ü لو كانت كرة القدم لعبة أثرياء لأصبحت النمسا أغنى دولة في الاتحاد الأوربي، هي بطل أوربا الدائم لكرة القدم، ولما نالت البرازيل الكؤوس وسحرت العالم بفنون تخرج من تحت أقدام لاعبي البرازيل. ويوم الأحد (الأغر) كان ملعب إستاد الهلال مسرحاً لصراع سوداني ليبي حول الظفر بالبطاقة الأولى للمجموعة الثانية لأندية بطولة الكونفدرالية الأفريقية.. وليبيا من أغنى دول العالم العربي، وربما ثالث دولة أفريقية بعد جنوب أفريقيا ونيجيريا وأنغولا من حيث صادرات النفط. ü فريق الاتحاد الليبي الذي نازل الهلال عشية الأحد، من أثرياء القارة الأفريقية، بينما الهلال السوداني من فقراء الأندية، ينتمي الاتحاد الليبي من حيث القدرات المالية لمجموعة الأهلي القاهري، والمريخ السوداني، والترجي التونسي، وأياكس كيب تاون، وهذه الأندية تملك من المال والثروة ما يجعلها قادرة على إنفاق ملايين الدولارات في لاعب كرة قدم واحد، بينما الهلال السوداني لم يجد حتى بضع آلاف من الدولارات لسداد مديونية النادي على الفنادق ووكالات السفر، وتم حجز عائدات مداخيل النادي من المباريات لسداد المديونيات، لكن الوضع الاقتصادي المتردي، وحالة الفقر التي تضرب بيت الهلال، لم تحل دون تقدمه في البطولة الكونفدرالية، وبلوغ نصف النهائي في انتظار مواجهة أحد ناديين آخرين من شمال أفريقيا، الصفاقص التونسي أو الفتح الرباطي المغربي، وفي بلوغ الهلال هذه المرحلة إنجاز يحسب للجيل الحالي من اللاعبين الذين أحسنوا تمثيل البلاد خارجياً، وحققوا للسودان انتصارات جعلته محط الأنظار الأفريقية رغم موقف الدولة السالب من الهلال وقلة دعمها لأولاد الصربي ميشو، الذين صنعوا انتصارات في الزمن الصعب. ü يسرف السودانيون في التفاؤل، ويمنون أنفسهم ببطولات وانتصارات لا يملكون الزاد والعدة لها، وقد بدأت بعض الصحف الرياضية في تسويق الأحلام للهلال واستسهال المهام القادمة، والحديث عن بطولة أقرب للهلال من حبل الوريد، بينما الواقع يقول إن فوز فريق سوداني ببطولة أفريقية في القريب المنظور، مسألة مستبعدة.. نظراً للضعف العام في مستوى كرة القدم في البلاد مما لا يؤهل الأندية السودانية لحصد البطولات والألقاب أو المنتخب الوطني، لكن كثيرة هي الاجتهادات الخاصة مثل اجتهادات الهلال وتضحيات لاعبيه، في سبيل تحقيق شيء.. فهل نيل الكؤوس وحده هو الهدف والمبتغى، أم الرغبة في الظهور الأفضل، وتقديم لاعبي السودان أنفسهم للعالم، يمثل أيضاً هدفاً. ü دولة مثل إنجلترا اكتشفت كرة القدم، نصيبها من البطولات واحدة يتيمة نالتها عام 1966م.. ودولة مثل أسبانيا لم تنل شرف الفوز ببطولة كأس العالم إلا العام الجاري، وفريق مثل شيلسي لم ينل بطولة أوربا بعد، فلا عجب إن فشل الهلال في نيل البطولة الحالية، ولا ينبغي لإعلام الهلال الوقوع في فخ (عقدة الكؤوس).. بل على لاعبي الهلال ومجلس إدارته السعي لإدراك النجاح والقتال من أجل الكأس حتى آخر دقيقة، والإيمان بأن الدنيا إذا أقبلت على امرء أعارته محاسن غيره، وإن أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه!