الصومال الشقيق رغم كوارثه ومحنه الإنسانية التي لا تنتهي، فإنه يُشارك بفاعلية في دورة الألعاب العربية في نسختها الثانية عشرة في قطر.. وفريق كرة السلة الصومالي للبنات المشارك بقوة في منافسات كرة السلة يتكون من اثنتي عشرة لاعبة، جُلهن من الفتيات الصوماليات المقيمات في أمريكا الشمالية واوروبا، خمسُ فتياتٍ فقط جئن مباشرة من الصومال للمشاركة في الدورة العربية، وسبع فتيات جئن من الولاياتالمتحدة، وكندا، والمانيا، وفلندا، وهولندا، والمملكة المتحدة، وراعيتا الفريق السيدة شكري دايباس قَدمت من المملكة المتحدة، ورفيقة دربها السيدة حواء قَدمت مع ابنتها الطبيبة من المانيا، وابنتها لاعبة في فريق السلة الصومالي للفتيات، وشكري وحواء وثالثتهن السيدة (برلين)، من اللاعبات المشهورات في الفريق الوطني الصومالي لكرة السلة قبل نحو ثلاثة عقود، وقد تعاهدن على إعادة الفريق الوطني الصومالي لكرة السلة للفتيات من جديد، وعقدن قبل سنة اجتماعاً مهماً في فنلندا، حيث تقيم برلين، وقررن أن يعملن على إعادة الفريق من الفتيات الصوماليات المتواجدات خارج الصومال، والسيدة شكري التي تعرفت عليّ، بداية ظنت أنني من مدربي فريق الملاكمة السوداني.. ثم أعربت عن سعادتها بعد أن عرفت أنني أعمل في مجال الإعلام والصحافة..! وقالت لي: إن لقاء ثلاثتهن في فنلندا اخرج إلى حيز الوجود فريقاً صومالياً من الفتيات المتميزات، وهذا اللقاء الأول الذي يجمع هؤلاء الفتيات في قطر، وقد تمكّن خلال أيام قليلة من التجانس واللعب بقوة وندية مع الفرق العربية، حيث لعبن مع فريق مصر وخسرن الجولة، ولعبن مع قطر وفزن بالمباراة، ومازلن يواصلن المشوار مع الفرق الأخرى.. و أضافت شكري أن زميلتهن برلين تتولى معظم تكاليف الفريق والإنفاق عليه، ويجدن مساندة من الجاليات الصومالية في المهجر خاصة قطر، وأنها وزميلتها حواء إضافة إلى مساهمتهن في دعم الفريق يتولين مهمة تدريب الفريق.. وشكري التي حازت الجنسية الهولندية تقيم حالياً في المملكة المتحدة، ولديها مطعم هناك، ولكنها شغوفة بحبها القديم المتجدد كرة السلة، وحريصة على أن تعود الصومال إلى منصات التتويج من جديد، وعسى أن يكون في الرياضة ما يُشجع أهل الصومال على وقف الاقتتال وعودة السلام والوئام والمحبة من جديد.. وشاركتها حواء الحزن على ما آل إليه حال الصوماليين الذين تشتتوا في قارات العالم كلها، وتأمل وتدعو الله أن يعود السلام إلى الصومال وتخمد نار الحروب والفتن المستعرة هناك.. وقالت إن هناك بصيص أمل في الرياضة، وفي الفرق الصومالية التي تتكون في المهجر.. وقالتا بصوت واحد: إن علاقات الصوماليين مع السودانيين مميزة، وتأملان أن يجد فريق السلة للبنات فرصة للعب مع بنات الخرطوم..! كان ذلك جزء من أحاديث شتى من لقاءات مع الوفود في صالة الطعام، التي تُتيح فرصة اللقاء بجميع الفرق المشاركة والتعارف وتبادل الأحاديث الودية، وقد أصبحت القاعة الضخمة أيضاً فرصة ذهبية أمام الدول التي تحصد الذهب، فسرعان ما يجتمعون في القاعة ويعبرون عن فرحتهم بالغناء والهتاف.. والسودانيون ينتظرون هذه اللحظة بفارغ الصبر للاحتفال بأول ميدالية ذهبية..! وفي القاعة ذاتها، فإن الناشئة السوداني هشام محمد إبراهيم مدني يحظى باهتمام خاص كونه أصغر المشاركين في دورة الألعاب العربية، ويتكون الفريق السوداني لناشئي الشراع بالإضافة إلى هشام من: مازن منصور إبراهيم- وأحمد مجدي أحمد- و تتراوح أعمارهم ما بين 11 إلى 13 عاماً، ويتولى مهمة