زيارة سلفا كير رئيس دولة جنوب السودان إلى إسرائيل بالأمس وتصريحاته العلنية والصريحة للغاية قطعت قول كل خطيب. فقد ذهب الرجل إلى تل أبيب في أول زيارة من نوعها ليجزل الشكر للدولة العبرية التي لولاها - كما قال - لما قامت دولة جنوب السودان ولما صمدت حركة التمرد ولا ظفرت مؤخراً بالقضاء على الجنرال أطور. العلاقة بين أنانيا الثانية والحركة الشعبية بعد ذلك هي علاقة قديمة طالما أكد عليها واعترف بها اللواء جوزيف لاقو في مذكراته.. وكشف عنها الغطاء مؤخراً وفد السيد ياسر عرمان الذي ذهب إلى هناك في إطار (تحالف كاودا) بغرض استقطاب الدعم. ويقول آخرون - وهم على حق - إن اغتيال الدكتور قرنق بعد شهر واحد من أدائه اليمين الدستورية نائباً أولاً للرئيس البشير وهو في طريق عودته من كمبالا هو مؤشر آخر على وجود إسرائيل في الشأن الجنوبي الخاص والعام على نحو مستمر. فالراحل قرنق كان يرى أن المواطن الجنوبي في بور والمصري في الإسكندرية يشربان من ماء واحد هو ماء النيل. ومن ثم كان طلبه بإقامة فرع لجامعة الإسكندية في الجنوب يأتي في ذلك السياق. وفضلاً عن ذلك فهو - أي قرنق وحدوي وليس بانفصالي وذلك كله لا يتفق والهدف الإسرائيلي الذي يرمي للانفصال - كما أكد السيد سلفا - واستغلال منابع النيل أسوة بذلك ككرت ضغط وتحقيق لمآربها وحلفائها. ولا ندري بعد الآن إن كان تحالف - ما يسمى بالإجماع الوطني وهو بديل لتحالف وتجمع أحزاب جوبا بعد استقلال دولة الجنوب سيستمر على حاله أم يغير رأيه وتعويله على ذلك الكيان وقد عرفت جوبا أين هي مصلحتها وكيف تحصل عليها - أي أصبحت كل الأوراق بيد العدو الإسرائيلي وحلفائه لأن سلفا وحركته الشعبية يدينان لها ويعترفان بفضلها عليهما. وما قاله رئيس جمهورية جنوب السودان سلفا في تل أبيب لا يحتاج إلى مزيد. لقد حددت الدولة الوليدة في الجنوب أهدافها وخياراتها بوضوح تام وأكد مؤسسها أن إسرائيل كان لها دورها في تحقيق الانفصال من قبل كما سيكون لها فضلها ودورها من بعد في بناء الدولة الوليدة ورعايتها. وقد قطع سلفا في زيارته بالأمس إلى إسرائيل الشك باليقين.