العلاقات السودانية البريطانية التي كثيراً ما يصفها البريطانيون ب«التاريخية والعميقة» بحكم استعمارهم للبلاد....لم تكن كذلك فهي لا تعدو «علاقات عامة» يكثر فيها الترحيب فقط ...وكثيراً ما تتخذ لندن بعض المواقف لا تعبر عن متانة العلاقات مع الخرطوم.....فقد حفل تاريخ العلاقات بين البلدين بكثير من «الرسائل» أشهرها رسالة الخليفة عبدالله التعايشي إلى الملكة فكتوريا في القرن الثامن عشر وآخرها «المكالمة الهاتفية» بين وزير الخارجية علي كرتي ونظيره البريطاني وليم هيج الثلاثاء الماضي.. حيث طلب الأخير حماية سفارة بلاده في الخرطوم. قال التعايشي في رسالته «من الخليفة عبد الله التعايشي خليفة المهدي إلى فيكتوريا ملكة بريطانيا.. سلمي تسلمي.. ونعرض عليك الدخول في الإسلام.. فإن قبلت وآمنت ودخلت في دين الله ..طهرناك «ختناك» وزوجناك الأمير يونس ود الدكيم إن هو قبل بهذا.. والسلام على من اتبع الهدى». أما كرتي فقد رد على طلب «هيج» الخاص بحماية البعثات الدبلوماسية بعد تعرض السفارة الألمانية للتلف.. ويدرك «هيج» أن بريطانيا ليست طرفاً فيما أثارة الفيلم المسيء للإسلام.. وأن وقوع سفارتها بالقرب من «الألمانية» لا يستدعي القلق أو طلب توفير الحماية....فإذا كان المحتجون يقصدون السفارة البريطانية لما توجهوا إلى «السفارة الأمريكية... لكن تبقى المواقف البريطانية بها كثير من الحذر ولا تترد لندن في الدعوة إلى الإصلاح السياسي والاقتصادي الجذري في السودان.. وهي دعوة أكدها نيكولاس كاي سفير بريطانيا السابق في حفل وداعه قبل عدة أشهر.....فيما يرى السودان أن بريطانيا تتحمل جزءاً مما حدث ويحدث في السودان لإنها انتهجت في فترة الاستعمار سياسة «فرق تسد» ووضعت حدوداً تفصل البلد الواحد إلى نصفين وتطور الأمر إلى انفصال الجنوب عن الشمال ببعد (55) عاماً من الإستقلال......والغريب في الأمر أن السفارة البريطانية بالسودان أوضحت في تصريح صحفي عقب لقاء السفير البريطاني لدى السودان، الدكتور بيتر تيبير مع لجنة الخبراء الأفريقية المعنية بتقديم مقترحات حول حدود السودان ودولة الجنوب في مفاوضات أديس أبابا المنعقدة حالياً حيث قالت «قدمت المملكة المتحدة نسخاً من الوثائق ذات الصلة بالموضوع إلى خبراء الاتحاد الأفريقي دعماً لتسوية النزاع.. لقد نص اتفاق السلام الشامل لعام 2005 على أن يكون الخط الحدودي الفاصل بين الولايات الشمالية و الجنوبية للسودان كما كان عليه عند استقلال السودان في 1 يناير 1956. و لكن لا توجد أي خريطة موثوقة مفصلة تدل على نحو قاطع أين كانت تقع تلك الحدود في ذلك التاريخ».