وتشدو موحدة العرب.. كوكب الشرق أم كلثوم.. بالبدائع والروائع.. من روائعها والتي أنا الآن بصددها.. ذاك البيت الأنيق والبهي من الغناء.. وهو.. «سيبني أحلم يا ريت زماني ما يصحينيش» ويبدع الأنيق البديع عثمان خالد.. عن الهدايا وتحقيق الأمنيات عندما يشدو «يا سلافة الفن ولهفة البتمنى يا هدية من الله والله بدي الجنة».. والأحلام هي الشيء الوحيد المجاني في هذا الوطن مع مجانية الاكسجين.. اذا لا بأس أن أحلم كما أشاء.. ولن تطالني مواد التحريم ولا التجريم.. وكنت قد حلمت يوماً أن أكون رئيساً للجمهورية.. ثم قدمت برنامجي لجماهير شعبي ليس من شرفات القصر الجمهوري.. ولا من استديوهات الإذاعة.. ولا حتى من منصة المجلس الوطني الفارهة.. بل من ساحتي ومساحتي «شمس المشارق» ورغم الأماني والأحلام والوعود التي بذلتها هاطلة كمطر العينة.. إلا أن أحلامي تبخرت تحت أشعة شمس تذيب حتى الأسفلت.. ثم تنازلت مرة أخرى درجة عن أحلامي في تلك المجانية والمجنونة عندما حلمت بأن أكون والياً على الخرطوم.. وتدفقت وعودي وأغرقت كل الساحات كل الطرقات وتماماً كخريف 88.. واعداً شعبي ليس بالرفاهية فقط.. ليس بإعادة الخرطوم لتلك الأيام المزهوة وقبل أن تدهسها خيول الأحبة في الانقاذ الجامحة.. وكيف إن المستشفيات هي فنادق من الثلاث نجوم وما فوق.. والتعليم تهيمن وتسيطر على كل مفاصله.. كل مدارسه.. وزارة التربية والتعليم.. وكيف هي صناديق «الطباشير» أبيض وملون بالكوم.. وكيف إنه حتى «الحبر» بالمجان.. وان الدروس الخصوصية ممنوعة بأمر القانون.. وكيف المعلمين هم النجوم الزواهر.. وأناقة تمشي على «بلاط» الفصول.. وكيف ذاك الغناء السعيد من بنات الوطن.. أو آنسات الخرطوم- لا فرق- يغنين في إيقاع زاهي وروعة تنغيم.. ويا الماشي لي باريس جيب لي معاك عريس.. شرطاً يكون لبيس من هيئة التدريس.. واستشهدت تلك الأحلام الشاهقة.. والأمنيات الشاسعة.. تحت ضربات اليقظة.. والآن يا أحبة دعوني أهبط درجة من سلم أحلامي.. اليوم دعوني أحلم في صحو.. يشابه «صحو الكلمات المنسية» تلك التي غزلها من صفق الورود.. والبسها حلل الأزهار والزنابق النور عثمان أبكر.. اليوم أحلم بأن أكون عضواً في المجلس الوطني.. والذي هو «البرلمان» الذي حتماً وقطعاً ويقيناً لايشبه ولا يمت بأي صلة لبرلمان أولئك الانجليز الكفار والذين لا يحترمون كبيراً ولا يوقرون وزيراً.. نعم أن أي مسؤول في حكومة هؤلاء الكفرة الفجرة يمكن أن تطلق عليه نيراناً كثيفة من الأسئلة والاستجوابات المشتعلة بالجحيم.. يحاصره ذاك البرلمان من كل جهة لا يترك له حتى كوة في جدار ليهرب عبرها.. بالمناسبة شاهدت جلسة لذاك البرلمان إبان الحرب على العراق منقولة على الهواء مباشرة.. والنواب يحاصرون رئيس الوزراء حصاراً دونه حصار المقاومة في «تل الزعتر» وبدأ الرجل وكأنه «مزرور» أشد من «زرة كلب في طاحونة» أمطره النواب بأسئلة وكأنها سهام أنتاشته في قوة وبغير رحمة.. متهمين إياه بالكذب على العالم وهو ينضم إلى امريكا ليعلن أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل ولن أنسى تلك العضوة وهي إمرأة فارعة الطول.. لن أنسى كلماتها القنابل عندما قالت للسيد توني بلير رئيس وزراء بريطانيا قالت في ثقة «سيدي الرئيس هل توافقني إنك مخاتل مراوغ وكاذب» هنا نهض «بلير» وقال في هدوء «لا.. لن أوافقك أيتها النائبة المحترمة» ثم جلس.. وبكرة أقف لأرد على المنصة.