عالم فلك يفجّر مفاجأة عن الكائنات الفضائية    فيتش تعدل نظرتها المستقبلية لمصر    السيد القائد العام … أبا محمد    اتصال حميدتي (الافتراضى) بالوزير السعودي أثبت لي مجددا وفاته أو (عجزه التام الغامض)    تمندل المليشيا بطلبة العلم    الربيع الامريكى .. الشعب العربى وين؟    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    ((كل تأخيرة فيها خير))    هيفاء وهبي تثير الجدل بسبب إطلالتها الجريئة في حفل البحرين    قطر.. تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم الصادرة    وصف ب"الخطير"..معارضة في السودان للقرار المثير    والى الخرطوم ينعى نجل رئيس مجلس السيادة    قبل قمة الأحد.. كلوب يتحدث عن تطورات مشكلته مع صلاح    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    وفاة محمد عبدالفتاح البرهان نجل القائد العام للجيش السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. فنانة سودانية تحيي حفل غنائي ساهر ب(البجامة) وتعرض نفسها لسخرية الجمهور: (النوعية دي ثقتهم في نفسهم عالية جداً.. ياربي يكونوا هم الصاح ونحنا الغلط؟)    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تسخر من الشباب الذين يتعاطون "التمباك" وأصحاب "الكيف" يردون عليها بسخرية أقوى بقطع صورتها وهي تحاول تقليدهم في طريقة وضع "السفة"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    واصل تحضيراته في الطائف..منتخبنا يؤدي حصة تدريبية مسائية ويرتاح اليوم    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دكتورة مضاوي الرشيد ودكتور عبد الوهاب الأفندي!! إمرأة ليست كباقي النساء
نشر في حريات يوم 06 - 07 - 2011

في مقالتي السابقة بعنوان: المطلوب بروسترويكا صحفية من د. نافع علي نافع، خاطبت الدكتور نافع لكي يعجل بعمل بروسترويكا صحفية ضد لوبيات المؤتمر الوطني الإقتصادية الفاسدة وإلا ستضعف كروته في أية معركة، خاصة معركة رئاسة الحركة الإسلامية الفاصلة في الفترة القادمة، مما قلت: (ويخبرنا التاريخ السياسي بعمومه أن اللوبيات الإقتصادية هي التي في الغالب تكسب المعركة السياسية، وما حدث في مصر هو إستثناء يشبه المعجزة).
ولقد صدق تحليلي السياسي، فاللوبي الإقتصادي داخل المؤتمر الوطني أخذ يدق طبول الحرب في وجه الدكتور نافع لتوقيعه بروتوكول أثيوبيا للسلام مع والي ولاية النيل الأزرق مالك عقار – وحذر هذا اللوبي الإقتصادي ويا للعجب من (تكرار خطأ نيفاشا المشؤمة) التي تغنوا بها طويلا جزلى ومستبشرين – لكونها جلبت لهم إنفصال الجنوب. أخذت صحيفة الإنتباهة المتسعودة التوهيم على جمهور العوام أن الدكتور نافع علي نافع أصبح لا حول ولا قوة له – وهذا التوهيم عبر الصحف هو أحد الوسائل المطروقة لترويع جيب آخر في الحزب الحاكم، فمثلا أخرج شارع الصحافة (عبد الباقي الظافر) بصحيفة التيار خبرا “مؤكدا” على زعمه أن ابنعوف سيرقى ترقية إستثنائية..(الرمية البعيدة: بدلا من محمد عطا!!). ما أن مر شهر على الرمية حتى خاب ظن شارع الصحافة وظن من أطلق الهمسة في شارعهم: رقي اللواء محمد عطا من لواء إلى فريق أول بدلا من إزاحته!! لقد أصبح واضحا من الضجة الأخيرة حول د. نافع أن اللوبي الإقتصادي في المؤتمر الوطني يرغب في دق إسفين ما بين رئيس الجمهورية ودكتور نافع، وإذا نجحوا في مسعاهم سيضعفون من مركز دكتور نافع أولا، عقابا له لفتحه باب محاربة الفساد المالي، ثم يضعفون من مركز رئيس الجمهورية في خطوة لاحقة.
