إذا كان الربيع العربى أسقط أربع حكومات والخامسة تترنح.. فإن الربيع الأوربي الذي انطلق في أعقاب الأزمة الاقتصادية في أمريكا ودول الغرب في خواتيم العام 2008 أطاح حتى الآن بتسعة رؤساء.. في الدول العربية كان السقوط بسبب الفساد المالي والإداري.. و كان ثمن التغيير هو أنهار من الدماء والدمار.. أما في أوربا فإن السبب هو مضاربات البنوك في مجال العقارات فتهاوت المؤسسات المصرفية والشركات الكبرى فسقطت الحكومات التسع عبر صناديق الاقتراع.. وكانت البداية بسقوط حكومة أيرلندا في العام 2011 تلتها البرتغال ثم اليونان وإيطاليا وأسبانبا وسلوفاكيا المنضمة حديثاً لمنطقة اليورو.. وهولندا ثم اليونان للمرة الثانية وهي الدولة الأكثر تضرراً من الأزمة الاقتصادية.. وأخيراً فرنسا.. والسبب الرئيسي في تساقط الحكومات الأوربية هو تبني أوربا سياسة الانفاق بهدف تقوية المؤسسات المالية وإنقاذها من الانهيار عقب الأزمة التي ضربت أوربا.. ومن ثم تبنت تلك الدول سياسة التقشف لتغطية العجز الناتج من الانفاق دون أن تنفق على التنمية.. هذه السياسة أدت إلى وضع اقتصادي (هش) وارتفاع نسب البطالة مما جعل الزعماء الأوربيين يعقدون اجتماعات تحت مظلة (منطقة اليورو) دون التوصل إلى نتائج حاسمة تحمي حكوماتهم من السقوط.. وقد استغلت الأحزاب المعارضة في تلك الدول أخطاء الحكومات ورفعوا شعاراً رافضاً (سياسة التقشف) التي تعني خفض الانفاق الحكومي ورفع مستوى الضرائب.. وهو ما يؤثر ابتداءً في معيشة المواطن.. مما دفع إلى البحث عن سياسة بديلة عنها.. وقد ركز هولاند فى حملته لانتخابات الرئاسة في فرنسا على رفض هذه سياسة التقشف وكان كثيراً ما يردد في حملته الانتخابية مقولة (فكرة التقشف لا يمكن أن تكون قدرنا). في السودان اتبعت الحكومة ذات النهج الأوربي في معالجة الأزمة الاقتصادية بعد خروج عائدات النفط من الموازنة.. حيث أعلنت عن سياسة تقشف ومنعت وقيدت عمليات الاستيراد.. ومن ثم ضخت أموالاً للحفاظ على سعر الصرف ومحاربة السوق الموازي للعملة.. والآن تخطط لرفع الدعم عن المحروقات وهو قرار بالطبع لن ينقذ اقتصاد البلاد وسيؤدي إلى رفع أسعار كافة السلع.. وقد بدأت نتائجه في الظهور حيث أعلنت وزارة الطرق زيادة أسعار تذاكر البصات السفرية بنسبة (25%).. وإن هناك اتجاهاً لزيادة أسعار تذاكر الطيران.. هذا يحدث قبل موافقة الحكومة رسمياً على رفع الدعم من المحروقات.