لي أصدقاء كثر في التلفزيون!! جاءتني دعوة للمشاركة في احتفالاته بعيده الذهبي!! وحرصت كثيراً على الحضور، ولكن ظروف قاهرة يعلمها الأخ «طيب صديق» حالت دون ذلك، فلهم العتبى حتى يرضوا!! ومع ذلك تابعت من خلال الشاشة جزءاً كبيراً من الحفل الأول الذي جرى بالمسرح القومي وتم فيه تكريم عدد كبير من الرواد، والذين أطلق عليهم اسم «الأوائل».. والتكريم فضيلة وشيمة من شيم الوفاء درج عليها الشعب السوداني بمختلف طوائفه، وهي رسالة شكر وعرفان لإنسان أعطى وما استبقى شيئاً!! احتفالية التلفزيون بخمسينيته كانت باهرة، وجعلت الناس يلتصقون بالشاشة وهم يشاهدون أيام زمان مما حدا بالبعض أن يقترح قيام قناة اسمها «قناة زمان»!! ومع هذا العرض التاريخي المذهل دعونا نسأل .. هل تعبر كل تلك المادة الوثائقية وكل هذا الحصاد عن مكونات الشعب السوداني على مر تاريخه وأيامه أم هي ملامح من أداء حكومات سودانية ظلت تدير التلفزيون القومي بعقلية الحكومة القابضة؟! هل التلفزيون جهاز قومي أم حكومي؟ قطعاً هو الفرضية الثانية وهذا يعني أن هذا الجهاز ينطلق من نظرية «السلطة»، وهي نظرية إعلامية قابضة لا تدع الحقيقة تمر.. وهنا نطرح السؤال المهم هل «50» عاماً من تاريخ التلفزيون يمكن أن نقول عنها إنها مرجعية تاريخية لتطور الصراع السياسي في السودان أم هي مرجعية فقط للحكومة القابضة على رقبة التلفزيون؟! هل نجد توثيقاً كاملاً للحزب الشيوعي؟ و هل يحتفظ بخطباً للشفيع أحمد الشيخ الزعيم العمالي المعروف؟ مثل هذه الأسئلة مهمة وإجاباتها معروفة.. فقد ظل التلفزيون السوداني منذ ميلاده الأول و على مر الحكومات المتعاقبة «الديمقراطي» منها و «الشمولي» جهازاً حكومياً يدار إدارياً ومالياً من طرف وزارة الإعلام ويتحكم فيه الوزير المختص.. الأمر الذي أضاع على البلاد فرصة ذهبية بأن يصبح هذا الجهاز «الخطير» أداة قومية ترضي كل الأذواق و«مثابة» لتدافع الأفكار والثقافات التي تجمع الأمة ولا تفرقها!! الآن في عصر الفضائيات والمنافسة وزوال عهد «احتكار» المعلومة إلى الأبد آن الأوان للبحث عن تلفزيون مستقل بمعنى الكلمة «إدارياً» و«مالياً» و«مهنياً» يحتفظ بمكانة متساوية للجميع. و مبروك للتلفزيون عيده الذهبي و عقبال العيد الماسي.