صاحب صحيفة الإنتباهة لا يميز ما بين خطين، خط لوبي الفساد المالي في المؤتمر الوطني الذي يرفع شعار الشريعة تكتيكيا – وخط السودان الجديد الذي في ظنه يهدد الشريعة لمطالبته بدولة مدنية – وخذ معها العروبة والإسلام. المهندس الطيب مصطفى بشنه هجوما كاسحا على العلمانية والعلمانيين (الحلو، عرمان، عقار) يدعم خط الفاسدين من حيث لا يدري، بأسلوب يعكس سذاجة فكرية وعنصرية!! فهل إذا كان لديه في صحيفته مفكرون يفتخر بهم حقا على وزن إسحق أحمد فضل الله وسعد أحمد سعد، فليدعهما يردان إن أستطاعا على مقالتي: العلمانية في مواجهة تأله الدولة الإسلامية؟؟ لقد أثبتنا في هذه المقالة زيف إستخدام مقولة العلمانية وشرحنا من أين وكيف أستعملت. فهل يستطيعون الرد؟ لا أعتقد.
لأن كل مواهب أسحق أحمد فضل الله هي بضعة تخريفات شيزوفرينية يتعمد فيها الغموض البناء على طريقة فرانز كافكا لتغطية عجزه الفكري – ويهدف بهذا الغموض كأن يصطاد به السذج من العوام حتى يعتقدوا أن وراء الأكمة ما وراها.
لقد أمسكت بالأستاذ أسحق احمد فضل الله يكذب على شخصي مرتين، إحداهن حين أدعى بأن الأسطوانة لم تفتح له – ومن طبعي من يكذب علي مرة واحدة أشطبه من قاموسي الإجتماعي والسياسي لأنني لا أحب الكاذبين. يوجد في هذه الإسطوانة كتابي الذي ألفته: جهاز الإحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا على طاولة التشريح السودانية. وبما أنني لم أرغب أن أحكم على الرجل من خصوماته الصحفية الفجة وفضلت خوض التجربة مع مؤتمرجي مثله، أعطيته كتابي لكي يقيمه فعاد وكذب أن الأسطوانة لم تفتح، وهو لا يعرف أنني خبير في الكمبيوتر فضلا عن كتيبة من مهندسي الكوميوتر تعمل معه – فكيف لم تفتح الإسطوانة؟ هذا هو حال رجل يدعي الدفاع عن الشريعة لا يستحي أن يكذب.
كذلك أشرت في مقالتي التي خاطبت بها الدكتور نافع بصدد البروسترويكا الصحفية إلى مثقفي السلطة أو المثقف السلطوي إشارة عابرة – وهو مصطلح يروج له د.عزمي بشارة، وأكدت في مقالتي هذى أنه ليس بالضرورة أن يكون المثقف السلطوي السوداني عضوا عاملا في حزب المؤتمر الوطني، ومثاله الصارخ أسحق أحمد فضل الله، وسعد أحمد سعد الخ ظهرت عليهما أعراض فيروس ابن تيمية مجاراة لمركز السلطة. وأكدت أيضا في نفس المقالة أن مصطلح المثقف السلطوي أكثر تعقيدا من هذا التبسيط الذي نراه في مثال هذين الرجلين الصريح. في هذه المقالة سنفاجئكم ونضرب مثالا حيا لأحد مثقفي السلطة المتخفيين بأقنعة متعددة، يصعب كشفه، وهو د. عبد الوهاب الأفندي.
قبل الإستطراد دعونا نعرف القراء الكرام أولا بدكتورة عربية (سعودية؟؟!!) من أرض الجزيرة العربية من الحجاز من آل الرشيد غرماء آل سعود، وهي الدكتورة مضاوي الرشيد – ترياق مرض السلفية السعودية. مقالتها الواحدة تهز أركان النظام السعودي بخدمه وحشمه ولا يدري النظام اسعودي المرعوب كيف يغلق فمها. وهي إمرأة ليست كباقي النساء، مثقفة ومفكرة ومناضلة سياسية حقيقية، وتعتبر في حكمي ومقاييسي الفكرية والسياسية أكبر عقلا من كل المفكرين الذكوريين العرب في الساحة الثقافية والسياسية العربية، حتى د. عزمي بشارة نفسه لا يتفوق عليها ولا يباريها في قدراتها الفكرية والتحليلية. ولكن مع الأسف يجهلها تماما الكثير من القراء والمثقفين السودانيين، وتتجاهلها الصحافة السودانية بخبث لا يخلو من إنتهازية صحفية – بعشم التوظيف في الإمبراطورية الإعلامية السعودية والخليجية.
