ساهرون يكسب التحرير الكريبة بدوري مدني    ألمانيا تحزم حقائبها لكأس العالم    أحمد في الواجهة... وبداية قوية لمنافسات المصارعة الحرة    انعقاد الجمعية العمومية لنادي الهلال الأبيض وسط أجواء مثالية    بوساطة من موسى هلال..الجيش يطلق سراح 43 من عناصر الميليشيا    حديث ترامب الذي قال انه سيفعل شيئاً بخصوص الأزمة في السودان    السعودية وتركيا ومصر؛ لا مناص امامهم من العمل على حماية سيادة السودان    البحر يبتلع عشرات السودانيين الهاربين من جحيم بلادهم    استئناف حركة المرور في معبر الرقيبات بين دارفور وجنوب السودان    7 منها عربية.. المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم    السودان يتعادل أمام منتخب عمان الأولمبي بمسقط    الطيب صالح ناهض استعلاء السلطة عبر "الكتابة السوداء"    إنهم يكذبون على انفسهم فقط    بعد انتشار أنباء عن استشهاد قائدها "كيكل" بكردفان.. قوات درع السودان تصدر بيان توضح فيه الحقائق كاملة    شاهد بالفيديو.. بعد أن أقاموا له سرادق عزاء.. شاب سوداني يفاجئ أسرته بأنه على قيد الحياة بعد ظهوره في مكالمة فيديو وأحد أقاربه يطالبه بالعودة سريعا: (تعال الصباح بدري عشان تلحق فطور فراشك)    حقق حلمه وكان دائماً ما يردد: "لسه يا قلبى العنيد لا شقيت لابقيت سعيد".. شاهد ماذا قالت مفوضية اللاجئين عن ظهور الشاب السوداني "مهدي" وهو يغني مع الفنان الشهير تامر حسني داخل أحد المصانع بالقاهرة    شاهد بالصورة والفيديو.. "خواجة" يوثق لتجربته الأولى مع شرب القهوة السودانية.. عبر عن قوتها ويصف الجنزبيل بالشطة "سبايسي"    دونالد ترامب يفجّرها حول حرب السودان    قرار لسكان الخرطوم بشأن فاتورة المياه    جعبوب يحرز برونزية الوثب العالي بدورة التضامن الإسلامي    هل ثمة نظام دولي بديل يتشكل فعلا؟ّ!    خبير عسكري يطلق التحذير من خطر محدق جديد في السودان    السودان يعلن وصول شحنة من هولندا    فوز قاتل ضد الإمارات يقود العراق إلى الملحق العالمي بتصفيات المونديال    فريق ميداني متخصص من إدارة مباحث ولاية كسلا يسدد بلاغ خاص بسرقة عربة بوكس    الذكاء الاصطناعى وإرضاء الزبون!    قناة الجزيرة ... من يختار الضيوف ولماذا … ؟    بالصورة.. صحيفة "الغارديان" البريطانية تهاجم القيادي بمليشيا الدعم السريع "الربيع عبد المنعم" وتؤكد حذف حساباته على منصات التواصل الاجتماعي    إسرائيل تكشف رسميا عن خطتها على حدود مصر    "خسرنا بالسحر".. مدرب نيجيريا يتهم الكونغو بممارسة "الفودو"    خالد عمر: تصريحات وزير الخارجية الأمريكي لا تتعارض مع "الرباعية"    شبح شفاف.. مفترق بين الترقب والتأمل    روسيا.. سجن إماراتي 6 سنوات بتهمة محاولة تهريب صقور مهددة بالانقراض    الأولى منذ 7 سنوات.. محمد بن سليمان إلى واشنطن    شاهد.. "القروش بتخلي البني آدم سمح".. جمهور مواقع التواصل بالسودان يواصل سخريته من المذيعة تسابيح خاطر بنشر صور قديمة لها قبل ظهورها في الإعلام    شاهد بالفيديو.. الفنان المصري سعد الصغير يثير غضب السودانيين أثناء ترحيبه بالفنانة "مونيكا": (أنا أعرف أن السوداني لازم يبقى أسود أو أسمر لكن من السودان وبيضاء أزاي مش عارف!!)    