الإشكالية فوق الهضبة الإثيوبية    السودان.. قيادي بحزب شهير يكشف عن"الاختراق الكبير"    رئيس الوزراء السوداني يميط اللثام عن مبادرة بشأن الحرب    خطة أميريكية لوقف القتال في السودان    عضوية الهلال... العدالة أولًا    مانشستر يسقط على ملعب فيلا بارك    القوز يقبل الخسارة ويبتعد عن الصدارة ويفتح شباكه ثلاث مرات للرابطة السليم    رئيس هيئة التوجيه والخدمات يترأس إجتماع اللجنة العليا لشؤون الشهداء والمصابين والمفقودين    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    شاهد بالفيديو.. الناشط محمد تروس يؤد على سخرية الجمهور بعد واقعة خلع ملابسه بالمسرح: (الميديا كلها شغالة بي لباسي ودي ما أول مرة قبل كدة ملصت لباسي في دبي)    شاهد بالفيديو.. عامل فيها مفتح وأنا خاتة القروش في "الخُرج".. سودانية تحكي قصتها مع أحد أفراد عصابة "9 طويلة".. أعطيته "شنطة" فارغة وأخذت منه هاتفه الفخم    شاهد بالصورة والفيديو.. الناشط واليوتيوبر الشهير محمد تروس يخلع ملابسه أعلى المسرح خلال إحتفالية أقامها "القحاتة" بكمبالا ويؤكد: (أنا أمثل الشعب السوداني)    شاهد بالفيديو.. الناشط محمد تروس يؤد على سخرية الجمهور بعد واقعة خلع ملابسه بالمسرح: (الميديا كلها شغالة بي لباسي ودي ما أول مرة قبل كدة ملصت لباسي في دبي)    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    كامل إدريس يخاطب مجلس الأمن الدولي احاطة مهمة عن السودان    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    تعرف على القيمة السوقية للاعبي المنتخب السوداني المشاركين في أمم أفريقيا.. نجم الدوري التايلندي الأغلى.. صلاح عادل يتفوق على الغربال وروفا في مركز متأخر ب 100 ألف فقط    المظاهرات وحرب المناطق الرمادية و الأمن القومي    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    وفاة مسؤول بارز بناد بالدوري السوداني الممتاز    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    شاهد بالصورة.. عروس سودانية تحكي قصة عن طيبة السودانيين: (كنت مضطرة أسافر يوم زواجي وكنت مكتئبة وبطني طامة..قابلت سيدة في الطائرة أخرجت "كيس" الحنة ورسمت لي حنة العرس ونحنا في الجو)    لتحسين الهضم والتحكم في الشهية.. ما أفضل وقت لتناول التمر؟    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    مدير عام الصناعة ولاية الخرطوم يزور جمعية معاشيي القوات المسلحة    استشهاد فردين من الدفاع المدني في قصف مسيّرات مليشيا الدعم السريع على محطة كهرباء المقرن بعطبرة    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    مكتول هواك يترجّل    "ونسة وشمار".. زوجة مسؤول بالدولة تتفوه بعبارات غاضبة وتعبر عن كراهيتها للإعلامية داليا الياس بعد إرسال الأخيرة رسالة "واتساب" لزوجها    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    ترامب يلغي وضع الحماية المؤقتة للإثيوبيين    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لمحات من ثورة أكتوبر 1964م

تدهورت الأحوال الأمنية تدهوراً كبيراً في جنوب السودان منذ شهر أغسطس 1964م، رغم سياسة العنف والقصف التي كانت تنتهجها حكومة 17 نوفمبر بقيادة الفريق إبراهيم عبود.وفي ذلك الوقت غادر وليم دينق- وهو أحد مفتشي مراكز المناطق الجنوبية- تاركاً عمله وانضم للمتمردين في جنوب السودان، واتجه لبريطانيا والفاتيكان، ومقر الأمم المتحدة بنيويورك، وبدأ في مخاطبة الرأي العام العالمي من خلال المنظمات المسيحية وغيرها، متحدثاً عن ما أسماه بالاضطهاد الديني في جنوب السودان، وعن الإبادة الجماعية التي يشنها الشمال العربي المسلم على الجنوب الإفريقي المسيحي، وحاول نشر صور توضح تخلف الجنوب في وسائل الإعلام الغربي. عندما استفحلت مشكلة الجنوب وأصبح حلها على حكومة 17 نوفمبر 1958م عصياً، فكرت في تكوين اللجنة القومية لشؤون الجنوب برئاسة الأستاذ أحمد محمد يس، كما اتخذت الحكومة خطوة أخرى فسمحت بإقامة الندوات والمحاضرات العلمية لمناقشتها، معتبرة أن ذلك يساعد على فك الخناق الذي يمارس عليها داخلياً وخارجياً. أقيمت أول ندوة عن مشكلة الجنوب في 15/9/1964م بجامعة الخرطوم، وتحدث فيها الأساتذة حسن الترابي، أحمد عبد الحليم، عثمان خالد، خوجلي عبد الحليم، أمبروز رين، وتوالت الندوات بعد ذلك خلال شهري سبتمبر واكتوبر، غير أن أقوى الندوات على الإطلاق هي التي أقيمت بجامعة الخرطوم مساء الاربعاء 21 أكتوبر 1964م، إذ كانت الشرارة التي أوقدت جذوة الثورة.. تحدث المتحدثون في تلك الندوة فقالوا إنهم يقيمون هذه الندوة لأن مشكلة الجنوب مشكلة قومية، ويجب أن يشترك الجميع في حلها وتحدثوا عن تعنت الحكومة وسلبها للحريات.. وبعد هجوم المتحدثين في الندوة على الحكومة، تقدم أحد الضباط والذي كان يقود فرقة من الشرطة، وطلب من الطلاب أن يتفرقوا، ولكن طالباً- «أنور الهادي عبد الرحمن»- أمر الطلاب بأن يلزموا أماكنهم ولا يستمعوا لأي حديث يأتي من خارج المنصة.