تدريبهم الكابتن محمد إبراهيم مدني.. وقال مدني :إن الدورة فرصة ممتازة للناشئة لمزيد من الاحتكاك والتدريب.. وتوقع أن يحققوا نتائج طيبة رغم أن حالة البحر حالت دون قيام أكثر من منافسة، إلا أنهم يواصلون تدريباتهم وعطاءهم دون توقف.. و قال: إن ناشئة السودان شاركوا في أكثر من منافسة عربية في قطر، والمغرب، والإمارات، وهناك تعاون ممتاز مع الاتحادين القطري والإماراتي.. وأوضح أن اللعبة تجد اهتماماً كبيراً من الناشئة في السودان، وأن الاتحاد لديه 12قارباً للناشئة، ورغم التكلفة المادية الكبيرة لهذه اللعبة إلا أنهم حريصون على أن تكون اللعبة ذات الشعبية الواسعة في السودان..! ومع أن الحظ لم يبتسم للسودان بذهبية حتى كتابة هذه السطور عصر الجمعة، إلا أن لاعبة ألعاب القوى آمنة بخيت أنعشت الآمال بحصولها على البرونزية في سباق 10 آلاف متر، وهي المشاركة الأولى في العدو ل10 آلاف متر، وإن كانت قد سبقتها (محاسن) في رفع الأثقال بفضية، و(عالية) ببرونزيتين.. ولمشاركة آمنة بخيت في هذا السباق (قصة) يجب أن تروى، حيث إنها لم تدرج بداية في المسابقة، ولكن مدربها عبد الله عصار كان متحمساً لمشاركتها، وأصر على ذلك، وعاد إلى مقرر اللجنة المنظمة وسجل اسمها للمشاركة، وقال إنه بهذا التسجيل أنقذ المسابقة من الإلغاء، حيث لم يكن مشاركاً فيها إلا فريقا المغرب والبحرين، وبتسجيل آمنة بخيت ومشاركة السودان عادت المسابقة إلى الأضواء مرة أخرى..! وقال: إن خطته كانت أن تلازم آمنة منافستها المغربية لأنها لاعبة خطيرة جداً، ومرشحة للفوز.. ولكن آمنة تشبثت بالخطة جيداً وظلت ملازمة لغريمتها المغربية حتى اللحظة الأخيرة، وظلت وراءها طوال الوقت، رغم محاولات المغربية استفزازها وإتاحة الفرصة لها للمرور، وقال بالرغم من ذلك فإن آمنة تعجلت في اللحظات الأخيرة وتخطت المغربية، ولو أنها صبرت في التخطي قليلاً لتجاوزتها بفارق 50 متراً..! وقال عصار: إن السودان كسب لاعبة جديدة في سباق10 آلاف متر.. وأن الآمال معقودة على آمنة (دولار)، في أن تحقق نتائج أفضل في منافسات قادمة.. وعن تسميتها بآمنة دولار، قال إنه اكتشف اللاعبة آمنة بخيت في مدينة الابيض قبل سنوات، وكانت وقتها ترتدي (فانلة) كتب عليها(دولار) فأسماها دولار، وأصبحت تُعرف بآمنة دولار.. وما زال عصار متفائلاً ونحن معه، بأن تحقق ألعاب القوى العديد من المكاسب، وتُعيد الابتسامة إلى جماهير الرياضة، وخاصة ألعاب القوى.. وكانت ألعاب القوى التي بدأت منافساتها يوم الخميس 15ديسمبر في استاد خليفة محط اهتمام الجماهير بعد كرة القدم.. وقد كان الأستاد في حُلة بديعة مع إضاءة ساحرة وتكنولوجيا متقدمة في عالم الميديا، والتصوير التلفزيوني، وتكنولوجيا متقدمة في عالم الديجتال، من حيث الرصد الدقيق للنتائج بكسور أقل من الثانية الواحدة، وظهر ذلك جلياً بفوز المتسابق العُماني على نظيره القطري، بعد أن أظهرت الكاميرا فوز العُماني وليس القطري، الذي تلقى التهنئة في البدء، ولكن أُعلن عن فوز العُماني الذي لم يٌصدق في بداية الأمر، ثم عمت الفرحة العمانية الهادرة المدرجات..! وكلما شاهدنا في قطر أو في أي مكان آخر في المعمورة استاداً رياضياً أو منشأة رياضية على مستوى عالمي، نقول متى يكون للسودان مثل هذا أو أقرب منه..؟ ومتى يخرج السودان من(حفرته) وينهض به أبناؤه نحو العلا والمجد.. متى تصبح مدينة السودان الرياضية واقعاً، وقد أصبحت في قائمة المستحيلات: الغول والعنقاء والخل الوفي والمدينة الرياضية..!