كنا في السابق وحتى وقت قريب نعتقد أن الحكومة هي التي تحدد تعرفة المواصلات الداخلية، ولكننا هذه الأيام تأكد لنا أن هناك سلطة جديدة تسمى «الكمسنجى»، الذي يفرض مبلغ التذكرة للجريف أو مناطق الخرطومجنوب وغيرها، في ظل غياب للسلطات وضعف الرقابة على مواقف المواصلات خاصة مايسمى بموقف جاكسون. إذا دخلت على الموقف وتريد استقلال حافلة لاية منطقة من المناطق، فإنك تشاهد مكتباً تابعاً لإدارة النقل والمواصلات، كتب عليه أنه معني بمتابعة المواصلات وضمان عدم زيادة تعريفتها، إلا أن هذا المكتب يبدو أنه وضع صورياً، لأنه في ظل وجوده ترتفع أصوات الكمسنجية بزيادة التعرفة، فمثلاً يصيحون أن الجريف غرب التي تعرفتها الأساسية جنيهان ب 5 جنيهات، والسلمة من جنيهين الى 5 ، والمعمورة من جنيهين الى 4 جنيهات دون أن يردعهم أحد. سيطرة الكمسنجية على المواقف بهذا الشكل وفرضهم للتعرفة- حسب أهوائهم- يبين بوضوح غياب المسؤولين وإهمالهم لمسؤولياتهم عن متابعة حياة المواطنين وتيسيرها، وربما يكون معتمد الخرطوم وقياداته مشغولين بمطاردة بائعات الشاي اللائي وعد بنظافة حليته منهن بجانب الباعة «الفريشة»، وإذا استمر الحال على ماهو عليه ربما نشهد ممارسات خطيرة، لأن غياب السلطات يجعل المواطن يفكر في أخذ حقه بيده، وهو مابدا يظهر يومياً في شكل مشادة بين المواطنين والكمسنجية والسائقين بشأن زيادة التعريفة غير القانونية ورفض دفعها. الكمسنجي يرفع سعر التعرفة من جنيهين الى 5 جنيهات، لأن صاحب الحافلة أو البص يعطيه المبلغ الذي حدده- اي خمسة جنيهات- فهو طبعاً خير له من الجنيهين، كما أنه خير للسائق الذي تتضاعف حصيلة مشواره أو مايسمى «الفردة»، وهو بالطبع يعود سلباً على المواطن البسيط الذي يخرج من منزله وفق حسابات محددة للذهاب والإياب، ويؤثر عليه فقد الجنيه الواحد الذي قد يمكنه من شراء رغيفة أو رغيفتين يسد بهما رمقه. على سلطات ولاية ومحلية الخرطوم أن تتقي الله في المواطنين وترعى شؤونهم بالطريقة المثلى، لأننا منذ أن أتى التشكيل الحكومي الجديد، لم نرَ شيئاً يشير الى أن ما تفعله سلطات المحلية والولاية ينعكس إيجاباً على حياة المواطن مباشرة بشكل إيجابي، وقد تفاءل بعض الناس بأن العسكريين أفضل من السياسيين، الذين يوظفون وقتهم للسياسة والكسب السياسي على حساب العمل الحقيقي، لكن النتيجة الصفرية للمسؤولين الجدد تجعل بعضهم يعود الى تفاؤله خاسئاً وهو حسير.