يوم السبت.. أخرج لا ألوي على شيء.. في سوق بحري.. ذهبت لاحتساء كوب من القهوة.. لكن (زبونتي) غائبة.. شربت من غيرها على مضض.. الحسناوات الشرق أفريقيات يذهبن ويجئن بأجسام متفاوتة بين الطول والقصر.. يرتدين ثياباً متبرجة وليست أنيقة.. اقرأ الصحف.. وأرد على تحايا مختلفة.. بعضهم يسألني في لطف: ما شفت آخرتا.. أرد بابتسامة مصطنعة.. البعض يناوشني ما تكتبوا لينا عن الغلاء.. متسول أعمى تقوده ابنته.. يقفان في انكسار وتمد الفتاة يدها.. الجميع لا يتجاوب معها أغاظني صمتها وعدم حيويتها فلو تحدثت وحفظت بعض عبارات التسول التي تغري بالدفع لكانت قد حققت عائداً أكبر.. لماذا حتى المتسولين عندنا لا يتقنون عملهم.. لا يجيدون فن التسول.. بعض المتسولين والمتسولات من فئة الغجر عندما يتسولون يتحفونك بعبارات الدعاء ويلحون لكن في مهارة قد تضطر إلى إعطائهم ليس لأنهم في حاجة إلى النقود لكن لاجتهادهم واجتهادهن في تقديم دراما شوارعية جيدة.. الذباب يناوشني عرفت أنه ليس ذباباً.. إنه نحل صغير ربما جذبه إليّ الطيب الذي استخدمه.. أنهض.. أذهب إلى المحطة.. لأتناول حافلة.. أركب (جنب الشباك يا عبد) اتطلع.. تتحرك الحافلة.. لافتة ضخمة على قماش أبيض تحرض المواطنين على الثورة على الحريات الأربع مع دولة جنوب السوادن.. اندهش من الذي يقف ضد حريات مهما كان متقاعساً.. إنه بلد عجيب.. امرأة تجلس بقربي تتدفق وتضغطني على الشباك لا أستطيع أن أحتج.. لماذا لا أدري.. احتملت حتى انفرجت بنزول راكب.. انتقلت إلى مقعد فرادي.. بتاع الحركة يوقف الحافلة.. يذهب معه السائق ثم الكمساري عشر دقائق أو أكثر ولا أحد يعتذر لنا عن التأخير.. لا السائق.. ولا الكمساري ولا شرطي المرور.. حلواني ضخم افتتح حديثاً هل يجد من يشتري؟.. بقرب الحلواني صبية من الشماسة يبحثون عن بقايا طعام.. تمضي الحافلة وثمة غبار في الجو إن أغلقت النافذة تعرقت من الحر.. وإن فتحت النافذة استنشقت الغبار.. نزلت.. المسافة من المحطة إلى البيت قريبة نسبياً لكني آثرت أن امتطي الحشرة المسماة (ركشة).. صاحب عربة يجيء يمين الشارع.. وسائق الرقشة يتطلع إلى أصحابه كاد يصطدم به لو لم أنبهه.. قال لي: ده زول عجيب.. قلت له: أنت أعجب منو.. أمامك عربة وأنت تنظر إلى أصحابك كاتلاك الحنية.. ضحك وربما خجل.. نزلت يا رب ما تكون الكهرباء قاطعة.. لم تكن قاطعة أحل الكلمات المتقاطعة.. اسم نجمة المتقاطعة رجاء بلمليح (يطرشني ويعميني).. لكني توصلت إلى الحل.. مرض صدري قبل أن أنظر هو اإما سل أو ربو.. ممثل سوري هو دريد لحام أو جمال سليمان.. يطلع جمال.. لماذا كلماتنا المتقاطعة ضحلة إلى هذا الحد.. الوقت يمضي.. أخرج إلى ممارسة التسكع في كوبري الحلفايا.. أمشي.. أنظر إلى الأفق اتأمل لوحة الغروب.. أتوقف حتى تسقط الشمس في مستقرها تماماً.. سيحين غروبنا ولا شك.. أتذكر بيت المعري الحارق: فلا أفرح إذا أجلي خطاني *** سيأتي الموت أغفل ما أكون أستغفر الله.. أعتقد أن المشوار انتهى..!