٭ انتشار الوسائط الحديثة وسيطرتها على سلوك الأفراد اليومي والتناقل السريع للأخبار والمعلومات عبر برامج الدردشات الاجتماعية كالواتساب والبرامج المماثلة.. جعل من المعلومة كالطلقة التي إن خرجت من الصعب استراجعها، وفي الفترة الأخيرة بدأت تتكشف للناس مساويء هذه التكنلوجيا الحديثة التي ما زلنا مبهورين بها، بدأ ذلك ببروز ظواهر أخرى مرتبطة بهذا الانتشار، وساهمت المواقع الاجتماعية بما لها من ديناميكية وتغلغل في زيادة انتشارها، ومن هذه الظواهر انتشار النكات التي تنشد إضحاك الآخرين عن طريق تغليف النكات وتدبيجها بالمسميات الجهوية والقبائل وذبح قيم المواطنة والقومية السودانية. ٭ تمنينا أن تأتي ثقافتنا الشفاهية والمتداولة دائماً في صالح رتق النسيج الاجتماعي، لكننا وجدناها على العكس تماماً، فبدلاً من تدعيم روح القومية والتوافق الاجتماعي والوطني نجد أن معظم النكات والقصص والحكايات التي تنتشر هذه الأيام، بل معظم ما تبثه الفرق الحلمنتيشية وفرق الإضحاك بكل الوسائط الآن هي من نوع النكات التي تنهش في تاريخ المدن وتهد من عضد الإنسان السوداني وترسخ للجهويات والعنصرية وسفاسف الأمور، وكل ذلك ليس له غرض آخر سوى الإضحاك والكل يضحكون. ٭ وللأسف أيضاً أن معظم هذه الوسائط والأجهزة الإعلامية - إلاّ من رحم ربي- ظلت تفتح أبوابها وبرامجها ورعاياتها بكل أريحية وسهولة لمثل هذا الإضحاك المبتذل دون أن تفكر لحظة واحدة في الأبعاد السلبية السيئة لمثل هذا الترسيخ الجاهل. ٭ نشر الضحك واللهو شيء جميل بالطبع، وثقافة الإضحاك والترفيه لا غبار عليها، لكن أن يتم ذلك بعبارات مثل «أدروب.. حلفاوي.. شايقي.. جعلي.. دنقلاوي.. نوباوي ...» وربط كل قبيلة أو عنصر بصفات معينة سواء كانت حقيقة أم كذباً تمثل خطراً كبيراً ودعوة جهرية للقبلية والتعصب والتفرق. ٭ وما تقوم به فرق الإضحاك ومجموعات النكات من ترسيخ سلبي وسيء لمفاهيم عنصرية وجهوية ترسم في مخيلة الأجيال القادمة بالتأكيد كل الصفات السيئة عن القبائل والمناطق، وهو سلوك مرفوض ويجب أن يجابه بالرفض من قبل المجتمع أولاً ومن ثم الجهات الرسمية. ٭ علينا أن لا نضحك على نكات من شاكلة «حلفاوي ما عنده دين»، «وجعلي أحمق»، و«شايقي بخيل» ،«ودنقلاوي غبي»، وغير ذلك من مفاهيم ستظل راسخة ومترسخة بهذه الطريقة إلى الأبد. علينا جميعاً كمسلمين نشر الفضيلة والسماح والمسامحة وكل فضائل الإنسان السوداني لا التقليل من شأنه، والذي بطبيعة الحال هو شأننا جميعاً، وعلينا أن نقف كلنا ضد هذه الظاهرة التي ليس لها جانب إيجابي سوى الإضحاك لا غير.. دعونا نضحك كلنا لكن على ما هو جميل وإيجابي. ٭ كان علينا كمستخدمين راشدين أن لا نكتب، أو ننشر، لكي لا نعيد إنتاج ونشر النكات التي تضر الوطن والمواطن.