بالأمس رحل عن دنيانا إلى دار الخلود، صاحب السمو الملكي، الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود، ولي عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي نعاه لشعبه وللأمتين الإسلامية والعربية وللعالم أجمع. ويمثل غياب صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز عن المشهد السعودي والعربي، غياباً لأكثر الشخصيات ذات الخبرة التراكمية في العمل الأمني السعودي والعربي، إذ أمسك بالملفات الأمنية في بلاده منذ العام 1970م عندما تم تعيينه نائباً لوزير الداخلية، ليصبح بعد النجاحات التي حققها خلال توليه ذلك المنصب، نائباً لوزير الداخلية بدرجة وزير في العام 1974م، ثم وزير دولة للشؤون الداخلية في العام 1975م، ووزيراً للداخلية في ذات العام. تهتم المملكة العربية السعودية منذ أن تأسست على يد المغفور له جلالة الملك عبد العزيز آل سعود، تهتم بأمن الحرمين الشريفين وأمن حجاج بيت الله الحرام، وأمن المعتمرين الذين لا تنقطع وفودهم عن زيارة الأراضي المقدسة طوال العام، ويشعر الحاج والمعتمر بمستوى الأمن والأمان في تلك الديار المقدسة التي تحرسها عين الله تعالى، بفضل الرعاية الخاصة والاهتمام المتواصل بأمن وسلامة المواطن والمقيم والزائر والحاج والمعتمر، والذي تمثّل في توفير الخدمات كافة دون تمييز بين الناس ودون تفريق بين عربي أو أعجمي.. وقد كان صاحب السمو الملكي الراحل نايف بن عبد العزيز أحد القائمين بذلك الأمر، وكان على علاقة جيدة بكل الجمعيات واللجان والحملات والصناديق والجامعات ذات الصلة بالعمل الإنساني والإغاثي والتنموي والإعلامي والاجتماعي. اهتم الأمير الراحل بأمر الأمن فأنشأ أكاديمية الأمير نايف للعلوم الأمنية التي تطورت فأصبحت جامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية والإستراتيجية، وكانت لسموه علاقات طيبة بالسودان والسودانيين، فكان بعض علمائنا وخبرائنا في المجالات الأمنية من ركائز ودعامات الأكاديمية ثم الجامعة، ولا زال بعضهم هناك.. وقد زار صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز السودان إبان تولي الفريق أول ركن عبد الرحيم محمد حسين لمهام وزير الداخلية قبل عدة سنوات، ووقع عدة اتفاقات عملت على الارتقاء بالعمل الشرطي والأمني في البلدين. وكان الأمير الراحل- رحمه الله- من أصحاب الفكر الثاقب والتخطيط الإستراتيجي في مكافحة التطرف والإرهاب في بلاده وفي كل المنطقة العربية، وقد حقق نجاحات كبيرة أوقفت ذلك المد الإرهابي، وأثمرت جهوده عن تنمية شاملة في كل قطاعات العمل الأمني وأشرك المواطن في بلاده ليكون جزءاً من العملية الأمنية.. وتطورت بفضل اهتمامه ورعايته أساليب ومناهج العمل الإستراتيجي والأمني. نعزي مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والأسرة المالكة وحكومة وشعب المملكة العربية السعودية في هذا الفقد الكبير، ونسأل الله الرحمة والمغفرة للراحل المقيم، ونسأل الله أن يبقي نعمة الأمن والاستقرار على تلك الأراضي المقدسة وأن يعين القائمين بأمر حكمها وإدارتها بفضله وقدرته وعونه على أن يظلوا نموذجاً للحكم الراشد.. العادل. «إنا لله وإنا إليه راجعون»