توارت شمس الصباح الساخنة بمدينة كادوقلي أمس لتخلق أجواءً جميلة إثر غيابها، ولوحت بيديها مرحبه بجو أشبه بالربيعي، ولم تكن الطبيعة وحدها قد لوحت بيديها، كان عدد كبير من قيادات الولاية يلوحون بأيديهم مرحبين بالوالي الجديد اللواء د. عيسى آدم أبكر، وللمفارقه يصل الرجل المتخصص في الهندسة والحامل لدرجة الدكتوراة في التخطيط إلى الولاية التي بدأت تضمد جراحاتها وتخيط «الفتق» الدامي الذي حدث جراء الحرب والتي مرت ذكراها الرابعة قبل أيام، حيث وقعت في يوم السادس من يونيو من العام 2011م وعرفت ب«الكتمة». حظي عيسى باستقبال فاق التوقعات ولعل مرد ذلك هو ما قاله وزير الثقافة الاتحادي ابن كادوقلي الطيب حسن بدوي: عيسى ولدنا وكلنا خلفه ونرمي معه من قوس واحد»، و بينما احتفى به والي الولاية السابق المهندس آدم الفكي الذي عين والياً لجنوب دارفور التي ينحدر منها أبكر الذي رافقه من الخرطوم بطريقته الخاصه وسرد في اللقاء الجماهيري الذي احتشد له آلاف من مواطني جنوب كردفان، في سرد تاريخي قصة الإمام المهدي وكأنما عيسى هو المنقذ الذي تنتظره الولاية، حيث قال الفكي إنه قبل مائه عام جاء المهدي إلى قدير ولحق به الخليفه عبد الله من دارفور ثم ذهبوا لشيكان وأم درمان والأقدار تأتي بعيسى إلى جنوب كردفان ونذهب نحن إلى جنوب دارفور. لكن الصورة الأكبر والأشمل كما قال الوزير الطيب حسن بدوي. إن ذلك هو السودان والجميع يد واحدة وقلب واحد.. سعادة مواطني الولاية كانت غامرة بالرجل الذي يعرف جنوب كردفان جيداً وقد عمل بها وأصيب بلغم بأراضيها، لكن مع ذلك أراد الوالي السابق أن يعرفه بالولاية وإنسانها أكثر وأكثر وقال في كلمته: أهل جنوب كردفان يا عيسى ما عندهم جهوية ولا قبلية وأمة متحضرة وناس فنانين وأقيف مع ناس كادوقلي». وقبلها امتدح الفكي الوالي الجديد بأنه «لواء ودكتور ومهندس وزول بخطط كويس» .. وقد وضح تخطيط الرجل من كلمته عندما أنه جاء لتحقيق هدف إستراتيجي هو السلام والإستقرار ، وحان الميعاد لتستقر الولاية. وتعهد بمد اياديهم لإخوانهم هكذا قالها للحركة الشعبية ولا نريد مواقف سالبة وهم تعبانين لكن عنيدين. أرسل عيسى رسائل كانت أقوى من الصواريخ التي ألقتها الحركة الشعبية على كادوقلي الصمود، كما يحب أهلها أن يطلقوا عليها، وهو يؤكد أن المسافة بينه والجميع متساوية ولم يأت بأجندة أو قوائم جاهزة أو التعامل مع «فلان أو علان»، وأعلن أن مكتبه سيكون مفتوحاً للجميع.. وقوبل حديثه بهتاف داوي وتهليل وتكبير وكان ذلك تأكيداً على أن رجل الأمن والمخابرات عرف كيف يحلل نفسية مواطن جنوب كردفان وكيف يتعامل معه من أول مرة خاصة وأنه كان صريحاً فوق المعدل بإقراره وجود حزمة من التحديات تجابه حكومته. وقطع بأن السلام لا يأتي بدكتور أو مهندس وإنما بإخلاصهم جميعاً لله وبإخلاص النوايا. وكانت إحدى الحكامات قالت في قصيده مرتجله: نودعك يا آدم الفكي وندعو ليك .. إن شاء الله جنوب دارفور تبقى باردة وترحب بيك وياعيسي ربنا يعينك ويسهل عليك.. إن شاء الله السلام من نصيبك وعلى يديك. وإن كانت هذه دعوات صادقة من الحكامة، كانت اصدق منها دعوة حرم الوالي السيدة منى عبد الله عندما سألتها عن ما تود قوله عقب وصولها برفقه زوجها وقالت: ادعو له بالتوفيق في مهمته وأن يحل السلام بجنوب كردفان والسودان.