في السوق العشبي بود مدني اشتهر أحد الصنايعية من المتصوفين بلقب «بالنيّة»، وقد اكتسب هذا اللقب.. لأنه كان يطمئن الزبائن المتعاملين معه في سبيل كسب ثقتهم قائلاً: «بالنيّة» (حنوضب ليكم الشغل)، وفي النهاية يكتشف الزبون أنه لم يحصد شيئاً من مبتغاه سوى «النيّة» فقط. تذكرت ذلك الصنايعي وشعاره المرفوع وأنا أتابع بحسرة استعدادات مدينة ود مدني لإستقبال إحدى مجموعات بطولة الأمم الأفريقية للمحليين.. التي ستستضيفها المدينة بعد ثلاثة أشهر بإذن الله.. تحت شعار «بالنيّة» فقط.. دون أي تحرك ملموس لإصلاح حال استاد ود مدني الذي يشكو من سوء أرضية ملعبه.. وحاجته العاجلة والماسة لإصلاحات تشمل تحديث الإضاءة الباهتة، وصيانة غرف اللاعبين، وفتح مداخل لهم للملعب.. بجانب تأهيل المركز الإعلامي، وصيانة دورات المياه، وإضافة مقاعد جديدة بديلاً عن التالفة في المدرجات. أما على صعيد ملاعب التدريب الأخرى.. فحدث ولا حرج فميدان الشهداء بات مجرد خرابة يأسى الناس ويأسفون لحاله البائس.. بعد أن وعدتهم حكومة الولاية بتأهيله ليكون متنفساً لأنشطة الشباب، والروابط، والدرجات الصغرى، إلا أنها مع الأسف فشلت حتى في تنجيل ملعبه الترابي وإزالة الأنقاض والأوساخ التي تحاصره.. فكيف بالله عليكم يستقبل ملعب كهذا تدريبات المنتخبات الأفريقية. أما ملعبي النادي الأهلي وجزيرة الفيل فهما- والحق يقال- أفضل حالاً إلا أنهما يحتاجان أيضاً للمزيد من التأهيل استعداداً لاستقبال تدريبات المنتخبات المشاركة. صحيح أن حكومة الجزيرة على أرفع مستوى أبدت اهتماماً ملحوظاً لاستقبال الحدث.. وبادر السيد الوالي البروفيسور الزبير بشير طه بتكوين لجنة عليا برئاسة الأستاذ عثمان أبو قناية وزير الشباب والرياضة.. وعقدت اللجنة عدة اجتماعات، انبثقت عنها عدة لجان فرعية، للمالية، والإعلام، والسكن، والإعاشة، والترحيل، وتأهيل الملاعب.. ثم رفعت اللجان تصوراتها وميزانياتها للجنة العليا، التي رفعتها بدورها لحكومة الولاية والجهات المسؤولة بالمركز وخلاص.. محلك قف!! فيا سادتي يا كرام بحكومة الجزيرة، والمالية الاتحادية، والإتحاد العام، لقد سمعنا أن الميزانية المرصودة لهذه البطولة خمسة ملايين دولار، ونحن بطبعنا في الجزيرة ما طماعين والدليل أن حقوقنا في قسمة الثروة مهضومة فقط لأننا مسالمين ومساكين.. ونحن لا نطالب بأكثر من التعجيل بالتصديق بالميزانية المقترحة المرفوعة لكم، كسباً للزمن الذي يكاد يسرقنا ونحن عنه غافلون. أما اذا كنتم تودون أن تستضيف ود مدني البطولة الأفريقية «بالنيّة» فقط حسب شعار صاحبنا الصنايعي آنف الذكر.. فأفيدكم بأنه أغلق محله بعد أن أنصرف عنه الزبائن الذين اكتشفوا مؤخراً أنه ليس «بالنيّة» وحدها يمكن إصلاح حاجياتهم المعطوبة.