٭ بالرغم من كل الشعارات الرنانة التي يرفعها السياسيون والكلام المعسول الذي يبثونه للرأي العام إلا أن الهدف الأساسي من العمل السياسي في تقديري هو الحصول على السلطة ولا شيء غيرها، وإن كانت هناك أهداف أخرى فهي لن تاتي بالمقام الأول وإنما في مرتبة لاحقة لما ذكرت، والدليل على حديثي أننا لم نسمع بسياسي أو رئيس حزب سوداني رفض السلطة وصرَّح بأنه يعمل مصلحاً أو للفائدة العامة إلا في حالات نادرة جدا ك (سوار الذهب) الذي تنازل من تلقاء نفسه. ٭ ودليلي على المستوى العالمي، هو قصة الملياردير السوداني المقيم ببريطانيا (المستر مُو) الذي طرح جائزة الحكم الرشيد في أفريقيا وهي تكفل لمن يحصل عليها من الحكام حق العيش على نفقة (مو) مدى الحياة بشرط أن يتنازل عن كرسي الحكم أو يحقق العدالة ببلده والنتيجة كانت لم ينجح أحد. ٭ ما ساقني لهذا الحديث هو تلك الضجة التي صاحبت دخول الصحفي المعارض حسن إسماعيل ضمن التشكيل الوزاري الجديد لحكومة ولاية الخرطوم مستنكرين عليه قبول المنصب وكأن الأمر غريباً. ٭ أحسب أن الأمر قد يكون به غرابة لدى الصحفيين الذين يرون أن مهمة الصحفي أو الكاتب لا تتعدى النقد والمناصحة الفكرية.. لكن الرجل قبل أن يكون كاتبا فهو قد جاء إلى بلاط الصحافة عبر العمل السياسي وتدرج من خلاله وقفز قفزات مبررة ومعلومة. ٭ إن كان الرجل منافحاً عن الحق والرأي لدرجة إثارته الجدل فهذا يُحسب لصالحه لا عليه، أما إذا نظرنا إلى الموضوع من زاوية هدف السياسي الأول ودوافعه التي ذكرتها فلا غرابة ولن نحتاج إلى كبير عناء وتبرير لأنه ليس أول سياسي معارض ينحاز إلى مصلحته الشخصية وينضم إلى السلطة.. ولن يكون أيضاً أخر صحفي يسقط أمام إغراءات السلطة التي يبحث عنها الكثيرون.