شهدت إحدى أمسيات يونيو 2003، ظهور الرجل الخفي في نادي المريخ للعيان، عندما عينت السلطات الرياضية، السيد جمال محمد عبد الله الوالي رئيساً للنادي خلفاً لمجلس السيد محمد اليأس محجوب الذي أستقال بعد حادثة أمغد المشؤومة التي راح ضحيتها نفر كريم من أبناء النادي، ومن ذلك التاريخ الطويل جلس الوالي على كرسي رئاسة النادي ل13 عاماً بالتعيين والإنتخاب، حتى وصل إلى مرحلة نهاية مشواره بالنادي، بالإستقالة التي قدمها أمس الأول، معلناً بها نهاية رحلته في كوكب المريخ ما بين مصدق ومكذب من أنصار النادي الذين لا يرون رئيساً غيره داخل أسوار القلعة الحمراء. ٭ من فداسي إلى الأسكندرية جمال محمد عبد الله الوالي المولود في 1964م بقرية فداسي الحليماب بولاية الجزيرة.. كان طفلاً هادئاً، مهذباً، ومحبوباً، لم تعرف عنه شقاوة، وكان أهله يتنبئون له بمستقبل باهر لما تميز به من رجاحة عقل.. وأدب جم واحترام للآخرين. والده محمد عبد الله الوالي من الشخصيات البارزة في منطقته وهو الذي ترجع جذوره لمنطقة الزيداب بولاية نهر النيل، كان واحداً من أقطاب الحركة الإتحادية ومن القيادات النقابية، وسياسياً محنكاً حيث تقلد رئاسة أول إتحاد لمزارعي مشروع الجزيرة.. تربى جمال وعاش في كنف هذا البيت الذي كان مفتوحاً لكل الناس.. تلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط بمدارس فداسي الحليماب ودرس الثانوي بمدرسة حنتوب الثانوية التي ولج من خلالها إلى نطاق العمل العام، ومن ثم التحق بعد ذلك بجامعة بيروت في الإسكندرية ودرس القانون، وتقلد منصب نائب رئيس إتحاد الطلاب السودانيين بالإسكندرية، ومن ثم تسلم رئاسة الإتحاد.. وبرز نجمه في العمل السياسي والاجتماعي. ٭ جمال الأب عقب تخرجه من الجامعة عين جمال الوالي موظفاً بمنظمة الدعوة الإسلامية أبان عهد الأمين محمد عثمان الذي كان يتولى إدارتها، ولقد لعب الأمين دور مهماً وكبيراً في زواج جمال الوالي، حيث اختار له السيدة الفضلى النعمة إبراهيم حسن النعيم من أكبر العائلات في مدينة شندي وهي من قبيلة السعداب وقد أنجب منها خمس زهرات حلوات هن (رهام، ريم، رغد، لين وروان) وأنجبت له مؤخراً أبن أطلق عليه أسم محمد. ٭ باعث نهضة المريخ كرس جمال الوالي جهده ووقته وماله لنهضة المريخ، الذي شهد طفرة غير متوقعة في عهده وحوله من ناد ينتظر الهبات إلى قلعة جاذبة للنجوم، حيث شيد ملعب المريخ الذي أصبح علامة بارزة في أم درمان، ورفع سقف التعاقدات مع اللاعبين الأجانب والمدربين، ومعه لمع أسم المريخ، حيث كان تعاقده مع المدرب الألماني اتوفيستر حديث وسائل الاعلامي الخارجي، ومن ثم مواطنه مايكل كروجر والمصري حسام البدري وأخيراً الفرنسي غارزيتو، وفي تعاقدات اللاعبين هزم الوالي الأهلي المصري في صفقة النيجيري أستفين وارغو ونجح في حل عقدة الحارس المصري الشهير عصام الحضري إلى جانب صف طويل من النجوم البارزين في أفريقيا والوطن العربي مما خلق منه نجماً في الرياضة، وتوج بلقب الرئيس الأكثر شعبية في إستفتاء نظمه برنامج ّ(صدى الملاعب) 2015م ٭ إنجازات وبطولات ما بين 2003 و2015، حقق المريخ في عهد جمال الوالي العديد من الإنجازات حيث فاز الفريق بالدوري الممتاز 3 مرات وبكأس السودان 8 مرات، كما وصل الفريق في عهده إلى نهائي كأس الكونفدرالية عام 2007 ومجموعات الكونفدرالية 2008، ومجموعات دوري أبطال أفريقيا 2009 ونصف نهائي دوري أبطال أفريقيا 2015، ونهائي سيكافا 2012 وبطولة سيكافا 2014، حتى جاءت استقالته في توقيت يبحث فيه المريخ عن الاستقرار، ولم تكن هذه الإستقالة الأولى فقد قدم الرجل إستقالته عن النادي في 2010، وتولى نائبه الفريق عبدالله حسن عيسى الأعباء وقدمها في 2013 وخلفه الفريق عبدالله حسن عيسى أيضاً، وتم إعادة إنتحابه مرة أخرى في ذات العام رئيساً للمريخ بالأجماع، إلا أن الوالي فاجأ الجميع وقدم استقالته في يونيو 2015، ليتدخل مجلس شورى المريخ ويطالبه بتجميد الإستقالة لتهيئة الأجواء لفريق كرة القدم، ليأتي الخروج من دوري أبطال أفريقيا وضياع حلم التتويج ويكتب نهاية الوالي مع المريخ وسط حسرة مريخية وأسف طويل لرجل قدم للنادي الكثير ولم يستبقِ شيئاً. وبذلك يفقد شعار «الوالي رئيس طوالي» صلاحيته