السودان قطر مترامي الأطراف متعدد المناخات والجغرافية الطبيعية من وديان وجبال وأنهار وسهول وغابات.. وهنالك العديد من الظواهر الطبيعية التي تتخذ لها اسماً يمشي بين الناس معرفة ودالة مكان ويدخل حتى في الموروث الشعبي والمحلي ومنها الكثير. القنطور أحد هذه الأسماء المعروفة في السودان كاسم لظاهرة طبيعية واستخدم كذلك فى بعض الأمثال السودانية رغم أن الاسم له دلالة تاريخية عالمية جاءت فى الميثولوجية الإغريقية.. حيث قيل إنه الرجل الحصان الذي أعلاه إنسان وأسفله حصان.. وتبقى تلك أساطير ولكننا بصدد قنطورنا السوداني وأصله الترابي وهو قد لفت نظري وأنا على مشارف مدينة المجلد أو غريقا أم الديار كما يحلو لأهلها أن يسموها فكان التوثيق للمعلومة والاسم ودلالته.. فالقنطور كلمة سودانية عامية منتشرة لدى سكان كردفان أكثر من غيرهم من سكان السودان فى الولايات الأخرى.. ويقصد بها التل الترابي ذو اللون الأصفر الذي يميل للاحمرار الباهت.. والذى يتكون على مستوى الأرض بسبب حشرة اسمها «الأرضة» من فصيلة النمل الأبيض.. وهى تقوم ببناء المرتفع الترابي والذى يسمى القنطور أو المستعمرة ويبلغ طوله في بعض الأحيان أكثر من أربعة أمتار.. وهو بمثابة سكن لها ومأوى تخزن فيه طعامها الذي تجمعه.. وهو ظاهرة طبيعية توجد بكثرة في كردفان ودارفور والروصيرص. وحشرة الأرضة المعروفة لدى السودانيين في هذا القنطور.. حجمها أكبر بكثير من الأرضة التي توجد داخل المنازل. وقد جاء ذكر القنطور في أمثالنا السودانية أيضاً.. حيث عادة ما تضرب الأمثال السودانية في مختلف ربوع السودان للسخرية والتعجب أو التيسير في أي من الأمور الحياتية.. وأصبحت لهذه العبارات لونية خاصة اكتسبتها من عمقها المعرفي وبعدها.. والمثل الخاص بالقنطور هو «ألمي خنق القنطور».. ويضرب عندما تشتد المصائب على أي فرد من أفراد المجتمع أو مجموعة من المجموعات السكانية.. وهو كناية عن عدم الحيلولة أو النفاد من الكارثة التي غارت في الدواخل إلى أخمص القدمين.. وهو يعني أن القنطور الترابي عندما تغمره المياه حتماً سينهار عاجلاً أم آجلاً وسيصبح فتاتاً.. ففي المثل «ألمي خنق القنطور» نجد كلمة ألمي تعني المياه بلهجة كردفان. وتبقى في بلادنا الأماكن والأسماء ما بين مدينة وقرية.. ووادي وجبل ودلالات معانيها تمشي بين الناس حكماً وأمثالاً وإشارات إلى ترابط الإنسان والبيئة والطبيعة !!