حين أكتشفت شخصية د. مضاوي الرشيد المفكرة عبر صحيفة القدس العربي كنت أعتقد أنها شخصية عابرة، فأتصلت بها من ميونيخ تلفونيا عدة مرات وهي تعيش بالطبع في لندن مشجعا ومعجبا بها وبكتاباتها، ووعدتها أن أروج لها ولأعمالها في السودان. وها أنا أفعل وأبر بوعدي. ولكن بعد فترة قصيرة من الإتصال بها تأكد لي أنني الجاهل بشخصها لأنني لا أتابع وقتها الساحة الإعلامية – وقد وجدتها تملأ الساحة العربية بإستحقاق. ولكن مشكلتها مشكلة كل مفكر حقيقي، لكونها مفكرة وباحثة سعودية، فالديدان من مثقفي السلطة، والذين يحلمون بالكلأ في مراعي دول الخليج – يتجاهلونها.
هنالك مثقف آخر سوداني أو المقابل الموضوعي للدكتورة مضاوي الرشيد يمثل حالة قطبية معكوسة، وينطبق عليه لقب “مثقف السلطة” ونعني به د. عبد الوهاب الأفندي كما أسلفنا، كلاهما لغرابة الصدفة يعملان بمركز دراسات الديموقراطية، بجامعة وستمينيستر، بلندن. ولكن شتان ما بين الشخصيتين في كل شيء. فبينما تناطح الدكتورة مضاوي أعتى نظام سلطوي قمعي في التاريخ العربي قاطبة، يقفز د. عبد الوهاب الأفندي بإنتهازية المثقف السوداني قفزة جوية سهلة من شباك السفارة السودانية بالدور الثالث بلندن إلى ساحة جامعة وستمنستر – ويدعي لنفسه مواقف وبطولات وهمية في مسيرة ثورة الإنقاذ الإسلامية. لا يتورع كأن يضع رأسه برأس الدكتور حسن الترابي.
في نفس فترة إتصالي بالدكتورة مضاوي الرشيد تلفونيا ربما عام 2003م أو 2004م أتصلت أيضا بعبد الوهاب الأفندي عبر الأيميل ورغبت في أن أناقشه في كتابه الجديد الذي ألفه: الاسلام والدولة الحديثة نحو رؤية جديدة!! وتبادلنا بعض الأيميلات..سألته كيف ترى الإمام علي على ضوء كتابك عن الدولة الإسلامية الحديثة؟ رد على بما يشبه نكتة سمجة: وما دخل الإمام علي بالدولة الإسلامية؟ فهمت فورا أنه حاطب ليل في القضية الإسلامية، وأوقفت المراسلة معه فورا إما لجهله – وإما لأنه وكعادة مثقفي السلطة يتفادون الألغام الفكرية حتى تفتح لهم الأبواب، أبواب السلطة – هذه المرة بوابات دول الخليج.
إذن أول الإستنتاجات عن مثقف السلطة أو المثقف السلطوي أنه يتفادى الحديث أو الكتابة البحثية المعمقة التي تحاكي المتفجرة أو اللغم الفكري، لأنه قد يحطمه شخصيا ويحطم مشروعه الخاص للصعود إلى أعلى في مملكة الفكر والثقافة. السلطة السياسية عادة تعاقب المثقف والمفكر الحقيقي بغلق الأبواب في وجهه – هذه يفهمها جيدا مثقفو السلطة!! فهل يعقل أن يكتب أحدكم كتابا عن الدولة الإسلامية ولا يشرح في كتابه قضية الإمام علي عليه السلام الدراماتيكية في العمق، هذه القضية التي تشبه الصخرة، والتي عليها وإلى اليوم أنقسم المسلمون إلى سنة وشيعة؟! فهل أختلفت السنة والشيعة على شيء سوى إختلافهم على مفهوم الإمامة والدولة؟ ولحسن الحظ تحصلت اليوم فقط على كتاب د. عبد الوهاب الأفندي من الأنترنيت وقرأت فيه الباب الثاني، فلم أجد فيه سوى تلك الحكاوي والقصص المنحولة بشكل إنتقائي التي يعطونها لطلبة المدارس، وقد حشر د. الأفندي الإمام علي ومن نصره من صحابة رسول الله (ص) في كتابه كظاهرة مثالية ثانوية إكمالا لصورة المعسكر الواقعي الذي يقوده المنتصر معاوية – هذا كل ما عند الدكتور الأفندي. وعليه: لم أستعجب قوله لي في الأيميل: وما دخل الإمام علي بالدولة الإسلامية؟ لقد طنطن د. الأفندي في كتابه كثيرا تلك الطنطنة الخشبية إياها التي في محصلتها يخرج القارئ منها أكثر تشوشا عن مفهوم الدولة الإسلامية.
