اليوم وعلي غير العادة أحاول أن أزج بنفسي في عالم لم أعد أعرف عنه الكثير، لكن ما جعلني أكتب هذه السطور هو الحديث عن الأغاني الهابطة، حيث إنني لا أؤمن بهذه الكلمة، فالفن دائماً ما يعبر عن المجتمع. إذن سادتي لا نقبل لأنفسنا أن نكون هابطين.. فالمجتمع سادتي دائماً ما يطرب للأغاني والكلمات التي تعبر عنه، فإذا كان هناك بعض الفنانين يركنون لنوع معين من الكلمات، فهذا يرجع لطلب هذه الأغاني من فئة في المجتمع، هذه الفئة من الصعب تجاوزها.. وفي ظني أن هناك بعض الأغاني ذات كلمات غير.. لا تشبه المجتمع السوداني ولا ترفعه إلى الأعلى، بل تقعده كثيراً.. فالفنون كما هي تعبر عن المجتمع، ترسم صورته أيضاً ويجب أن نأخذ هذه الكلمات التي نطلق عليها (الهابطة) في عين الاعتبار، ونحدد بها مشاكل المجتمع المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فهذه تعتبر أضلاع مثلث لا يمكن أن تنفك عن بعضها أبداً، لذا نحن نطالب الباحثين في هذا المجال بالبحث والتجريد لهذه الأغاني لتحديد الطريق الذي يسير فيه المجتمع، فإذا كان خيراً (خير وألف بركة)، وإذا كان شراً فليبدأ المجتمع خطوات المعالجة.. الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وقد كنت أقوم في بعض المرات بتحليل أغاني البنات لمعرفة أبعادها، فقد كانت تقول إحداهن وذكرتها في هذه المساحة ü أنا ما بدور المزارعية ü مزارع يمه عيشتو قوية فهذا يعني أن القطاع الزراعي به خلل كبير ويجب أن يصحح.. أما غياب المعلم وعدم حضوره في أغاني البنات كما كان يحدث في السابق، كما غاب المغترب الذي تتمناه الأسر لإصلاح حالها، أمر يدعو للوقوف عنده، فقد كانت البنات تغني في السابق ü كما أن هناك أغان تمجد القوات المسلحة والشرطة وتأكد للناس قيمة الأمن، فهناك أغنية تقول: أنا بريد البواليس.. أنا بريد عساكر الجيش وكل ما ذكرت سادتي كان يعبر عن مجتمع البنات وما يدور فيه، وتطورت هذه الأغاني مع تطور المجتمع. لكنني اعتقد جازمة أن الخلل الذي دعا البعض لوصفها بالهابطة يكمن في أن الرجال والفنانين الشباب هم الذين يرددونها. المهم سادتي اعتقد أن المخرج الوحيد للخروج من هذا النفق المظلم هو الدراسة وليس الوقوف بعيداً ورمي المجتمع بالصفات غير اللائقة.