٭ والبلاد مقبلة على العام 2016م عكفت وزارة المالية على تقديم خطط وسياسات اقتصادية جديدة ضمن الموازنة الجديدة بغرض معالجة الأوضاع الإقتصادية التي تشكل عقبة حقيقية أمام الدولة من خلال الاستفادة من فرص التمويل الخارجية الميسرة، ومن ثم معالجة ديون السودان الخارجية، إلى جانب الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، وتحقيق معدل نمو شامل ومستدام، وخفض عجز الموازنة، وعلى ضوء ما سبق قدم صندوق النقد العربي، قرضاً بقيمة 166 مليون دولار، لصالح حكومة السودان، لتمويل عجز ميزان المدفوعات ودعم برامج إصلاح السياسيات الاقتصادية والمصرفية في البلاد، وبتقديم هذا القرض، يكون الصندوق قد وفر للسودان أربعة عشر قرضاً بقيمة إجمالية قدرها نحو 400 مليون دولار أمريكي. ٭ وبحسب البيان الذي قدمه الصندوق، فإن مبلغ القرض المقدم للسودان، يهدف إلى تمويل العجز في ميزان المدفوعات، ودعم برنامج إصلاح اقتصادي على مدى العامين 2016 و2017، كما يهدف البرنامج إلى تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي، وتهيئة البيئة الاقتصادية الكلية لتحقيق معدلات نمو اقتصادي شاملة ومستدامة. ٭ خلل هيكلي ولكن يرى الخبراء الاقتصاديون أن ميزان المدفوعات في السودان بات متأرجحاً، ويحتاج إلى مراجعة السياسة الاقتصادية، وبحسب مجلة المصرفي الخاصة ببنك السودان، والتي ورد فيها أن مشاكل ميزان المدفوعات السوداني تتمثل فى كونها مشاكل ذات طابع هيكلي، ترتبط بالاقتصاد الكلي أكثر من كونها مرتبطة فقط بظاهرة محددة لإحدى مكونات الاقتصاد الكلى.. ولذلك فإن الاختلال المتواصل فى ميزان المدفوعات السوداني لا يمكن تفسيره فقط من ناحية التأثير فى عدم التوازن بين العرض والطلب فى سوق النقود . وأكد نفس هذا المعنى الخبير الإقتصادي و المصرفي عبدالله الرمادي وقال (إن الخلل الهيكلي هو ما يعاني منه الإقتصاد السوداني، وأن إحدى سماته الرئيسية العجز المزمن في ميزان المدفوعات)، ويرى أنه من الأجدى للحكومة أن تسعى إلى توجيه الطاقات الاقتصادية للإتناج المحلي، والذي بدوره سيوفر السلع للصادر، ويسد حاجات الإستهلاك المحلي، مما يؤدي إلى تقنين الاستيراد و تحسين وضع الميزان التجاري السوداني، وبالتالي يساهم في ردم الفجوة في ميزان المدفوعات . ٭ مابين القروض والصكوك وبما أن ميزانية السودان سجلت عجزاً يقدر ب (10.4) مليار جنيه، يرى الخبير الإقتصادي محمد الناير أن هذا العجز في حدود المعدلات الآمنة وفقا للمقاييس العالمية، والتي تم تحديد نسبتها ب (1.6%) من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، منوهاً إلى ضرورة إتباع عدة حلول و سياسات لمعالجة هذا العجز، منها القروض التي تم الإتفاق عليها مسبقاً أو ما يسمى ب (القروض مؤكدة الحدوث)، أو إصدار شهادات و صكوك حكومية، أو عبر ما يعرف ب « الإستدانة من النظام المصرفي « بشرط أن تكون في المعدلات الآمنة، والتي تتراوح بين 1)%- 5%)، مخافة أن تؤدي تلك الصكوك إلى آثار تضخمية سالبة . ٭ مخاوف من الخطوة وفي الوقت ذاته تخوف الرمادي من أن تزيد هذه الخطوة من حجم الدين الخارجي للبلاد و تراكمها، مشدداً على ضرورة ترشيد السياسات الإقتصادية مستقبلاً .. ومن جهته أكد أستاذ علم الإقتصاد بجامعة النيلين البروفيسور عصام بوب أن عجز ميزانية البلاد يفوق (5) مليار دولار، لذلك فإن مثل هذه القروض تعتبر قليلة بالنسبة للعجز، ووصفها بأنها لا تسمن ولا تغني من جوع، وقال إنه لا يمثل أي دعم معنوي على الميزانية بأي صورة من الصور، وأضاف أن جميع هذه القروض الخارجية قروض ربوية ستنعكس سلباً على الاقتصاد القومي من حيث تراكم فوائد تلك القروض، كما أنها تتنافى مع أسس الاقتصاد الإسلامي الذي تتبناه البلاد . وأضاف الناير أن الاعتماد على القروض وحدها لا يحقق الاستقرار الإقتصادي المنشود، فلابد للدولة أن تضع منظومة من السياسات والآليات المناسبة التي تفضي لذلك الاستقرار، كوضع حزمة تشجيعية للمغتربين لجلب تحويلاتهم للبلاد وتسليمها لهم بالعملات الأجنبية، بالإضافة إلى العمل على زيادة الإنتاج والإنتاجية، وتشجيع الاستثمار الأجنبي، مما يزيد من عائدات الصادرات و خفض الواردات . و إتفق كل من الرمادي والناير على أن أي جهد مبذول يعمل على تلافي هذه المشكلة أو سد هذا العجز يعتبر إيجابياً، وأن هذا الدعم الذي تلقته البلاد يعتبر الحل العاجل الذي سيصب في خانة دعم حصيلة البلاد من العملة الأجنبية، ويعمل على تحسين وضع العملة المحلية في الوقت الراهن .