لم يكن يتوقع الكثيرون أن تحدث في المجتمع تحولات تكنولوجية كبيرة مثلما يحدث الآن، فالعالم أصبح يجتمع في مجلس واحد، تحت ضيافة )الفيس أو التويتر أو الواتساب أو غير ذلك من المسميات( وفي ديوان واحد يتخاطب فيه الجميع، ويدلو كل منهم بدلوه دون عناء أو رهق أو قيود..! üولقد أعجبتني جلسات السمر على الفيس ..التي يتعانق فيها الأصدقاء من على البعد، ويرسلون أشواقهم وقفشاتهم بكل أريحية، فلا رقابة هناك ولا مسؤولية قانونية، فالكلمة فيه حرة طليقة، وباب الإتهام مفتوح فلا بينة مطلوبة ولا تحقيق يبدأ ..! ü الفيس مدرسة جديدة يرتادها هواة الكيبورت من جميع مناحي العالم.. مدرسة ليست لها مدير معروف.. ولا هيئة عليا.. حيث لا نظام أساسي و لا لوائح داخلية.. تتساوى الفرحة فيه وكذلك الجريمة.. وهذه الأخيرة تعرف بالعابرة للحدود، وقد كانت من أبرز النقاط التي ناقشتها القمة الأفريقية لمدراء الأمن والمخابرات التي عقدت بالخرطوم في العام قبل الماضي، وسعت القمة الى أن تتوصل إلى معالجة وتعاون في محاصرة جرائم العولمة أو المعلوماتية، ولكن يبدو أن المسألة أكبر من نطاق التنسيق، وأسرع تطوراً من النصوص القانونية، فلم يتوصل الجميع إلى تنسيق يحاصر تلك الجرائم، وأصبح المسرح مهيئاً لهواة الجريمة بالنهوض لتلبية أشواقهم وتنفيذ أهوائهم..! ü كثير من الصفحات أنشئت على الفيس بأسماء وصور وهمية، وبعضها بأسماء أناس معروفين، وأذكر أن الدكتور غازي صلاح الدين قال:إن هناك من أنشأ صفحات على الفيس باسمه، وبدأ يتحدث بلسانه ويصرح بالإنابة عنه، الأمر الذي حدا بغازي أن يتبرأ من بعضها.. وشاهدي هنا أن الفيس به صفحات كثيرة بأسماء أشخاص لم يكونوا حقيقيين، وعدم أحقيتهم هذه لم تشفع لهم من اتهامات الآخرين، ولم ترفع عنهم المسؤولية القانونية أو الأخلاقية عما يحدث في هذه الصفحات..! üوبالمقابل فإن هذا التطور أحدث نقلة إيجابية كبيرة، فكافح الجهل وبسط المعلومة وحاصر عناء التواصل بين الناس، وهو مساحة كبيرة من الوفاء بالجانب الإجتماعي، ويتميز بالبساطة والسعة الكبرى.. وما يهمنا هو ما يحدث من جرائم وانتهاكات داخل هذا الموقع الكبير والمعروف(الفيس بوك).. فهل يستطيع القانون ملاحقة مرتكبيها والتوصل إليهم بأسرع مايمكن؟!! وهل تستطيع شركات الإتصالات أن تتولى جانب البينة الدقيقة القوية على هذه الجرائم..!!