، وفي أحيان كثيرة يكون والدها أو أخوها هو من يقوم بتوصيلها للجامعة والغريب أنه بعد أن ينزلها ينخرط مع المهاجمين للمجتمع وللطالبات ولزيهن الخليع وكأنه لم يساهم في نشر هذا الزي.. إذن «وليان» بناتنا قد أخذتهم الثقافة الوافدة وأصبحوا «مرنين». صدقوني هذه الأسر لم تصبح مرنة مع الزي فقط، بل في غالبية سلوكها. وقد قال لي أحدهم: إن الأسر أصبحت تجلس أمام التلفاز ولا يتململ منهم أحد، لا الرجال ولا النساء.. ذلك الجهاز الصغير الخطير الذي تغلغل سمه في العقول وأصبح يسري في جسد مجتمعنا فيفسده ولا يجد الأطباء طريقاً للعلاج.