قبيل نحو عامين اصدر والي غرب دارفور مرسوما مؤقتا وجد حظه من الاهتمام..الوالي الشاب حيدر جالكوما وجد ان ابرز صادرات ولايته تتمثل في حطب الطلح المستخدم في زينة النساء..قام الوالي بفرض ضريبة مالية على هذا المنتج..القرار يزيد من موارد الولاية المالية ثم يقلل من استهداف شجرة الطلح المنتجة للصمغ العربي مع اختها شجرة الهشاب..الا ان مرسوم الوالي وجد هجوما وسارت باسمه الركبان ..بل ان شعراء شعبيون نظموا مسادير في هجاء الوالي الذي اقترب من غرف نوم السودانيين. نشرت أمس الزميلة التيار حوارا مع رئيس شعبة مصدري الفحم..من ثنايا الحوار علمت ان بلدنا كان يصدر سنويا نحو ثمانين الف طن من فحم الطلح وحده..ومن ذات الحوار علمت ان مهنة انتاج وتصدير الفحم يعمل بها نحو مائة وخمسين ألفا من السودانيين..كل هؤلاء يشتركون في جريمة القطع الجائر للأشجار في بلد يعاني من تمدد الزحف الصحراوي وارتفاع درجات الحرارة المصحوبة مع قلة الأمطار. حسنا فعل مجلس الوزراء الذي منع قطع الأشجار لمدة خمسة سنوات..بل في تقديري ان القرار يجب ان يعمم لأكثر من ذلك..كما صدر قرار اخر بوقف تصدير الفحم لخارج السودان وهو ايضا قرار يستحق التثمين..بل المطلوب فرض ضريبة اعلي على انتاج الفحم حتي يضطر الناس للبحث عن وسائل اخري لطهي الطعام وتزيين النساء دون اللجوء لقطع الأشجار. كلما حلقت بي طائرة حول العاصمة الخرطوم اتحسر على حظنا من الخضرة..رغم ان بلدنا مترعة بالخيرات حيث تشقها الأنهار الدائمة والموسمية..ومعدلات الأمطار تكفي لنمو غابات من أشجار مقاومة للعطش..رغم كل ذلك فنحن اقل بلاد العالم في مجالنا الجغرافي من حيث المساحات الخضراء. التشجير لم يعد ترفا يتبعه الماء والوجه الحسن..بل بات اسلوبا في الحياة الحضرية.. فقد اجري معهد ماكس بلانك للأرصاد الجوي دراسات خلصت ان استزراع الغابات يؤدي الى زيادة معدل الأمطار بنسبة تتفاوت مابين 10٪ الى 15٪ في المدي المتوسط..كما ان التشجير يؤدي الى تقليل درجات الحرارة بنِسَب معتبرة. في تقديري..ان بلدنا في حاجة ماسة الى مشروع مارشال اخضر..ربما الحل لو كونت مجموعة عمل من وزارات البيئة والتعليم العام والخدمة الوطنية بالتضامن مع منظمات مجتمع مدني متخصصة وفكرت هذه المجموعة في تنفيذ مشروع سودان اخضر في عشر سنوات..بإمكان اي تلميذ في المدرسة ان يغرس شجرة امام بيته ويعتني بها ..وفي نهاية العام يحصل على درجة على قدر اهتمامه..وعلى ذات النحو يربط الاعفاء من الخدمة العسكرية لاصحاب الظروف الاجتماعية بغرس عدد من الأشجار. بصراحة..نحن بحاجة ماسة لنعيد الخضرة لسوداننا ..ربما مثل هذا المشروع يوحدنا بعد ان ذهب انفصال الجنوب بمعظم ثروتنا الغابية.