وتدخل ضابط الشرطة مرة أخرى مذكراً بطلبه الأول وارتفع صوت الطلاب وبدأ بعضهم يهتف: «الإرهاب لن يثنينا».. مدير الندوة أنور الهادي عبد الرحمن ألقى خطبة ملتهبة أثارت حماسة الطلاب وختمها بقول الشاعر:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة ü فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي ü ولابد للقيد أن ينكسر
فصفق الطلاب طويلاً وعلت الهتافات،
ثم جاء صوت الضابط للمرة الثالثة عبر مكبر الصوت: «تفرقوا أيها الطلاب وإلا استعملنا القوة لتفريقكم».. بدأت بعد دقائق قليلة تحركات الشرطة وأعقبها صوت إطلاق الرصاص وأصوات فرقعة، وعمّ الجو دخان كثيف ناتج من قنابل الغاز المسيل للدموع.
وهتف الطلاب: «تسقط الدكتاتورية العسكرية» «الإرهاب لن يثنينا».أخذ بعض الطلاب في التفرق، ولكن طالباً صعد للطابق الثاني من داخلية كسلا وصاح «الثبات، الثبات أيها الطلاب» وهنا زالت صدمة المفاجأة وعادت للطلاب رباطة جأشهم وبدأوا في تنظيم صفوفهم للمقاومة- كما يقول الأستاذ أحمد محمد شاموق- في كتابه الثورة الظافرة. استمرت المعركة ولفترة طويلة حرباً سجالاً بين الشرطة والطلاب، فالشرطة تهجم بالعصي وتقذف بقنابلها فيضطر الطلاب للتراجع للداخليات ثم يعودون مرة أخرى لقذف رجال الشرطة بالحجارة.. فاضطرت الشرطة بعد إكمال كل مؤنتها من القنابل المسيلة للدموع وهي حوالي 800 قنبلة، اضطرت لإطلاق الرصاص. وكان أول من أصيب من الطلاب عثمان البلك وخالد نجم الدين.
كان شهيد الثورة أحمد القرشي طه يقف مع مجموعة من الطلاب أمام مسطبة داخلية سوباط، فأصابته رصاصة في رأسه فتهمشت الجمجمة وانفجر الدم وسقط الشهيد، فأخذ بعض الطلاب يجهش بالبكاء بصوت عالٍ، وجاء بعض الأساتذة للداخليات، وكان في مقدمة هؤلاء حسن الترابي، عثمان سيد أحمد، محمد صالح عمر وأحمد عبد الحليم. اتصل الأستاذان محمد صالح عمر، وأحمد عبد الحليم بمدير مستشفى الخرطوم الدكتور عبد الحليم محمد لاسعاف الجرحى، وحمل جثمان الشهيد أحمد القرشي طه لمستشفى الخرطوم.
أول من حضر من السياسيين لمستشفى الخرطوم ليلة 21 أكتوبر هو الأستاذ ميرغني حمزة، وقد أرسل في الصباح برقية استنكار لموقف الحكومة، ثم جاء بعده السيد الصادق المهدي يحيط به رجال الأنصار عند الثانية صباحاً، والتف حوله الطلاب فقال لهم لقد وصل الحكم العسكري حد الطغيان ويجب أن نقضي عليه، وترحم على الفقيد ثم عزى عم الشهيد الذي كان يسكن بأم درمان وانصرف. استطاع الدكتور عبد الحليم محمد مدير مستشفى الخرطوم أن يدير الأمور في المستشفى تلك الليلة بطريقة جنبت البلاد كثيراً من المآسي، وأعلن التعبئة العامة في المستشفى واهتم باصحاب الجروح الخطيرة.
جاء أحمد عبد الله أبارو مدير الشرطة لمستشفى الخرطوم فاحتد معه الدكتور عبد الحليم محمد، وطلب منه ألا يمنع عربات الإسعاف من الحركة، وقد كان الدكتور عبد الحليم معروفاً برفضه للحكم العسكري.
تسلم الطلاب جثمان القرشي صباح 22 اكتوبر وحمله أربعة أساتذة منهم إبراهيم الحردلو، ومحمد هاشم عوض، واستاذان آخران، وسار الموكب لميدان عبد المنعم، حيث أم السيد الصادق المهدي المصلين ودفن الجثمان بقرية القراصة بالنيل الأبيض. اندلعت المظاهرات منذ يوم الخميس واستمرت لمدة خمسة أيام، وفي يوم الاثنين 26 اكتوبر 1964م أعلن الفريق إبراهيم عبود قراراً بحل المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الوزراء والمجلس المركزي. وبدأت ثورة اكتوبر في الانطلاق منذ ذلك الحين، وانتهت حقبة حكومة نوفمبر والتي بدأت منذ 17 نوفمبر1958م.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.