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    إظلام جديد في السودان    تحذير من استخدام الآلات في حفر آبار السايفون ومزوالة نشاط كمائن الطوب    والي الخرطوم يعلن عن تمديد فترة تخفيض رسوم ترخيص المركبات ورخص القيادة بنسبة 50٪ لمدة أسبوع كامل بالمجمع    اتحاد أصحاب العمل يقترح إنشاء صندوق لتحريك عجلة الاقتصاد    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    شرطة ولاية الخرطوم : الشرطة ستضرب أوكار الجريمة بيد من حديد    عطل في الخط الناقل مروي عطبرة تسبب بانقطاع التيار الكهربائي بولايتين    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لمحات من ثورة أكتوبر 1964م

تدهورت الأحوال الأمنية تدهوراً كبيراً في جنوب السودان منذ شهر أغسطس 1964م، رغم سياسة العنف والقصف التي كانت تنتهجها حكومة 17 نوفمبر بقيادة الفريق إبراهيم عبود.وفي ذلك الوقت غادر وليم دينق- وهو أحد مفتشي مراكز المناطق الجنوبية- تاركاً عمله وانضم للمتمردين في جنوب السودان، واتجه لبريطانيا والفاتيكان، ومقر الأمم المتحدة بنيويورك، وبدأ في مخاطبة الرأي العام العالمي من خلال المنظمات المسيحية وغيرها، متحدثاً عن ما أسماه بالاضطهاد الديني في جنوب السودان، وعن الإبادة الجماعية التي يشنها الشمال العربي المسلم على الجنوب الإفريقي المسيحي، وحاول نشر صور توضح تخلف الجنوب في وسائل الإعلام الغربي. عندما استفحلت مشكلة الجنوب وأصبح حلها على حكومة 17 نوفمبر 1958م عصياً، فكرت في تكوين اللجنة القومية لشؤون الجنوب برئاسة الأستاذ أحمد محمد يس، كما اتخذت الحكومة خطوة أخرى فسمحت بإقامة الندوات والمحاضرات العلمية لمناقشتها، معتبرة أن ذلك يساعد على فك الخناق الذي يمارس عليها داخلياً وخارجياً. أقيمت أول ندوة عن مشكلة الجنوب في 15/9/1964م بجامعة الخرطوم، وتحدث فيها الأساتذة حسن الترابي، أحمد عبد الحليم، عثمان خالد، خوجلي عبد الحليم، أمبروز رين، وتوالت الندوات بعد ذلك خلال شهري سبتمبر واكتوبر، غير أن أقوى الندوات على الإطلاق هي التي أقيمت بجامعة الخرطوم مساء الاربعاء 21 أكتوبر 1964م، إذ كانت الشرارة التي أوقدت جذوة الثورة.. تحدث المتحدثون في تلك الندوة فقالوا إنهم يقيمون هذه الندوة لأن مشكلة الجنوب مشكلة قومية، ويجب أن يشترك الجميع في حلها وتحدثوا عن تعنت الحكومة وسلبها للحريات.. وبعد هجوم المتحدثين في الندوة على الحكومة، تقدم أحد الضباط والذي كان يقود فرقة من الشرطة، وطلب من الطلاب أن يتفرقوا، ولكن طالباً- «أنور الهادي عبد الرحمن»- أمر الطلاب بأن يلزموا أماكنهم ولا يستمعوا لأي حديث يأتي من خارج المنصة.
وتدخل ضابط الشرطة مرة أخرى مذكراً بطلبه الأول وارتفع صوت الطلاب وبدأ بعضهم يهتف: «الإرهاب لن يثنينا».. مدير الندوة أنور الهادي عبد الرحمن ألقى خطبة ملتهبة أثارت حماسة الطلاب وختمها بقول الشاعر:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة ü فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي ü ولابد للقيد أن ينكسر
فصفق الطلاب طويلاً وعلت الهتافات،
ثم جاء صوت الضابط للمرة الثالثة عبر مكبر الصوت: «تفرقوا أيها الطلاب وإلا استعملنا القوة لتفريقكم».. بدأت بعد دقائق قليلة تحركات الشرطة وأعقبها صوت إطلاق الرصاص وأصوات فرقعة، وعمّ الجو دخان كثيف ناتج من قنابل الغاز المسيل للدموع.
