كان الحزب الشيوعي السوداني من أكثر الأحزاب السودانية تماسكاًَ تنظيمياً والتزاما بالمؤسسية.. وخلافاته التنظيمة كانت لا تظهر للعلن، كيف لا وهو حزب ظل لسنين طويلة يمارس عمله تحت الأرض، ولكن في هذه الأيام أصبح الحزب مادة دسمة تتناولها وسائل الإعلام من خلال الخلافات التي طفت على السطح بين السكرتير السياسي للحزب محمد مختار الخطيب وعضو اللجنة المركزية الشفيع خضر وآخرين من أعضاء الحزب، على خلفية معلومات توفرت للجنة المركزية حول أن عدداً من كوادر الحزب وعضويته عقدوا اجتماعا لمناقشة قضايا داخلية للحزب خارج الأطر التنظيمية المتعارف عليها، وأكد الخطيب في تعميم صحفي أمس الأول أن الحزب تعامل مع الأشخاص المعنيين وفق دستور الحزب، وأوقف نشاطهم، وكون لجنة للتحقيق معهم، ووصف الخطيب تناول الإعلام للقضية بالتضخيم، مقللاً من الخطوة، وقال إن الموقوفين خمسة أشخاص فقط . ٭ تدور هذه الأحداث والحزب على أعتاب انعقاد المؤتمر العام السادس المقرر له الرابع والعشرين من ديسمبر القادم، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا هذا التوقيت بالذات؟ وهل يمكن لهذه الخطوة أن تؤثر على انعقاد المؤتمر؟ ٭ استهداف عضو اللجنة المركزية للحزب علي الكنين أكد في حديثه ل (آخر لحظة) أن ما يحدث داخل الحزب الشيوعي أمر طبيعي لاغرابة فيه، وقال إن الإجراء الذي اتخذه السكرتير السياسي هو إجراء تنظيمي طبيعي جداً، ويمكن أن يحدث اليوم أو قبل سنة، وأضاف من يظن أن هذه الخلافات حدثت من أجل إخراج ناس من الحزب قبل المؤتمر فهذه تكهنات وتخرصات لامعنى لها، وتابع الكنين حديثه: الأخطاء والإجراءات التنظيمية التي تحدث في تاريخ الحزب مستمرة ولا توقيت لها، واتهم الكنين جهات لم يسمها باستهداف الحزب، وقال الحزب مستهدف من كل الجهات وله أعداء ولا أظن أن هناك أيادِ محددة خلف ماحدث ولكن الحزب مستهدف . ٭ لا انقسام الحزب الشيوعي كغيره من الأحزاب السودانية لم يسلم من فيروس الانقسامات والانسلاخات، وكان أول انقسام للحزب في عام 1970 أبان حكومة مايو، عندما خرج الحزب وفضل آخرون البقاء مثل أحمد سليمان، كما انسلخ من الحزب مجموعة عوض عبد الرازق.. وكونوا حركة «حق» ترى هل يقود هذا الخلاف لانقسام داخل الحزب؟ الأمر الذي قطع باستحالته أعضاء الجنة المركزية بالحزب وبعض المراقبين للساحة السياسية، وأكدوا أن الشفيع خضر لو اضطر للخروج من الحزب لن يقود انقساماً داخله.. وذهب علي الكنين في ذات الإتجاه وقال :»مافي مجال لانقسام « معتبراً أن الخلافات حالة صحية داخل الحزب.. وتفضي لنتائج تفيد الحزب وتطوره، وقال الصراع في مناهج عمل الحزب مهم جداً . وأضاف المؤتمر السادس مسنود بمخرجات المؤتمر الخامس . ٭ زوبعة أما عضو اللجنة المركزية للحزب هنادي فضل وصفت مايثار في الإعلام حول خلافات الحزب بالزوبعة قام بها النظام ليشغل الناس، وشبهت الأمر بشائعة القنفذ، وأكدت أن المؤتمر السادس للحزب قائم في مواعيده وقالت إن إجراء توقيف الأعضاء إجراء عادي. ٭ أما القيادي بالحزب صالح محمود أمسك عن الحديث واكتفى بتوضيح السكرتير السياسي وننتظر نتاج التحقيق . ٭ الحال حاله الخبير السياسي وأستاذ العلوم السياسية د. صلاح الدومة كان تحليله مختلفاً، وأكد أن النظرية الماركسية مبنية على الصراع بين الطبقات البرجوازية والبروتارية، وقال استمراريته كذلك قائمة على الصراع والخلاف.. واعتبر أن الخلاف سمة داخل الحزب الشيوعي . ٭ نصيحة للوطني أما الأمين العام للحزب الوحدوي الناصري ساطع الحاج اتهم المؤتمر الوطني بتضخيم الخلاف، وقال كان عليه أن يسارع إلى لملمة الخلاف إن كان يوجد حقاً.. باعتبار أن الحزب الشيوعي حزب كبير وقديم وله تاريخه، وإضعافه يعني إضعاف الساحة السياسية بالبلاد.. وقال ساطع: «ماكل خمسة أشخاص يكون لديهم رأي في الإصلاح والتغيير يعني هذا خلافاً داخل الحزب»وأن يكون هناك خلاف فهو أمر طبيعي، ويحدث في الأحزاب ولايؤثر في مسيرة الحزب الذي يمتلك قاعدة جماهيرية، وأضاف الخلاف ليس كارثة وليس هو يوم القيامة، وإلى ان تكمل لجنة التحقيق عملها وتقدمه للجنة المركزية نظل في حالة ترقب إلى ماستخرج به توصياتها بشأن المخالفين من الحزب وهم عضو اللجنة المركزية الشفيع خضر، ويقال إنه خارج البلاد هذه الأيام، وحاتم القحطان، محمد سليمان محمد، فيصل بشير و هاشم التلب .
