يتابع الشارع السوداني ، بترقب وقلق على إختلاف ألوان طيفه السياسي ، وكذلك الجوار الأقليمي، المعطيات والفرضيات والتوقعات والإحتمالات لإنتخابات الرئاسة المقبلة، خاصةً في ظل توقعات عدم ترشح البشير ،ثم إن المؤتمر الوطني يدخل نفسه والدولة في دهاليز المعادلة المعقّدة التركيب ، حيث لكل دهليز أو ممر معامله الحسابى الخاص تنظيمياً و جهوياً و خارجياً ، والذي يضمن العبورإلى كرسي الرئاسة لمتخذه أو يسقط في الهاوية ، إنها المعادلة المعقَدة التي يجب أن تحل معضلة تلاقي أشواق الأمة وتطلعاتها مع من تقذف به قوة القاعدة الجماهيرية العريضة بالمواصفات التي تحقّق شعار إستراتيجية الدولة . أحزاب التوافق الوطني التي شاركت في حكومة القاعدة العريضة أو تلك التى اختارت المعارضة وقد شعرت بخطورة موقفها أمام كياناتها لعجزها عن بلوغ السلطة عبر الإنتخابات وعجزها عن تقديم البديل المقنع ،نجدها قد شرعت في مراجعة حساباتها بشأن التغيير وأسلوبه وسيناريوهاته خاصةً بعد استشعارها تحركات الوطني الجاذبة لكوادرها النوعية أو انتشار وتفشي الوعي السياسي والأكاديمي بين منتسبيها ،وما يتبع ذلك من مقارنات على المستوى التنظيمي قيادةً وإدارةً ثم أسلوب التناول والتعاطي مع المعضلات الداخلية والخارجية الذي إستطاع الوطني إلى حد ما فرض أسلوبه ونهجه ، رغم بعض الهنات والهفوات التي كلفت البلاد ما كلفت ، غير أن صفات الزعامة الممثلة في شخصية البشيرإستطاعت أن تهيئ مداخل الإنفراج ما جعله موضع إجماع قيادات حزبية لتولّي قيادة المرحلة القادمة ،،وأمر آخر هو أن المعارضة المسلحة نفسها تعلم يقيناً أن من تقود الحرب ضده قادر على إيقافها ، لذا نجد بعض الإنفراج هنا وهناك رغم بعض التعقيدات التي تصاحب بعض الملفات والتي تحتاج إلى حنكة عسكرية وأفق سياسي يمكّنه من استيعاب متطلبات المرحلة القادمة ، لأنها الأخطر في تاريخ السودان. دون الخوض في الظروف والوقائع التي تولّى بموجبها البشير السلطة ، فإن النهج الذي سار عليه وسارت معه حكومته على المستوى المدني والعسكري شكًل واقعاً بمتغيرات جذرية أعادت صياغة الكثير من أطر الدولة (أُختلف حولها)، في الحكم والإدارة والسياسة والاجتماع والنهج الدبلومسي والإطار العسكري ،الذى أكسبه دعم وقوة المؤسسة العسكرية بمختلف مسمياتها. لقد كان للأفق السياسي اللامحدود والقاعدة الإجتماعية السودانية التي اعتمد عليها بحكم إنتمائه لمؤسسةٍ قومية، أثر كبيرفي تكوين وتشكيل البعد القومي لشخصيته ، استوى في هذا من عارضه وخالفه فكراً ومنهجاً أو قاتله بالسلاح ،كما أن الندية الدبلوماسية التي إبتغاها وسعى لتحقيقها كانت شخصيته المفتاحية جوازاً للعبور رغم تداعيات الحصار المتنوع الذي فُرض على الدولة ،ثم لا ننسى أو نتغافل عن تداعيات المحكمة الجنائية التي اصطبرعليها و معه الشعب وأعانه على تجاوزها مرحلةً إثر أخرى، وكان متوقعا أن تكبله وتقوقعه ،لكنها أصبحت منطلقاً له لآرتياد آفاق جديدة في العلاقات بين السودان وغيره من الدول الأقارب أو الأباعد. نعم،إنه بحساب الوقت والتاريخ وحساب الصحة والعافية فإن الوقت قد طال (ولكل أجل كتاب)والصحة قدأصابها ما يفعله الدهر ،غير أن الذهن قد إتقد والخبرة والحكمة قد تعتقّت ، وبحساب الربح وليس الخسارة للوطن فتسخير وتوجيه العاملين معاً لتحقيق ما تصبو إليه الدولة والشعب معاً من تقدم ورفعة وتمكّن فالقيادة خبيرة وواعية وتحتاج الى تجديد وتجويد في أداء أعمالها . إن ما يجري في أروقة المؤتمر الوطني من حراك أو إجراءات إحترازية أو تحوطية لمقابلة تصريحات البشيربشأن الإنتخابات الرئاسية القادمة ، وما قد ينتج عن هذا الحراك من كوابح تنظيمية داخلية تقيّد أو تحدّد إطار الترشيح يجب أن لا تغيِب عن حساباتها عامل مهم وهو الإرادة الشعبية التي ستكون هي الفيصل في من ستكون بيده عصا مارشالية الدولة . إن المرحلة القادمة من عمر الدولة تتطلب قيادةً إجماعية الإختيار والتوافق ،لها قابلية الحسم والتخطي والتحدي ،قيادة تتولى معالجة المواضيع المعلقة وهى جزء فيها ومنها، بشفافية من يدري ويدري أنه يدري أين الداء وكيف الدواء في القيادة والسياسة والاجتماع والإقتصاد والمؤثّرات على الأمن القومي،إنها ظروف إستثنائية تتطلب نوعاً إستثنائياً من القيادة ،أيضاً فيه اختيار الكفؤ القوي الأمين ،فيها المحاسبة والمتابعة والشدة واللين وكلاً بمسبباته ،ولأنها مرحلة فارقة لابد لها من قيادة عمرية بأسلوب الفاروق عمر بن الخطاب.هو(أى البشير) لها كما كان بالأمس ، وهى (أى عصا مارشالية الدولة )له غداً بالمشيئتين.