وبما أننا لا نرغب أن نجاري د. الأفندي التكة بالتكة في كتابه..تك تك تك، ولكن يمكننا بضربة واحدة نسف كتابه بالكامل وأن نثبت أن لا قيمة علمية له البتة، ولا يمكن حتى عده كمنتوج لباحث يحمل دكتوراه ويعمل في جامعة يضرب بإسمها المثل في السودان: ديموقراطية وستمنيستر!! فعلى أية أساس يستقيم البحث في كتابه عن الدولة الإسلامية إذا علمنا أن عمر ابن الخطاب على سبيل المثال لا الحصر كان يعلم مسبقا أن عثمان ابن عفان سيليه في الحكم – وإنه هكذا أتفقت قريش سرا بقيادة عمر ابن الخطاب لتفويت الخلافة على الإمام علي عليه السلام للمرة الثانية:
(في الطبقات الكبرى لابن سعد ج: 5 ص: 20: قال أخبرنا الوليد بن عطاء بن الأغر وأحمد ابن محمد بن الوليد الأزرقي قالا عن عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي عن جده أن سعيد بن العاص أتى عمر يستزيده في داره التي بالبلاط وخطط أعمامه مع رسول الله (ص) فقال عمر: صل معي الغداة وغبش ثم اذكرني حاجتك، قال: ففعلت حتى إذا هو انصرف، قلت: يا أمير المؤمنين حاجتي التي أمرتني أن أذكرها لك، قال: فوثب معي ثم قال: امض نحو دارك حتى انتهيت إليها، فزادني وخط لي برجله،. فقلت: يا أمير المؤمنين زدني فإنه نبتت لي نابتة من ولد وأهل، فقال: حسبك، واختبئ عندك أن سيلي الأمر بعدي من يصل رحمك ويقضي حاجتك!! قال: فمكثت خلافة عمر بن الخطاب حتى استخلف عثمان وأخذها عن شورى ورضي فوصلني وأحسن وقضى حاجتي وأشركني في أمانته!! قالوا: ولم يزل سعيد بن العاص في ناحية عثمان بن عفان للقرابة).
يجب أن تدرك المعارضة السياسية السودانية أن كتب التراث والمصادر الإسلامية المعتبرة لا تطبع عن عمد عبر مؤامرة سعودية منذ بداية الخمسينيات بعد أن سيطرت السعودية على معظم دور النشر في لبنان، ثم مصر بدءا بالسبعينيات، بقصد تجفيف المحيط الإقليمي منها، وإحلال كتب بعينها بكثافة – كتب ابن تيمية وتلاميذه ابن القيم الجوزية، ابن كثير، الذهبي الخ إضافة إلى السماح لكتب الأخوان المسلمين الساذجة. فمثلا خذ كتاب الطبقات الكبرى لإبن سعد الذي أخرجنا لك منه هذا النص الخطير أعلاه، لا يمكن طبقا للمؤامرة السعودية والخليجية أن يطبعوه طباعة شعبية رخيصة حتى لا يطلع عليه جمهور العامة، وإلا أنكشفت طبيعة الإنقلاب على الإمامة الشرعية وإستبدال الرسالة المحمدية الحقيقية بالأيديولوجية الأموية التي أسس لها ابو بكر وعمر. لقد تعود المسلم السني على جهله بهذه المصادر والكتب المعتبرة ولا يدرك انها موجودة ومسحوبة عنه عن عمد. هذا الحجب وهذا المنع سنة سياسية عمرها أربعة عشرة قرنا.
