الخبر الأكيد أن الحكومة الموقرة ستزيد أسعار المحروقات.. طبعاً اتخذ القرار السادة الذين لا يستخدمون المواصلات.. ولا يسعون في سوق الله واكبر.. حتى يتلمسوا أثر هذه الزيادة.. البعض يدعم القرار بأن سعر الجالون في « إنجلترا » أكبر بكثير من سعرنا وكذلك في« أمريكا » .. يريدون منا أن نسير معهم بسيرة الشعب الإنجليزي والأمريكي ولا يسيرون فينا بسيرة حكوماتهم التي تنفق على العاطلين.. وتدعم المتبطلين.. ولا تقطع كهربتهم ولا يعانون من مواسير مياههم.. والشاهد أن السوداني حين تضيق بيهو الأرض السودانية الواسعة يتجه إليهم لاجئاً سياسياً ومن ثم يتمتع بمزايا مواطنهم.. ويعيش ملكاً. أنا أركب المواصلات العامة.. وأمشي في الأسواق.. وأعرف كيمياء المواطن المسحوق تماماً.. من يكتفي بوجبة سندوتش طعمية لأنها الأرخص وهي ليست سوى (عيش بالعيش).. سيئة الصنع.. محمرة على زيت مستخدم أكثر من مرة.. لكنهم يدوسونها متكئين على صب كمية من الشطة حتى تجعلهم يلتهمونها بسرعة فلا يفكرون في مذاقها.. (يبتلعونها).. سأحكي لكم عن المواصلات في أيام غدوي ورواحي.. اشتجرت مع سائق (هايس) لأنه رفض حمل مواطن.. يريد أن يدفع جنيهاً وليس معه العشرون قرشاً.. تذكرة الرحلة جنيه وعشرون قرشاً.. فقال لي ما تقوله الحكومة.. أنا بشتري اسبيرات وبقطع « إيصالات» حركة و.. و.. قلت له : أنا سأدفع « شيلو» .. رفض.. طلبت أن أنزل.. فقال لى: إنت زول غريب.. تنزل عشان أنا طالبت بي حقي.. قلت: نعم لأن من لا يرحم لا يرحم. مرة ركب شاب معنا الحافلة وعندما طالب الكمساري بالأجرة.. قال: ما عندي.. فتفسح فيه الكمساري.. وأخبر السائق الذي انفجر.. أنحنه.. و.. وقال نفس كلام الحكومة.. وطالب الشاب بالنزول لكننا دفعنا ثمن التذكرة للشاب.. فأحسسنا بانكسار خاطر الشاب وحرجه الشديد.. هذا لا يمر عليكم سادتي الذين تصدرون القرارات.. ستزيد أجرة المواصلات.. وسيزيد عدد الذين يستجدون حق المواصلات.. زيادة المحروقات ستزيد أقل وأتفه وجبة شعبية (سخينة).. والسخينة لمن لا يعرفونها هي بصل محمر في زيت مدلوقة عليه كمية ماء.. ثم خبز يرش عليه.. هذه الوجبة البسيطة التافهة ستستعصى على الفقراء بسبب زيادة المحروقات.. سيقول السادة: سنعمل على درء آثار ذلك بحلول ومعالجات لكنهم لن يفعلوا شيئاً.. عندئذ لن يحدث شيء.. البعض يقول إنه ستقوم ثورة.. ولكن حتى هذه تحتاج إلى طاقة لن يجدها المواطن حتى يتظاهر.. إلا أن يستلف الفقراء حناجر الموسرين حتى «يهتفون» بها. أذكر في زهو الشباب أننا كنا (مقيلين) في بيت الشاعر محجوب شريف.. ولم نكُ نفكر في الطعام كثيراً.. فكان محجوب آنذاك يشكو قلة الفئران.. وهبط علينا فجأة الفنان محمد وردي.. وجالسنا في حجرة بلا مراوح ولا نوافذ مشرعة.. فكان وردي يعرق ويحاول طرد السخانة.. طبعاً لا يستطيع الشكوى.. ولما حان وقت الغداء أصر محجوب على أن يتغدى وردي معنا حيث لا غداء للأسف.. وافق وردي.. فلم يجد محجوب سوى «سخينة» بصل ب« رغيف بائت» .. فأحضرها.. وأخذنا نلتهمها.. فقال وردي لمحجوب.. ما ملاحظ يا محجوب إنو عندكم السخانة ومشتقاتها السخينة.. و .. فيا حكومة الهنا.. زيدي المحروقات وافعلي ما يحلو لكِ.. بس ختي في بالك حكاية «السخينة» و «السخانة » ..