عندما زرنا قطر كان الموقع الذي حرصنا على ألاّ نعود قبل أن نزوره هو قناة الجزيرة، تلك القناة التي أكدت أن الإعلام العربي يمكن أن يكون قوياً في مواجهة الإعلام الغربي المستهدف للعرب.. وكانت سعادتنا كبيرة جداً ونحن نتلقى هاتفاً من مستشار سفارتنا بقطر الأستاذ محمد حامد تبيدي ذلك الرجل الذي ظل يسهر لكي ننام، ويتعب لكي نرتاح.. وعندما جاء الميعاد أسرع أستاذنا وصديقنا د. هاشم الجاز، والمخرج الفنان عماد الدين إبراهيم، والأستاذ عادل عتباني مدير هيئة إذاعة وتلفزيون الخرطوم بالخروج، وكل منا يتخيل صورة لمقر القناة التي لا يوجد مسؤول في بلادنا لا يحرص على أن تكون على شاشة تلفزيونه في مكتبه، ولا مثقف عربي يتغيب عن متابعتها، وعندما وصلنا للقناة تفاجأنا بهدوء عجيب فلا أحد هناك ( يحوم) في الحوش مثلما يحدث في فضائيتنا السودانية حيث غالبية الموظفين بها في الحوش وقليلون في الأستديوهات والمكاتب، أما سها مسؤول المقابلات بالقناة (السودانية الأصل) فهي مدربة بدرجة عالية على شرح كل شئ في القناة، وكان أول مكان ندخله صالة بها رسائل سامي الحاج من المعتقل بخط يده وملابسه، وملابس من استشهدوا من قناة الجزيرة، بجانب ميثاق شرف للعمل داخل القناة يلتزم به كل العاملين، ولابد أن يتعرف عليه أولاً كل الزائرين، ثم جاءت الجولة التي لا تجد فيها من يتحدث معك من العاملين غير المرافقة لنا، فالكل هناك يجب أن يكون تركيزه فيما هو أمامه من عمل، لتبدو الدهشة على وفدنا الذي لاحظ أن كل استديوهات القناة التي شغلت الناس وملأت الدنيا لا تزيد عن استديوهات تلفزيون الخرطوم، إلا أن الفرق هو أن هناك كل شئ منظم وأن الاختيار للعمل في القناة يتم بمواصفات خاصة، وليس هناك ( جماعة المدير ولا أقارب)، القدرات وحدها هي التي تؤهلك للجلوس داخل القناة التي لم يستغرق التجوال داخلها (5) دقائق، ومنها انتقلنا إلى موقع الجزيرة الوثائقية و -الجزيرة نت- فهي قناة تتوسع باستمرار، بحسب الحاجة فهناك الجزيرة للأطفال، والجزيرة الرياضية.. وعرفنا أن العمل هناك يتم بنظام ورديات دقيق لا يختل أبداً، وأن للقناة أعرافاً في إطار ميثاق الشرف لا تتبدل، وأن عدد السودانيين بها أكثر من (20) شخصاً.. فخرجنا والدهشة تبدو علينا من نظام لقناة مستقلة في دولة متفردة، فالشقيقة قطر لا تتدخل في القناة والقناة تعمل بايقاع مذهل يستند على قدرات بشرية رفيعة، فهناك لا أحد يتحدث لغة واحدة.. فشكراً قناة الجزيرة على الفرصة وشكراً تبيدي وشكراً قطر، فقد سعدنا بتجربة تستحق أن نفخر بها كعرب، ونصفق لكل القدرات التي بها.. برافو برافو برافو..