ü دعاة الحرب في وادي.. وواقع البلد في وادٍ آخر غير ذي زرع.. ديوان الزكاة يقول إن نسبة الفقر 46% أي نصف عدد السكان فقراء ومعدومون.. والأمر ببساطة أسبابه واضحة فالحروبات الكثيرة والصراعات أكلت الأخضر واليابس وأهلكت الزرع والنسل.. كيف تتحقق معدلات النماء والإنتاج وأهم ولايتين يعتمد عليهما السودان في غذائه الآن داخل دائرة الحرب والمدافع.. والبون شاسع بينهما وبين الدخول في عملية الإنتاج الزراعي والحيواني!! ü صورة أخرى للواقع المر.. نقرأ من ملخص خبري قدمته الزميلة والمحررة النشطة فاطمة عوض عن تقرير صادر من وزارة الصحة حول الوضع الوبائي بالبلاد.. ويشمل حالات الحصبة والدفتريا والكبد الوبائي.. و أشار التقرير لعدم تطعيم 76% من المواطنين ضد المرض!! ü لا نريد أن نخوض في التقرير كثيراً ولكننا نشير إلى الأسباب وراء ارتفاع الأوبئة التي عددها المصدر في المواقع الجغرافية والتداخلات مع الدول، والظروف الأمنية والنزوح واللجوء والكوارث الطبيعية والفيضانات والجفاف. ü إذن الحال يغني عن السؤال، وهل هناك حال أصعب من قول التقرير إن مرض «الجرب» قد تفشى في الولاية الشمالية!! و«الجرب» من الأمراض القديمة والتي يعود تاريخها إلى اكثر من 3500 سنة.. وكثير من الدول قد عالجته وشطبته باعتباره من أمراض التاريخ التي لايجب أن تعود بصورة وبائية كما قال تقرير وزارة الصحة!! ü إذن نعود مرة أخرى ونقول إن هذه الأمثلة التي أوردناها-وما خفي أعظم- تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن هذا البلد «وقف» تماماً ولم يعد بإمكانه أن يتحرك للأمام كثيراً.. والقصة تحتاج «لدفرة» والدفرة هنا هي المحاولات التي تبذل هنا وهناك للوصول لتفاهمات سواء مع دولة الجنوب أو الجبهة الداخلية أو المجتمع الدولي من حولنا.. هي محاولات «واقعية» وليست «تهويمية» كما يعتقد الذين يروجون للحرب ويرفضون «شعارات» كبيرة أثبتت الأيام صعوبة تنفيذها لأن المقومات والأسباب غير متوفرة إن لم تكن معدومة!! ü قالت لي السيدة الأمدرمانية المتقدمة في السن: الناس تعبت والوجوه أضحت شاحبة والأجساد نحيلة و الناس «بردوا».. قلت لها يا حاجة الجزء الأول من كلامك صحيح والتاني لا اتفق معك فيه - الناس لم «يبردوا» ولكنهم يمدون حبال الصبر وأخذ الأمور بالحكمة والتعقل حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً. «الجرب» يمكن علاجه بالأدوية و لكن ماذا عن «الجرب» السياسي الذي ينتشر في جسد البلد بأكملها.