فجأة ضجت القاعة الغربية من دار النفط بالتصفيق..كان غريبا ان ينال والي الخرطوم الاطراء في مؤتمر مخصص للاسئلة الصعبة..والي الخرطوم في سابقة فريدة قدم اعتذارا واضحا لمواطن سوداني داهمت الشرطة منزله واعتقلته وزوجته بتهمة الإتيان بأفعال فاضحة..الوالي الخضر لم يعتذر فقط بل قدم سردا شفافا للواقعة.. ثم أكد أن الضابط الذي لم يتصرف بحكمة قيد التحقيق الرسمي. السؤال لماذا تأخر الاعتذار الحكومي للمواطن أسعد الريح..واقعة إنتهاك الخصوصية حدثت في الشهر الماضي..وتناولتها صحيفتكم «آخر لحظة» وصحيفة «الأهرام» اليومي وصحف أخرى..الغريب أن الشرطة بدأت التفاعل مع القضية وعرضت قائد الفريق الشرطي للتحقيق..بل إنها اعتذرت للمواطن وزوجته بشكل غير معلن..حدث كل ذلك من وراء الكواليس وبعيدا عن أعين الشعب. الحكومة تحس أن الاعتراف بمثل هذه الأخطاء كشف لعورة البيت..تحاول قدر المستطاع أن تمارس فقه السترة..حتى المحاسبة تتم من وراء جدران عالية..الحكومة تستشعر أن الشعب مجرد مجموعة من الناس يتم استدعاؤهم في المواسم الانتخابية..وبالتالي تملك الحكومة حق التصرف المطلق في شئون الامة وتمارس قوامة عامة على رعاياها. الاعتراف بالأخطاء يجعل الحكومة عالية في نظر شعبها..الشفافية تحيط الحكم بثقة الناس..الآن كل ضابط شرطة أو موظف عام تسول له نفسه بانتهاك خصوصية المواطنين سيتردد ألف مرة..تسليط الضوء على قضايا الفساد المالي والاداري والتعسف في استخدام القانون يقدم سوابق وكوابح لمن بيدهم السلطة. اتمنى أن يفتح إعتذار الوالي عبدالرحمن الخضر الباب لمزيد من الإعتذارات..الانقاذ ارتكبت كثيراً من المظالم ضد عدد من المواطنين..باسم حماية الاقتصاد ..لاحقا يتقدم الدكتور قطبي المهدي ببلاغ للسلطات يتهم مجموعة من العاملين معه بسرقة عملات أجنبية من خزانة منزله..لم يعد الاحتفاظ بنقد أجنبي جريمة تجز الرأس..يمضي قطبي إلى ساحة القضاء مطالبا باسترداد دولاراته دولاراً دولاراً .. اعتذر عبدالرحمن الخضر والي الخرطوم ولكن مازال وزير الداخلية في سبات عميق..لم يفكر البرلمان في استدعاء مدير الشرطة ليقدم ايضاحا حول الواقعة الخطيرة..لم تفكر وزارة العدل في التنبيه لخطورة القانون الذي لا يحترم خصوصيات الناس ويقفز للمنازل من فوق الجدران. في بلدان كثيرة يصبح انتهاك الحياة الخاصة للأفراد حدثاً يتصدر الأخبار..في كثير من بقاع الدنيا عواقب مثل هذه الأخطاء الفادحة يدفع ثمنها الوزراء والمسؤولون..في مصر القريبة قدم وزير النقل والمواصلات محمد منصور استقالته اثر تصادم قطارين في صعيد مصر..الآن الدنيا صاخبة ضاجة في تونس بسبب اغتصاب ضابطين لفتاة شابة جميلة تم ضبطها في وضع فاضح مع خطيبها. أتمنى ألّا يكون اعتذار الوالي الخضر حدثاً عابراً وقرباناً لارضاء الصحافة بل يصبح منهجاً جديداً لتعامل الحكومة مع شعبها صاحب السيادة.