بدراسة السيرة الذاتية للدكتور الأفندي نجزم بأنه لم يكن أحد الإسلاميين الحركيين الاساسيين بالأصالة الفكرية والجهادية – وربما لم تكن الحركة الإسلامية تعني له شيئا سوى سلما وظيفيا للصعود والتكسب. نجده يقفز من دراسة الطيران إلى العمل الصحفي، ثم بجامعة الخرطوم، ثم أستقر بالسفارة اللندنية وحين وجد له فرصة أفضل للسقوط المهني كباحث في جامعة أجنبية معادية لدينه ولبلاده، ومن أجل جمع المزيد من عملة الإسترليني، قفز من شباك السفارة السودانية وأعطى ظهره للإسلاميين!!
وبالرغم من ذلك لم يترك الأفندي الإسلاميين الحركيين في حالهم.. إستثمرهم كمتخصص فيهم لكي يعطي مبررا لوظيفته الجديدة في الجامعة البريطانية التي يعمل بها، ثم قدح في الشيخ الترابي لكي يسيل لعاب الحاضنة الإعلامية الخليجية لتحتضنه، وهكذا غبتداءا حضنته صحيفة القدس العربي ثم قنوات العربية والجزيرة والحوار الخ، وأغرق الساحة السياسية السودانية بمقالات ضعيفة المستوى في الإسلاميات يوهم بها الأميين إسلاميا ويتكسب منها، وعلى ذلك كله أختار بمشيئته الحرة ألا يكون باحثا حقيقيا على وزن د. مضاوي الرشيد أو د. حسن ابن فرحان المالكي – بل فضل أن يكون مثقف سلطة – اية سلطة. وهنا نستلف كلمات إحدى الكاتبات السودانيات اللواتي أكن لهن إحتراما خاصا مع قليل من التصرف في كلماتها (ما هو بين قوسين) لكي نلقي المزيد من الضوء على مثقف السلطة، أرسلت لي وقالت:
السذاجة جزء أصيل من لعبة (الكتابة) يا سيدي .. لعبة التواطؤ مع ذوق القارئ (وذوق السلطة) وهي تحدث لان العزف على اوتار المشاعر والانفعالات الشعبية حينا والقومية (والإسلامية) احيانا هو الطريقة الوحيدة للثبات على سراط المقروئية وما ادراك ما المقروئية..هي التي تحدد (فتح الأبواب من قبل السلطة من عدمه) التي تحدثت عنها وهي التي تحدد من هو النجم ومن هو الكاتب .. وعلى فكرة معظم هؤلاء الكتاب يملكون رؤى أعمق مما يبدون وآراء مخالفة لمجريات الواقع (او مجريات التاريخ) لكنهم يجارون والمجاراة هي آفة (العلم والفكر والثقافة)…!
السعودية والسباق النووي
د. مضاوي الرشيد
2011-07-03
باحثة واكاديمية من الجزيرة العربية
جاءت محاضرة رئيس الاستخبارات السابق تركي الفيصل في قاعدة عسكرية للنيتو حيث تتداول قيادة امريكية اوروبية شأن الشرق الأوسط لتكشف عن مدى ارتجاف السعودية من تغير خارطة المنطقة العربية بعد سقوط نظام مبارك والثورات المشتعلة والتي تهدد العدد الكبير من الانظمة العربية.
يرى الأمير السعودي ان ايران هي المستفيد الوحيد من الثورات التاريخية حيث تبدو وكأنها اكثر تغلغلاً في المنطقة خاصة وان القيادات الجديدة التي ستفزرها الثورات العربية ربما لا تكون مرتبطة مباشرة بمصالح السعودية او الولايات المتحدة مما يجعلها اكثر استقلالية في اتخاذ قرارات تناسب مصلحتها القومية القطرية وليس مصالح الانظمة ذات القوة الشرائية الاكبر كالسعودية مثلاً او الولايات المتحدة. لذلك جاءت تهديدات الامير لتخيف شركاءه في العمل الاستخباراتي وتعلن عن مرحلة جديدة تدخل فيها السعودية مرحلة السباق النووي. ورغم ان الامير له باع طويل في العمل الاستخباراتي المخفي والمكشوف الا انه قد صمت طويلاً على موضوع مخاوف السعودية من التسلح النووي.
