دارفور قصة إقليم تتربص به الحرب ويرفض السلاح أن يصمت رغم الأنين والحنين، والجهد المبذول من المجتمع المحلي والدولي، وسعيهم الي إسكات (القرنوف) اللئيم الذي أصبح عصاه يهش بها إبليس على غنمه، ويزرع الفتنة في أودية وجبال دارفور، لتسيل الدماء ويعسكر أبناء الإبليس هذا في المنطقة عبر منظمات الإغاثة والتجسس، ووضع سيناريوهات الحريق، ومنذ انفجار الأزمة من قبل عقد من الزمان لم يصمت (الكلاش) في الإسهام في إنزال مخطط سيناريوهات الأزمة عبر مشاهد (آكشن) طويلة ومثيرة يتابعها المشاهد باندهاش ويصعب على (المخرج) و(الرقيب)من إيقاف تلك المشاهد (الخادشة) للنسيج الاجتماعي. وبدأ السيناريو بصراع حول السلطة واختلال ميزان القسمة السياسية والثقافية من منطلق(جبهوي) سرعان ما دخلت القبائل والهوية فكان ميلاد الجهوية المدججة بالسلاح وطائر الشؤم يمطر دارفور بذخائر(السجيل)فانقسم المجتمع الى فريقين (عرب وزرقة)أكملوا عشر سنين يتبادلون زخات الرصاص المسموم وبينهما الحكومة وحركات التمرد، وفي هذه العشرية تم(فتق)نسيج دارفور وزاد الفتق هذا حينما هبطت منظمات الدعم الإنساني واليوناميد(وهي مرحلة جمع أضخم قاعدة بيانات لدارفور التي سخر لها طالبوها ميزانيات ضخمة، بمساعدة والضغط الإعلامي العالمي على حكومة السودان وكان ما كان)، وقاعدة البيانات كانت إنسان المنطقة، وحيوانها، والأرض التي من أجلها كان الحريق، وسر الصراع الممتد المتجدد بخلفيات وأكليشيهات مختلفة. بعد انهزام مشروع الحركات المسلحة في تغبيش الحقائق حول أن الحكومة تستهدف القبائل غير العربية وانقساماتها على أسس عرقية وانتهاء دورها في سيناريوهات إحراق دارفور، بدأت مرحلة أخرى من ذات السيناريو بأبطال جدد (المكون العربي) في معادلة النسيج الدار فوري قبيلة ضد قبيلة حتى ظن الرأي العام السوداني أن تلك المشاهد من عمل درامي تاريخي للمخرج السوري نجدت أنزور، والسيئ في الدراما الدارفورية هذه أن المشاهد حقيقية بدون (دوبلير). لنتأكد أن قاعدة البيانات التي جمعت عن المنطقة دخلت معامل التخمير الاستخبارية ويجري الآن عرض المشهد الثاني من المشكلة في دارفور لتمزيق النسيج مرة أخرى ولا يبقى من جسد دارفور ونسيجها حبل(مسد) يوصل القبائل بعضها بعض، والمتابع للأزمة يشاهد تدرج سيناريوهات الحريق الدارفوري وتغيرات المشهد من دولة ضد تمرد، الى قبائل متناحرة بلا مبررات منطقية لهذا النزيف، فإذا كانت الحركات المسلحة تقاتل وتتمرد على سلطان الدولة بمبررات الظلم والتهميش ومحاولة وضع تنظيماتهم في معادلة الخارطة السياسية والاجتماعية، فلا نجد للرزيقات، والمعاليا، والبني حسين، والبني هلبة، والمسيرية، والسلامات......الخ، مبررات الإسهام في إضعاف النسيج الاجتماعي والدولة برمتها وإقحام المشهد السوداني (بعرقية متعفنة) مضاف إليها (السياسي المتأبلس) الذي يوسوس في صدور الناس ويملأها (زفرات) حارقة تعيدنا الى داحس والغبراء وتعجز زرقاء اليمامة في توصيف الأشجار إذ لا أشجار بعد أن أكلتها غنم إبليس المتكئ على (الكلاش المسموم). حافر وصهيل التحولات الدرامية في الأزمة الدارفورية والانتقال الى مربع جديد من فنون الحرب وهتك النسيج بالضرب أسفل الحزام، وجر القبائل الى حرب بينها.. ومن ثم الدعوات الفطيرة لخلق مناطق (عازلة) بين طائفتين من المجتمع لهو مؤشر الى تحرير شهادة وفاة للحكم الفيدرالي والمحلي، ودليل على عجز هذه التجربة في حل مشكلات السلطة والثروة، والمنطقة العازلة بين الرزيقات والمعاليا هي تدشين لأخريات قادمات وهي (بندول) يسكن الألم موقتاً وتخلف آثاراً عميقة وشروخاً غائرة في الجسد واللٌحمة المجتمعية وبالتالي نحتاج الى قوات عازلة لكل نزاع قبلي، وقبل العزل كان ينبغي أن نحدد مسببات النزاع بين المتنازعين ومن أخطرها النزاع حول الأرض (الحوا كير) فعليها تصهل الخيول ومن ظهرها يخرج البارود ومن بعدها يبحث كل عن مآربه. ثمة مؤشر آخر تعده (يوناميد) بداية سيناريوهات الخروج بعد اكتمال صورة مشهد الحرب بتفكيك المكونات الاجتماعية الى وحدات قبلية ساعدت هشاشة تجربة (الحكم المحلي) في عملية التفكك هذه، وهو الإعلان من الانسحاب من بعض المناطق(كلبس غربي دارفور أنموذجاً)، ربما تتوالى انسحابات اليوناميد بعد أن انتهى دورها المرسوم بالحبر السري وهنا على الحكومة أن تواجه ما يجري في دارفور الآن من اقتتال قبلي بمراجعات للحكم المحلي، فهو أس البلاء والنزاع في دارفور فإن انصلح عم الأمان والسلام دارفور وعاد لها بريقها ونسيجها، وسوف يحترق إبليس غيظاً وتثمر أودية دارفور من جديد بعد أن(جفلت غنم إبليس والجفلن خلهن أقرع الواقفات) ويبقي السلام أمنية في أزمنة الحرب. //