الأطفال فلذات الأكباد التي تمشي على الأرض، لا يستحقون كل هذه القسوة التي تمارس عليهم من قبل بعض الكبار، ابتداءا من أولياء الأمور ببعض التصرفات التي يعتبرونها نوعاً من التربية، ولكنهم يقسون على أطفالهم من حيث التوبيخ والعقاب، مما يؤدي بعض ذلك الى أذيتهم وإصابتهم بعاهة أو خلل نفسي ينعكس على حياة الطفل في المستقبل، أو أحياناً يؤدي العقاب الشديد الى قتلهم كما نسمع في العديد من الحوادث التي كتبت عنها الصحف، وسجلت في محاضر الشرطة والأطفال بهذه التصرفات، وعدم وجود الوعي لبعض الكبار، وأحياناً عدم المسؤولية وتقدير الأمور يجعل من الأطفال عرضة للخطر، ولهذا هم دائماً بحاجة إلى مزيد من الحماية، وليس على قدر أقل.. فالأطفال هم ضحايا للعديد من أشكال العنف، منها ان يُهمَل الطفل مثلا أو يُهان في المعاملة أو يقتل دون سبب.. حيث من المفترض أن يعيشوا حياة آمنة.. والشاهد على ما ذهبنا إليه وأشرنا اليه من خلال عنواننا بأن عنف الكبار يتسبب في قتل الأطفال، وتحال براءتهم الى وجع أليم، وندعم ذلك بما حملته الصحف السودانية خلال الاسبوع الماضي من أخبار مزعجة لحوادث تم فيها قتل أطفال مع وجود أسرهم، وكان الخبر الأول كما أوردته الزميلة مسرة شبيلي بآخر لحظة جاء في سياقه أن طفلاً يبلغ من العمر «10» سنوات لقي مصرعه إحتراقاً داخل راكوبة بمنزل أسرته بمنطقة «ريح بالك» بريفي سنّار.. وتعود تفاصيل الحادثة إلى أن الطفل قدم إلى والدته وبحوزته مبلغ «10» جنيهات وأخبرها بأنه عمل مع سيدة بالسوق وقامت بأعطائه المبلغ، وتأكدت والدته من ذلك بذهابها الى تلك السيدة، وبعد عودتها قامت بتوبيخ ابنها وضربه، ثم قامت بتوثيقه بحبل في راكوبة وخرجت إلى جارتها لتناول الإفطار معها، وتركت ناراً متقدة داخل الراكوبة، وبعد لحظات اشتعلت النيران بالمنزل والتهمت الأثاث بكامله، وشاهد الجيران ألسنة اللهب وهرعوا إلى مكان الحريق، حيث كان يتواجد الطفل ولم يستطع الخروج لأنه كان موثقاً بالحبال، فأحترق وأصبح جثة متفحمة بعد إطفاء الحريق، ودونت الشرطة بلاغاً تحت طائلة المادة «15» إجراءات الوفاة في ظروف غامضة، وتم شطبه بعد أن تأكد أن الحريق نتج بفعل الرياح، واعتبرته أسرة الطفل قضاءً وقدراً، ولم تنتهِ الأخبار عن مقتل الأطفال عند هذا الحد، بل حملت مرة أخرى خبراً أكثر إيلاماً بسبب عدم المسؤولية من ولي الأمر.. حيث لقي طفل رضيع يبلغ من العمر (7) أيام حتفه على يد والده وخاله، وذلك في يوم تسميته بمنزل أسرته بشرق النيل، وجاء في الخبر أن والدة الطفل تقدمت بدعوى قضائية تشكو فيها زوجها وشقيقها اللذين تسببا في وفاة طفلها الرضيع، موضحة بأنه في يوم العقيقة وأثناء وجود المدعوين لحضور وليمة العقيقة جاء والد الطفل وخاله مخمورين، ودار بينهما نقاش وتحول إلى عراك وتشابك بالأيدي، وذلك داخل الصالة التي يوجد فيها الطفل، وفي ذلك الأثناء سقطا عليه مما تسبب في وفاته في الحال، حيث تم إبلاغ الشرطة التي تولت الأمر وألقت القبض على الوالد وخال الطفل، وتمت محاكمتهما في السُكر بالجلد «40» جلدة حداً للخمر، وذلك بقسم شرطة الجريف وتمت إحالة أوراق البلاغ إلى محكمة