التوجيهات التي أصدرها رئيس الجمهورية المشير عمر البشير خلال الفترة الماضية بإعادة مؤسسة جبال النوبة الزراعية بجنوب كردفان، بدأت تأخذ طريقها للتنفيذ من خلال الخطوات العملية التي بدأت فيها الولاية لإعادة المشروع من جديد، تلك الخطوات تجلت باكتمال كل الإجراءات بالولاية من حصر للمحالج وبعض الممتلكات الخاصة بالمؤسسة، بجانب حصر الكادر الذي كان يعمل بها و هيكلها التنظيمي، فضلاً عن صدور توجيهات لوزارة المالية الاتحادية بعمل الترتيبات اللازمة لعودة المؤسسة. خلط التجارة بالسياسة: خطوة عودة مؤسسة جبال النوبة الزراعية وغيرها من خطوات التنمية بولاية جنوب كردفان ترصدها و تراقبها بدقة أعين الإدارة الأمريكية. ويقول أمين أمانة الشؤون الاقتصادية والتنمية بصندوق دعم السلام بولاية جنوب كردفان حسين كرشوم، خلال حديثه في ورشة إعادة وتوطين زراعة القطن المطري بجبال النوبة التي نظمها الصندوق، يقول إن المبعوث الأمريكي الخاص لدولتي السودان و جنوب السودان دونالد بوث، ذكر في زيارته الأخيرة للبلاد بأن التنمية تعتبر أحد مداخل السلام، وأشار كرشوم إلى أن حضور مسؤولين من المعونة الأمريكية للورشة يأتي من باب مراقبة «إلى أي مدى تمضي التنمية بجنوب كردفان»، خاصة وأن المنطقة تشهد بعض الاضطرابات الأمنية، ويمضي كرشوم ليؤكد بأن هنالك رغبة كبيرة من الدول الأوروبية في القطن الوارد إليها من جبال النوبة، وأضاف «نحن نخلط التجارة بالسياسة، نحن نريد أن نسوق هذا القطن ونسوق معه لعلاقتنا مع دول الاتحاد الأوروبي». الرجل أشار إلى أن الصين طرحت قبل (4) سنوات بأنها تريد الإستثمار في القطن بجبال النوبة في مساحة تقدر بنحو(500) ألف فدان، لكنه أكد بأن تطبيق الغاتفاق استحال بعد اندلاع الصراع المسلح بالولاية، كرشوم قال إن الصينيين لوّحوا بأنهم سيكونون حاضنين لمؤسسة جبال النوبة الزراعية تمويلاً وتسويقاً، وشدد على أن أشواق أبناء جنوب كردفان تتطلع إلى عودة المؤسسة باعتبارها صنواً لمشروع الجزيرة من النواحي الاقتصادية، ومضى للكشف عن مناقشتهم لعودة مؤسسة جبال النوبة خلال مفاوضاتهم مع قطاع الشمال، وزاد «نريد من الورشة أن ترسل رسالة للطرف الآخر بأننا جادون في عودة مؤسسة جبال النوبة الزراعية»، كاشفا عن أن الرئيس وجه مجموعة من أبناء الولاية بإعادة المؤسسة. توقف التمويل: فى المنحى ذاته مضى الأمين العام للصندوق بروفيسور خميس كجو كندة للقول بأن الزراعة تمثل المورد الرئيسي الذي يبنى عليه اقتصاد الولاية، وأبدى أمله في أن تخرج الورشة بمخرجات تجذب الطرف الآخر، في إشارة للحركة الشعبية قطاع الشمال بأن يمدوا أياديهم للسلام، وأضاف «أرضنا رحبة وهي لم ترفض أبناءها لكنهم هم من جاروا عليها». الأوراق المقدمة في ورشة إعادة و توطين زراعة القطن المطري بجبال النوبة كشفت عن الآثار المترتبة على توقف زراعة المحصول بالمنطقة، حصرتها في توقف التمويل المباشر لعمليات زراعة المحصول من بنك السودان بضمانات من المؤسسة، بجانب توقف معالجات ملكية الأراضي التي كانت تؤدي للنزاعات، وتوقف خدمات الصيانة للطرق البرية الموسمية وأثره ذلك على التواصل و حركة الأسواق، وأشارت الأوراق إلى أنه في ظل غياب الأجهزة المختصة كالأبحاث الزراعية دخلت المنطقة عينات كثيرة من القطن منها «أكالا وشمبات»، ومع أنها أيضاً أقطان متوسطة التيلة، لكن لا يُعرف أداؤها وملاءمتها لهذه المنطقة، كما أُدخل أخيراً القطن المحور وراثياً إلى المنطقة دون إجراء تجارب بحثية مسبقة عليه مما يعمق من حجم المشكلات التي تعوق توطينه بالمنطقة، وطالبت الورقة بضروريات يجب توفيرها لتوطين القطن بالمنطقة لخصتها في إيجاد دور البحوث الزراعية في استنباط العينة المناسبة، بجانب الاجتهاد في تنظيف المنطقة من عينات القطن الأخرى، خوفاً من الخلط الوراثي.