ü لا أريد أن استبق المؤتمر الصحفي الذي قيل إن الدكتور عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم سيعقده اليوم لإعلان الضوابط الخاصة باحتفالات الاستقلال وأعياد رأس السنة.. طبعاً المقصود «رأس السنة» وليس «الاستقلال»!! ü استغربت «والله العظيم» من هذه الخطوة التي لا أعرف حتى اللحظة مبرراتها، وما وراءها؟!.. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه يقول: منذ متى كان حاكم الخرطوم يخرج للناس بإعلان مثل هذه الضوابط؟ وماهو الجديد؟ وما هي الخطورة التي يستشعرها (جنابو الوالي) من هذه الاحتفالات؟ وماهي الرسالة التي يريد أن يرسلها؟ وهل الأمر لهذه الدرجة من الخطورة بمكان ليترك الوالي ملفاته «الضخمة» والتي على رأسها أزمات الوقود والمواصلات والخبز والغلاء الذي يطحن الناس ليخرج «منظماً» لاحتفالات لا تحتاج لكل هذه «القومة من النفس» وإعطاء الناس أحاسيس «مضخمة» وخوف لا مبرر له من أن هناك فتنة أو شراً قادماً!! ü السبب معلوم للناس.. فقد أثيرت في الآونة الأخيرة فتاوى «سلطانية» وأخرى «متشددة» تفتي في أمور ليست بهذه الدرجة من الانحراف والمخالفة!! نخشى ما نخشاه أن تكون ولاية الخرطوم قد «انجرفت» أو صدقت مثل هذه الفتاوى التي تصور احتفالات شعبية عادية تجرى كل عام في حدائق وشوارع الخرطوم «المضاءة» والمحروسة بتربية وقيم وأخلاق السواد الأعظم من الشعب السوداني المسلم الحقيقي بلا غلو أو «تطرف».. ويمر اليوم مثله مثل الأيام العادية!! ü «القصة» التي تتم في شوارع النيل بالخرطوم والحدائق الرئيسية التي تشرف عليها وتراقبها أجهزة الولاية الشرطية لا تتعدى خروج الأسر إلى تلك الأماكن.. يفترشون الأرض و«يتونسون» ويلعب الأطفال بجوارهم وتدور أكواب الشاي والعصير والقهوة وبعض السندوتيشات «الحلال».. هل شاهد أحدهم شيئاً بخلاف ذلك؟!! ü أما ما يقوم به بعض الصبية من لعب بكرات الماء البارد أوالتقاذف بالبيض وخلافه.. فهي لا تعدو كونها ألعاب صبيانة لا تخلو من «شقاوة» و بمقدور عربات الشرطة المتوفرة بكثافة حسم أي تجاوزات يمكن أن تقع!! ü حكى لي أيام الديمقراطيةالثالثة «أعادها الله سالمة غانمة» أحد حكام الأقاليم آنذاك- رحمه الله- قصة المظاهرة التي جاءت قرب مكتبه.. والتي قامت بها بعض الجماعات.. منددين بحفل لمطربة مشهورة في دار السينما بعاصمة هذا الإقليم!! ü يوم الحفل تصادف مع ندوة لتلك الجماعة!! قال: خرجت للمتظاهرين الذين طالبوا بإلغاء الحفل و قلت لهم: هل أتابع خدمات المواطنين الضرورية و لجان أمن الإقليم «الحدودي» بكل تفاصيلها المتشاابكة.. الذي هو بالضرورة من أمن واستقرار السودان؟! أم أتابع لجان تصديقات الحفلات بالأندية ودور السينما؟!.. وبقية القصة معروفة!! ü ما نريد أن نقوله: لا «تضيقوا» على الناس أكثر مما يجب.. الحياة اليومية على عمومها أضحت لا تطاق ولا تحتاج لأي ضوابط «جديدة» وتكفي الضوابط «القديمة» وما فعلته في المجتمع من بثور وجروح وأمراض!!. ü السودان مصنف عالمياً ضمن البلدان التي مجتمعاتها أقوى من الدولة فاتركوا مصارعة المجتمع.. إنها معركة في غير معترك!!