فأين كان الامير خلال نصف قرن من تسلح اسرائيل النووي والذي تعدى الاغراض السلمية ليصبح جزءاً لا يتجزأ من ترسانتها العسكرية. وان كانت ايران لم تصل الى تطوير سلاح نووي الا ان الامير يخشى ويرتعد من تداعيات ‘النووية الاسلامية' ولا يبدي اي اهتمام ‘بالنووية الصهيونية' وكأنه يعتقد ان ايران لو قدر لها ان تطور رؤوس صواريخ نووية او حتى قنبلة نووية ستكون متوجهة شطر مكة المكرمة أما النووية الصهيونية في قلب العالم العربي ستكون من حظ بلاد الواق الواق او ما بعدها خلف البحار.
جاء الامير ليعلن لجنرالات النيتو انه سيدخل حلبة الصراع والسباق النووي لان ايران دخلته فكان يستجدي النيتو ليقوم بفعلة قد تجر المنطقة الى حرب مفتوحة تحرق الجميع لا نعلم لماذا يصمت الامير عن مفاعلات اسرائيل النووية واسلحة الدمار الشامل والتي مزقت وفتكت باخوانه العرب والمسلمين في لبنان وفلسطين وسورية والاردن ومصر خلال اكثر من نصف قرن وظل الامير ساكناً لم تتحرك قدراته القتالية ومعلوماته الاستخباراتية الا مؤخراً وكأنه يعتقد ان السلاح النووي الايراني قد اكتمل وانتصب متوجهاً الى أقدس وأطهر بقع العالم في مكة والقدس ليدمر ويفتك بمقدسات المسلمين ويهدد مصالحهم الدينية والاقتصادية.
لا نعتقد ان الامير يعترض على التسلح النووي كسلاح فتاك من مبدأ معارضة السباق التسلحي او من مبدأ اخلاقي ضد استعمال السلاح وتفعيل الدبلوماسية لان محاضرته كانت تنذر جنرالات النيتو برغبة السعودية الالتحاق بالعرس النووي وتكاليفه الباهظة والتي تتجاوز المليارات لا لشيء الا لان ايران قد دخلته لتغطي على وضعها الكرتوني كما وصفه الامير. وان كانت ايران نمراً كرتونياً فهل يا ترى اصبحت السعودية اليوم نمراً حقيقياً بمخالب شرسة؟ وهل كانت السعودية يوماً ما ذات مخالب تواجه بها خطر اسرائيل النووي او ان الامير عنده من المعلومات الاستخباراتية الجليلة التي تطمئن القيادة السعودية ان سلاح اسرائيل لن يتوجه يوماً ما الى اي شبر من الاراضي السعودية بينما تنصب ايران صواريخها النووية من بوشهر متوجهة الى قلب العالم الاسلامي وقبلته. ان كانت ايران قد دخلت حلبة السباق النووي فهي دخلته ليس لتغطي على كرتونية نمرها وهشاشة وضعها الداخلي بل هي دخلته لانها قد طوقت بحزام مسلح من قبل اساطيل الولايات المتحدة في الخليج العربي والتي تستقر على شواطئه بمباركة مشيخات متعددة بما فيها السعودية رغم مسرحية خروج القوات الامريكية من القواعد العسكرية في الجزيرة العربية وانتقالها الى قطر ناهيك عن تطويق ايران بريا من جمهوريات اسيا الوسطى.
وقبل ان يهدد الامير ويتوعد بتطوير النشاط النووي السعودي كان عليه ان يحلم بالمنطقة العربية كمنطقة خالية من السلاح النووي بما في ذلك الاسرائيلي الفتاك والايراني والذي هو في طور التبلور من اجل ان يوفر على شعوب المنطقة صولات وجولات تفتك بها وتهدد التنمية الاقتصادية فيها وتقوض ثروتها النفطية وتبدد احلام شبابها بحياة افضل.
