العاشر من مارس يكون والدى اكمل عاماً بالتمام والكمال من رحيله عن دنيانا الفانية الى دار الخلود والبقاء، وطوال هذا العام لم أكتب حرفاً واحداً في حق أبي، وما ذلك إلا خوفاً من ألا أجد العبارات والكلمات المناسبة التي تليق به وبمكانته، والآن وأنا أكتب واتوارى خجلاً لأنني مهما كتبت وكتبت طول الدهر لن اوفيك حقك أبي عام مر على الرحيل، ولكن لم تفارقنا لحظة ولم تبرح خيالنا، وبالرغم من بعدي عنك بسبب ظروف العمل، إلا أن الله أراد أن أكون معك وبجوارك في أيامك الأخيرة، ليعوضني حرمان تلك الأيام.. وأشكر الله على ذلك، لأنها بالرغم من مرارتها إلا أنها ظلت عالقة بذاكرتي وتدور بخاطري كل يوم، تلك الأيام التي أمضيتها مستشفياً في السلاح الطبي، وهي تمر أمام عيني يومياً وأنت طريح الفراش الابيض وتحمل همنا، وأنا أجلس بجوارك وتسألني وأنا أسألك هل أكلت وهل شربت؟، تقول لي «أخوك مشى وين اتغطي من الباعوضة تعالي ارتاحي هنا جمبي» فقد كنت أبي رحمك الله مدرسة من الحنية، وقد تعلمنا منك الصبر على المحن والابتلاءات، وأن نتجاوز الاساءة، ولا نكترث لها، وتعلمنا كثيراً وكثيراً آه أبي عام مر، ولكنك لم تزل موجوداً بيننا في كل مكان في البيت، وهي ذكريات ومعانٍ نعيشها أنا وأخوتي جميعاً وأحفادك، نفتقدك ابي ونفتقد عفوك عنا الذي تردده دائماً (عافي منكم كلكم والله يديكم الفي مرادكم) الله كم افتقدت هذه العبارة ابي وكم اشتقت اليها، نعم أبي اقولها افتقدناك كثيراً وافتقدنا وصاياك لنا ولغيرنا، وافتقدك كثيرون غيرنا كنت تعرفه ولا نعرفهم نحن، وحضروا الينا يذكرون مآثرك وطيب معاملتك، وهم يبكون عليك، نعم افتقدناك ابي ولكننا مؤمنون بقضاء الله وقدره، وأنت لا تغلى على ربك، ولانقول غير مايرضي الله ونسأله العلي القدير أن يدخلك الجنة، ويجعل قبرك روضة من رياض الجنة، اللهم أن أبي في ذمتك وبجوارك فقه فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، فاغفر له وارحمه، إنك أنت الغفور الرحيم.. اللهم أنه جاء ببابك وأناخ بجنابك فجُد عليه بعفوك وإكرامك وجودك وإحسانك واجمعنا به في جنات الخلد آمييين يارب العالمين.