واليوم نمد الأيدي.. أيدي شباب صادق ونبيل.. نرسل الأماني وباقات التهاني للأحبة «الهنود» في الهند الصديقة والعميقة.. وكل شبه القارة الهندية تضاء فيها ثريات الأفراح.. وتمتد وتتمدد صفوف المقترعين.. في عيد الديمقراطية والأفراح.. ويا له من عرس العريس فيه أكثر من ثمانمائة مواطن هندي يصطفون في مشهد حضاري مهيب.. لاختيار حكامهم في دولة مدنية راشدة.. يقف البوذي خلف المسلم.. وبجوارهم الهندوسي.. ولا مانع ولا حاجز ولا عائق حتى أمام اللا ديني.. كل المواطنين يتساوون كأسنان المنشار.. اليوم نغني مع «طاغور» المغني.. بأجنحة من الشعر في روضة غنى.. اليوم يأتي بل تأتي روح «غاندي» ذاك الذي وهب بلاده أشرف وأنبل ما يكون العطاء.. اليوم تحلق فوق الجموع والحشود روح «جواهر لال نهرو» مصطحباً معه «أنديرا».. و«أنديرا» مصباحاً مضيئاً تقود قافلة النساء نساء الهند في ندية كاملة مع الرجال.. نتذكر بل أتذكر «وعيوني في الدمعات وحيلة» أتذكر محجوب الشريف.. الذي أنشد بل هتف اجلالاً للمرأة.. واشادة بالمرأة.. ونطلع للحياة أنداد.. زي سيفين مساهر فيهن الحداد ونطلع من بذور الأرض زرعاً فارع الأعواد.. والهند يا أحبة نالت استقلالها عام 1947.. ومنذ ذاك التاريخ عاشت وتنفست.. وأبدعت وابهرت.. وتعملقت تحت رايات الديمقراطية الخافتة تحت ظلال الديقمراطية الشاسعة الرحيبة.. سبعة وستون سنة.. ولم تشق شوارع دلهي وبومباي دبابة أو مصفحة واحدة.. ما عرفت عبر تاريخها حكماً شمولياً قابضاً كان أو منفتحاً.. وأقارن في وجع.. بل في فجيعة.. كيف الهند وكيف نحن ونحن الآن «يا دوب» نتلمس طريقنا إلى الديمقراطية الحقة.. الآن فقط نتحاور ونجتمع وننفض ونملأ الفضاء بالحروف والكلمات لنصل إلى الذي وصلته الهند منذ سبعة وستون عاماً.. إذا ما هي الوصفة السحرية التي جعلت الهند «تلعب في مربع الكبار»؟؟ إنها الديمقراطية.. تلك التي أتت بمسلم ومن أقلية مسلمة ليقود مليار ومئتي مليون نفس من الهنود. إنها الديمقراطية.. تلك التي بفضلها صارت الهند دولة نووية.. إنها الديمقراطية.. التي جعلت نجوم وشمس وقمر الهند محجوبة بفضل دخان المصانع العملاقة.. إنها الديمقراطية.. التي جعلت الهند تصدر للعالم كل العالم وعندما اجتاحتها فيضانات «التسونامي» ترسل برقية عاجلة «نحن لا نريد طناً واحداً من إغاثة.. شكراً لكم ولكن لن نسمح بشاحنة واحدة أو مركب واحد يحمل «إغاثة» إننا سندرأ السيول من أحشاء مواردنا». إنها الديمقراطية.. نراها ونتمناها كلما وقعت «عيوننا» على شاحنة أو بص أو ميني بص «تاتا» نغبطها كلما أبصرنا على الطرقات ركشة.. إنها الديمقراطية.. التي نسجت على «نول» غاندي ديباجة فاقعة الألوان مدهشة الخيوط.. متعددة اللوحات.. وفوق ذاك عصية على الإهتراء أو التمزيق.. نعم ألوان شتى.. تتشابك في روعة ورشد تتعانق في ائتلاف.. أديان مختلفة.. سحنات مختلفة.. ثقافات مختلفة.. ألسنة مختلفة.. ولكنها مصهورة في مرجل الديمقراطية لتخرج كرة من الفولاذ.. إنها الديمقراطية التي تطعم مليار وربع من الأفواه فقط من انتاجها ملايين الأطنان من الأرز.. أنهر من الحليب.. تلال من الخضروات.. جبال من الفاكهة.. كل ذلك ينمو تحت شمس الديمقراطية التي تهب الحياة.. ختاماً.. مرة أخرى أمد يدي بالتهاني في أعياد الديمقراطية التي تحلق بأجنحتها البيضاء هذه الأيام في سماء الهند.. ولكني أردد أريتو حالنا يبقى زي الأحباب في الهند البديعة..