وهتف الطلاب: «تسقط الدكتاتورية العسكرية» «الإرهاب لن يثنينا».أخذ بعض الطلاب في التفرق، ولكن طالباً صعد للطابق الثاني من داخلية كسلا وصاح «الثبات، الثبات أيها الطلاب» وهنا زالت صدمة المفاجأة وعادت للطلاب رباطة جأشهم وبدأوا في تنظيم صفوفهم للمقاومة- كما يقول الأستاذ أحمد محمد شاموق- في كتابه الثورة الظافرة. استمرت المعركة ولفترة طويلة حرباً سجالاً بين الشرطة والطلاب، فالشرطة تهجم بالعصي وتقذف بقنابلها فيضطر الطلاب للتراجع للداخليات ثم يعودون مرة أخرى لقذف رجال الشرطة بالحجارة.. فاضطرت الشرطة بعد إكمال كل مؤنتها من القنابل المسيلة للدموع وهي حوالي 800 قنبلة، اضطرت لإطلاق الرصاص. وكان أول من أصيب من الطلاب عثمان البلك وخالد نجم الدين.
كان شهيد الثورة أحمد القرشي طه يقف مع مجموعة من الطلاب أمام مسطبة داخلية سوباط، فأصابته رصاصة في رأسه فتهمشت الجمجمة وانفجر الدم وسقط الشهيد، فأخذ بعض الطلاب يجهش بالبكاء بصوت عالٍ، وجاء بعض الأساتذة للداخليات، وكان في مقدمة هؤلاء حسن الترابي، عثمان سيد أحمد، محمد صالح عمر وأحمد عبد الحليم. اتصل الأستاذان محمد صالح عمر، وأحمد عبد الحليم بمدير مستشفى الخرطوم الدكتور عبد الحليم محمد لاسعاف الجرحى، وحمل جثمان الشهيد أحمد القرشي طه لمستشفى الخرطوم.
أول من حضر من السياسيين لمستشفى الخرطوم ليلة 21 أكتوبر هو الأستاذ ميرغني حمزة، وقد أرسل في الصباح برقية استنكار لموقف الحكومة، ثم جاء بعده السيد الصادق المهدي يحيط به رجال الأنصار عند الثانية صباحاً، والتف حوله الطلاب فقال لهم لقد وصل الحكم العسكري حد الطغيان ويجب أن نقضي عليه، وترحم على الفقيد ثم عزى عم الشهيد الذي كان يسكن بأم درمان وانصرف. استطاع الدكتور عبد الحليم محمد مدير مستشفى الخرطوم أن يدير الأمور في المستشفى تلك الليلة بطريقة جنبت البلاد كثيراً من المآسي، وأعلن التعبئة العامة في المستشفى واهتم باصحاب الجروح الخطيرة.
جاء أحمد عبد الله أبارو مدير الشرطة لمستشفى الخرطوم فاحتد معه الدكتور عبد الحليم محمد، وطلب منه ألا يمنع عربات الإسعاف من الحركة، وقد كان الدكتور عبد الحليم معروفاً برفضه للحكم العسكري.
تسلم الطلاب جثمان القرشي صباح 22 اكتوبر وحمله أربعة أساتذة منهم إبراهيم الحردلو، ومحمد هاشم عوض، واستاذان آخران، وسار الموكب لميدان عبد المنعم، حيث أم السيد الصادق المهدي المصلين ودفن الجثمان بقرية القراصة بالنيل الأبيض. اندلعت المظاهرات منذ يوم الخميس واستمرت لمدة خمسة أيام، وفي يوم الاثنين 26 اكتوبر 1964م أعلن الفريق إبراهيم عبود قراراً بحل المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الوزراء والمجلس المركزي. وبدأت ثورة اكتوبر في الانطلاق منذ ذلك الحين، وانتهت حقبة حكومة نوفمبر والتي بدأت منذ 17 نوفمبر1958م.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.