٭ طفت إلى السطح مؤخراً أزمة مكتومة في العلاقات بين السودان ومصر لا سيما في ظل المضايقات التي يتعرض لها عدد من السودانيين فى مصر، ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حينما نقلت وسائل إعلام مصرية أنباء تفيد بمقتل (15) سودانياً على الحدود الفاصلة بين مصر وإسرائيل بنيران القوات المصرية. ٭ رد حكومي: الخبر مفاده أن قوات من الشرطة المصرية تمكنت من ضبط (8) مهاجرين أفارقة أحياء حاولوا الفرار بعد مقتل (15) متسللاً وإصابة (8) آخرين صباح أمس عند العلامة الدولية رقم 17 الفاصلة بين مصر وإسرائيل جنوب معبر رفح البري بنحو 17 كم، وأكد مصدر أمني أن جميع المتسللين سودانيين، وجميعهم من الرجال، وأن المصابين الثمانية حالتهم حرجة، وتم نقلهم إلى مستشفى العريش للعلاج، بينما ضبط (8) متسللين آخرين وأحيلوا للتحقيقات، وأفادوا بالتحقيقات الأولية بأنهم دفعوا قرابة (70) ألف دولار لعصابات تهريب البشر لمساعدتهم على التسلل إلى إسرائيل، إلا إن عصابات الأفارقة ألقتهم على الحدود مباشرة بين أيادي رجال الأمن المصري وتركتهم وفروا ليلقوا مصيرهم. الرد الحكومي على الحادثة ربما جاء سريعاً، حيث نقلت تقارير صحفية أن السفارة السودانية بالقاهرة طلبت موعداً مع مسؤول فى الخارجية المصرية للتباحث معها حول مقتل وإصابة(23) سودانياً على الحدود المصرية الإسرائيلية، ومعرفة الأسباب وراء الحادث، قد يتبادر إلى أذهان الكثيرين أن الحادثة ليست ذات علاقة وثيقة بالذي يجري مع عدد من السودانيين بمصر من حملات تفتيش واعتقالات من قبل السلطات الأمنية هناك، لكن في ذات الوقت يربطها آخرون بسوء المعاملة التى يقابل بها بعض السودانيين هناك، كل تلك الحوادث لا يمكن فصلها بأي حال من الأحوال من الأزمة المكتومة بين السودان ومصر بشأن ملف حلايب، والذي يؤكد كل طرف حكومي في الدولتين تبعية المنطقة له. ٭ سوء معاملة: غير أن تعرض عدد من السودانيين لمعاملة سيئة من الأجهزة الأمنية بمصر دفع وزارة الخارجية لإبداء ثقتها في إجراء نظيرتها المصرية، تحقيقات حول مذكرة دفعت بها السفارة السودانية بالقاهرة تتصل بتعرض السودانيين في مصر لمعاملة سيئة من الأجهزة الأمنية، وقالت إنها تتابع الموقف عن كثب مع الخارجية المصرية وأجهزة الدولة الأخرى الخاصة في مصر، وتواترت أنباء وشكاوي متصلة من سودانيين وصلوا القاهرة لأسباب مختلفة، بتعرضهم للإيقاف في الشارع العام، بواسطة قوى الأمن والشرطة والاستيلاء على العملات التي بحوزتهم، وأكد قنصل السودان العام بالقاهرة، خالد الشيخ، بحسب تقارير صحفية أن القنصلية قدمت مذكرة إلى وزارة الخارجية المصرية، تستفسر فيها عن الحملات الخاصة بتفتيش السودانيين واحتجازهم، بعد تزايدها في الفترة الأخيرة على نحو ملحوظ، وكشف الشيخ عن وصول عدد من البلاغات تفيد القبض على عدد كبير من السودانيين، بعد تغييرهم لعملة من فئة الدولار إلى الجنيه المصري دون الحصول على إيصال من الصرافة، وبحسب المذكرة فإن القنصلية السودانية نوَّهت إلى عدم تلقيها رداً من الخارجية المصرية حول مذكرة شبيهة بعثت بها في الأول من نوفمبر الجاري، وأشارت إلى أن شكاوى السودانيين من معاملة قاسية بواسطة الشرطة والأمن الوطني تزايدت مؤخراً، وتابعت المذكرة «هذا أمر غير مقبول بالنظر إلى العلاقات التي تربط بين البلدين، والاتفاقيات المبرمة بينهما، خاصة اتفاقية الحريات الأربع»، وقال الشيخ «إنه زار بعض السودانيين في أقسام الشرطة المختلفة بالقاهرة، وأن النيابة بررت الإجراء بأنه لم يقصد به السودانيين على وجه الخصوص، بل يسري على كل الأجانب في مصر».. وفي ذات المنحي قال المتحدث باسم وزارة الخارجية علي الصادق إن السفارة السودانية بالقاهرة لديها توجيهات واضحة برعاية شؤون السودانيين، والتأكد من حسن معاملتهم والنظر في أوضاعهم بشكل عام، وأضاف أن وزارته تثق بأن نظيرتها المصرية ستحقق في تعرض بعض السودانيين للاعتقال ومصادرة أموالهم، وقطع بأن العلاقة التي تربط بين الخرطوموالقاهرة كفيلة بتجاوز أي سوء فهم أو معاملة يتعرض لها البعض من المستويات الدنيا في البلد المضيف، وأكد الصادق للصحفيين أن سفارة السودان بالقاهرة تتابع أوضاع الجالية السودانية مع السلطات المصرية، مشيراً إلى أن السفارة لديها توجيهات واضحة برعاية شؤون السودانيين، والتأكد من حسن معاملتهم، معرباً عن تفاؤله بأن تستمر العلاقة بين البلدين دون أي سوء فهم أو سوء معاملة يتعرض لها البعض في البلد المضيف. ٭ احتجاج برلماني: قضية سوء معاملة السودانيين بمصر دخلت إلى قبة البرلمان، والذي احتج بشدة على الإجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية ضد عدد من أبناء الجالية السودانية في القاهرة، وأكد رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان محمد مصطفى الضو، عدم تهاون الجهات الرسمية بشأن هذه الإجراءات. وشدد الضو على ضرورة التريث قبل إصدار أي حكم، حفاظاً على طبيعة العلاقات بين البلدين، مؤكداً ثقة البرلمان في الخارجية والسفارة السودانية بالقاهرة، بتأدية الدور المنوط بها تجاه القضية. وقال «لا بد من انتظار رد الخارجية المصرية على المذكرة التي دفعت بها السفارة السودانية قبل اتخاد أي إجراءات»، وأشار إلى التواجد الكبير للجالية السودانية في القاهرة من أجل التعليم والعلاج، موضحاً أن مثل هذه الإجراءات من شأنها أن تدفع الناس للاتجاه إلى مكان آخر. بالمقابل يرى المحلل السياسي بروفيسور صلاح الدومة في حديث ل(آخرلحظة) أن العلاقات بين السودان ومصر لم تغادر المربع الأول، وأن مغادرة المربع نحو الإيجابية أتت من ناحية السودان فقط، ولم يستغرب الرجل من قيام السلطات المصرية بقتل السودانيين الذين حاولوا التسلل عبر حدودها. في المنحى ذاته استنكر الخبير الأمني حسن بيومي تصاعد اعتداء المصريين على السودانيين، ووصول الأمر حد إطلاق النار عليهم، ويرى وجوب إيجاد حلول أخرى أكثر كرامة للسودانيين.