في الحلقة الماضية تعرفنا على (راحيل بهنس) وعلى لغة بهنس التي تؤهله لأن يكون كاتباً عالمياً لولا أن المنية عاجلته وفي هذه الحلقة الثانية والأخيرة نتناول طرفاً من إبداع بهنس في التقديم والتأخير للأحداث مع التزام السرد السلس. وهذين المقالين الصغيرين لا يشكلان دراسة تحليلية أو نقدية لرواية بهنس (راحيل) وإنما هما نبذة تعريفية برواية جديرة بالاقتناء والاطلاع وروائي جدير بأن نعزي انفسنا بعد رحيله بالتسلي بإنتاجه التشكيلي والكتابي. ü يقول محمد حسين بهنس على لسان بطله (سالم) في الصفحة الثامنة عشرة: «توفيت والدتها التي يقال إن روحها حلت في راحيل لشدة العلاقة التي تربطهما، كانت إمرأة تدعى زكية رحمها الله توفيت بعد زوجها المهندس بعد سنة ونصف فتخاطف راحيل الغولات (ويعني خالاتها) وربينها والحكمة لله، إنهن كن يحببنها لكن خطأهن الوحيد إنهن لم يتركن لها أدنى مجال لكي تحببهن ثم يقول سالم عند خطوبته لراحيل «استمرت المفاوضات (مع خالاتها) والتي تحولت إلى مزاد علني» حتى تقول كبراهن «نحن يا ود أخوي دايرين الخير والصالح، وانت طالب حق الله، أها وزي شبه اتفقنا معاك.. ولكن» ثم آه من تلك الهمسة.. من فم إحدى خالاتها إلى أذن سالم، والتي لم تنفجر حزناً إلا في الصفحة الرابعة والستين من الرواية يقول سالم: «كان ذلك العصر خالداً لأنه كان آخر وقت نجتمع فيه أنا وراحيل والكاميرا» ماتت راحيل «لقد هرطقت لي إحدى خالاتها أنها «عندها زار مستشري» يقول سالم: «لعنها الله ولعن الزار». ü راحيل ماتت بعد ستة أشهر من زواج لم تدم مدة خطوبتها إلا (48) ساعة!! راحيل ماتت بعد أن غيرت حياة سالم وحياة بيت العزابة وأصبح بيتها (مكة) الحي تؤمه كل النساء. راحيل ماتت بمرض تتكتم عليه ويفصح عنه صداع فظيع. راحيل ماتت ومات محمد حسين بهنس وهمد كيانه المسكون بالفنون شعراً ورواية وتشكيلاً.. ثم.. أرأيتم كيف قدم بهنس كبسولة (لكن..) في الصفحة الثامنة عشر وأخر تفجيرها حتى الصفحة الرابعة والستين؟!! ü بقى أن نشير إلى أن اللغة الروائية مكتملة في رواية (راحيل) إلا أنَّ اللغة البنائية تحتاج قليلاً من اللمسات التصحيحية وهذا أمر يمكن مراعاته في الطبعة القادمة كما أن الحرف الذي كتبت به الرواية لم يكن مريحاً.. وأخيراً، لو خُيِّرت (راحيل) الرواية لسعت برجليها لتنضم إلى مجموعة الطيب صالح.