الحاج يوسف برئاسة القاضي جمعة خميس، حيث تنازلت والدة المتوفي عن حقها الخاص عن زوجها وشقيقها... ويتواصل مسلسل قتل الأطفال خلال الاسبوع المنصرم في خبر ثالث هذه المرة من محلية امبدة، حيث قتلت طفلة رضيعة في عامها الأول وراحت ضحية اشتباك وعراك بالأيدي بين والدتها وشابة في العقد الثاني من عمرها داخل مستشفى امبدة، أثر خلاف نشب فجأة وتطور الى مشادة كلامية تحولت الى ضرب بالأيدي نالت منها الطفلة الرضيعة «بونية قوية» بقبضة الشابة العشرينية أودت بحياتها متأثرة بجراحها... والشاهد من خلال كل هذه الأخبار المؤلمة والتي راح ضحيتها الأطفال من خلال عنف الكبار وإهمالهم يتضح مدى ممارسة العنف الذي يمارس ضد الأطفال، وهنا نشير الى عنف آخر لم نذكره وهو العنف الجنسي والذي يتم عبر اغتصاب الأطفال في ظاهرة تكررت، وأصبحت هاجساً للمجتمع، حيث باتت دائرة الخوف تتسع لأنها ضمت أفراداً في المجتمع، هم أبعد مايكون عن استغلال الأطفال واغتصابهم وقتلهم، فقد حملت الأخبار أيضاً عن «مغتصبين» يعملون في المدارس منهم معلمون وآخرون سائقون لعربات الترحيل للأطفال، وهناك العديد في متون الأخبار والضحايا فلذات الأكباد والبراءة... الباحثة الاجتماعية إيمان عبدالله الأمين قالت لآخر لحظة إن تزايد حالات العنف بين الناس ناتج عن الضغوط النفسية التي يتعرضون لها في حياتهم، مما يجعلهم عرضة للغضب السريع، دون المراعاة لمن هم حولهم، بالتالي يتسببون بالأذى إليهم وخاصة الأطفال لأنهم يوجدون حول المكان، ولا أحد يراهم.. مشيرة الى أن كل هذا لا يعفي الكبار من تحمل مسؤوليتهم تجاه أطفالهم وأسرهم.. منوهاً الى دلالات النماذج التي ذكرناها لها، بأنها نتيجة للإهمال وعدم المسؤولية في حماية الأطفال ورعايتهم من قبل أولياء الأمور والتعامل معهم، بشكل عادي وكأنهم قد بلغوا سن الرشد، وهذا خطأ في المفاهيم التربوية، وناتج أحياناً عند بعض الأسر بالجهل، وعدم التعليم ومعرفة تربية الأطفال، بينما عزت تمدد ظاهرة اغتصاب الأطفال الى عدم وجود الوازع الديني، وطبيعة الحياة السودانية في التعامل مع الغرباء ببساطة والبطالة للشباب.. مما يجعلهم في حالة فراغ وتوهان.. مشيراً الى ضرورة إيجاد فرص عمل للشباب، حتى لا ينصرفوا الى تعاطي ما يُغيِّب عقولهم أو تحويل أفكارهم الى نيات خبيثة تجاه الأطفال كالتحرش والاغتصاب، ودعت كافة منظمات العمل المدني لتناول هذه القضية المهمة، وهي الحد من استخدام العنف بكافة أشكاله ضد الأطفال وتشديد العقوبات الرادعة ضد كل من تسول له نفسه بممارسة العنف ضد الأطفال، وإن وصلت العقوبة لحد الإعدام لممارسي العنف ضد الأطفال- خاصة العنف الجنسي والجسدي- لما يتركه هذا من أثر نفسي سيء يتوالد في دواخلهم ويؤثر على حياتهم المستقبيلة.. مشيداً بالتحركات الأخيرة لبعض المنظمات المنادية بتشديد العقوبات على مرتكبي جرائم الاغتصاب والعنف ضد الأطفال.. إذن الجميع يتحرك الآن ضد هذه الظاهرة اللاإنسانية حتى ينمو المجتمع بطريقة سليمة ومتعافية دون أمراض اجتماعية بين أطفاله أو أفراده، وحتى لا يكون العنف ضد الأطفال مستمراً دعونا نطلق نداء لا للعنف ضد الأطفال ...!!!