دخول السعودية الى حلبة التسلح النووي ما هو الا محاولة لتبذير الفائض النفطي ومدخوله وفرصة ذهبية لاثراء طيف جديد من امراء الحرب المختصين بعقد الصفقات العسكرية مع الشركات الغربية خاصة في مرحلة تغيير القيادة السعودية القادمة واقطابها ورموزها المعروفين. منذ بدء التسلح السعودي وتطوير مؤسساته واسلحته خلال العقد المنصرم ظهرت شريحة من الامراء المرتبطة اسماؤهم بصفقات اسلحة وتدريب خيالية وان انتهى اليوم عصر التسلح التقليدي فسنجد ان السلاح النووي سيفتح صفحة جديدة من الصفقات السرية والعلنية يستفيد منها طيف آخر من الامراء الجدد. ناهيك عن المصالح الاقتصادية الغربية والتي تمر في احلك مراحلها اليوم خاصة وان الضغط على منطقة اليورو يتفاقم بسبب ازمات اليونان واسبانيا وايرلندا وربما غيرها. فتستعجل اكبر اقتصاديات اليورو كفرنسا مثلا في تقديم الخبرات والتقنيات للدول الخليجية من اجل الفوز بحصة الاسد من العقود الجديدة وليس من المستغرب ان رحلة ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني الى الخليج كانت مصحوبة بعدد غير قليل من تجار الاسلحة الذين راح يطوف بهم في العواصم الخليجية املا في انتعاش الاقتصاد التسلحي الكبير خاصة في مرحلة اهتزاز الانظمة الغنية من ثورات الفقراء والمحرومين في شمال افريقيا. ولا بد ان نسأل سؤالا افتراضيا: هل سيرتاح الامير ويطمئن باله ان قامت قوات النيتو بضربة خاطفة تستهدف ايران تماما كما كان الملك السعودي يطلب من الولايات المتحدة فعله حسب ما كشفته وثائق ويكيلكس المعروفة. وهل عندها ستعيش السعودية قيادة وشعبا مرحلة هناء ورغد بعد ان تقطع الولايات المتحدة رأس الافعى والتي تحولت اليوم حسب محاضرة الامير الى نمر كرتوني في مواجهة الحمل الوديع السعودي. بعيدا عن الالفاظ الحيوانية والتي لا نستلطفها في مفاهيم العلاقات الدولية، ستجد السعودية نفسها معرضة لخطر أعظم من السباق التسلحي النووي والذي يستهدف ثروتها الحالية والمستقبلية وينذر بكوارث قادمة تفتك بالبيئة والثروة والمجتمع وان كان هناك من عبرة يجب انب اخيه الحالي ان تعيد النظر في موقع السعودية من الاعراب في منطقة عربية جديدة تنهار فيها الديكتاتوريات ولن تكون حلبة السلاح النووي هي من يحل مشاكل القيادة السعودية كقيادة وحيدة يتيمة في بحر عربي يموج من محيطه الى خليجه بأجساد شباب انتزع زمام المبادرة من نستلهمها من كارثة اليابان الاخيرة حيث هناك محاولة اعادة النظر في الطاقة النووية وسلامتها. وهناك عبرة اخرى يجب على السعودية ان تتعلمها من فوائد النووية الصهيونية والتي بعد اكثر من نصف قرن وسلسلة من الحروب لم تستطع الترسانة النووية الاسرائيلية ان تضمن العيش المستقر والسلم بين اسرائيل وجيرانها العرب فبقيت الدولة العبرية مشدودة متشنجة طيلة عقود سابقة ولم تنفعها القنبلة النووية في محيطها الضيق ولم تثبت جدواها امام انتفاضات الحجارة والاطفال او العمليات الاستشهادية. فكانت قنبلة اسرائيل النووية فقاعة في وجه حجارة الاطفال او حتى صواريخ حزب الله التي حطت رحالها في حيفا.
تحتاج السياسية الخارجية السعودية القادمة ان اعتلى عرشها امير الاستخبارات السابق كوريث لمنص قيادات هرمة فتكت بالشعوب وكرامتها. قنبلتنا النووية الجديدة هي شبابنا وطموحاته ونساؤنا وامالهن وليس مفاعلات تشتريها حلقات تجار الاسلحة من القيادات السعودية ونظيرتها في العواصم الغربية.أ.ه.
نقول: تحية وإجلالا للدكتورة مضاوي الرشيد – التي تفوقت على العالم الذكوري بما لا يقاس.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.