الهجوم الغادر على «أم روابة»، و«الله كريم»، و«أبو كرشولا» رفع وتيرة الاهتمام بالشأن السياسي والأمني والعسكري لدى المواطن العادي، فالذي له إلمام ب(فك) و(تركيب) السلاح أو له سابق تجربة في الالتحاق بمعسكرات الدفاع الشعبي، أصبح خبيراً عسكرياً من على البعد، والذي له أب أو ابن أو قريب من ذوي الصلة بالأمور العسكرية والأمنية، أصبح مرجعية لغيره في شؤون الحرب. البيوت والصالونات باتت تتناقل القصص التي جرت أحداثها في ميدان القتال، وقد ساعد في ذلك النزوح الجماعي من المناطق الملتهبة، وهو نزوح تظلله الفظائع والمآسي التي ارتكبتها قوات التمرد في حق المواطن الآمن الذي لم يتوقع الغدر والمباغتة وهو بين أهله وأبنائه أو في عمله بالسوق أو الحقل أو كان يحرس في سبيل الله. تراجع اهتمام البعض ب(نجوم الغد) على قناة النيل الأزرق، مثلما تراجع اهتمام آخرين بأحداث المسلسلات المصرية في القنوات المختلفة، أو التركية في قنوات ال(سي بي سي)، مثلما تراجع الاهتمام بالحرب (السورية/ السورية) التي لم يعد فيها جديد من قنوات «الجزيرة» و«العربية» و«البي بي سي» و «فرانس 24» وغيرها. الفضائيات السودانية تماشت مع اهتمام الشارع والمواطن، فانتقلت كاميراتها إلى الميادين العامة تنقل وقائع الندوات السياسية الساخنة، وتحولت ستديوهاتها وقاعاتها إلى منابر تنطلق من داخلها الأفكار والأخبار والأسرار، مثلما تنتقل المبادرات والمقترحات، وتوحد الناس بتوحد مشاعرهم وأحاسيسهم تجاه ما يجري على واحدة من ساحات الكرامة والعزة والشرف، وأصبحت القلوب معلقة ب«أبو كرشولا» والمعركة الفاصلة التي ربما تتسبب في اجتثاث التمرد وإضعافه بعد ما قادت (الحماقة) و(المكر السيئ) بعض قادة التمرد إلى (التحالف) تحت مسمى الجبهة الثورية، ليضعوا كل البيض في سلة واحدة.. إن سقطت تهشّم البيض وتحطم. قبل يومين طلبني الزميل الأستاذ إسماعيل عيساوي المخرج التلفزيوني المعروف هاتفياً وسألني إن كان بإمكاني المشاركة في (سهرة) تلفزيونية على الفضائية السودانية باسم (المشهد) عن الأوضاع السياسية الحالية التي تشهدها بلادنا، فلم أمانع وسألته عن الضيف الآخر، فأجابني بأنه الأستاذ العبيد أحمد مروح، الأمين العام للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات، والخبير في الإعلام والعلاقات الخارجية، فسعدت كثيراً، وحفزني ذلك أكثر للمشاركة في البرنامج الذي تم بثه مساء أمس الأول وأعيد أمس. قبل الواحدة صباحاً بقليل سألت الأستاذ العبيد عن دافعه للمشاركة في البرنامج، فقال لي إنه شعر بأن هذا أقل واجب يمكن أن يقوم به خلال هذه المرحلة.. لقد كان ذلك إحساسي شخصياً عندما هاتفني «عيساوي».. وتأكدت من أن الاهتمام بالسياسة تقدم على غيره من الاهتمامات.