طبيعة عملها الوظيفي تحتم عليها التجوال على كثير من الدوائر الحكومية، كرست جل وقتها بعد انفصال شريك حياتها عنها، الذي كانت حياتها معه كالصحراء الجرداء، كان (جافاً صارماً)، وقبل هذا وذاك حقيقة كونها لا تنجب وهو لا يهتم بذلك. وقد خصها المولى سبحانه وتعالى بسمات الجمال، وهبها أنف ينتصف بين العينين شامخاً، لا هي نحيفة ولا ممتلئة، تجمع بين نضج المرأة وبراءة الطفولة، معتدلة القامة أشبه ما تكون كزهرة تستحي أن تتفتح. كثيرون عرضوا عليها مشاركة الحياة لكنها كانت ترفض، واعتبرت سعادتها كلها في عملها، المدير الذي ذاع صيته كانت شديدة الانبهار بأدائه الوظيفي، حدث ما لم يكن في حسبانها، وقعت في حبه، أصبح كل شيء في حياتها، صارا يلتقيان دائماً في تكتم، صارحها بأنه زوج لإمراة غيورة إلى أقصى حد، ولو قدر لها أن تعلم بأمر العلاقة التي بينهما فإنها لن تدعها تكون في سلام، قدرت موقفه حفاظاً على طهارة الحب اختارا طوعياً الزواج العرفي الخفي، رغم ظلال الكتمان عاشت أسعد سنين عمرها، لم يقلقها وجود الزوجة والأولاد. ومع بداية العام الجديد ألحت عليه أن يمضيا سهرة رأس السنة في أحد المطاعم الكبرى احتفالاً بذكرى ارتباطهم العرفي، لم يرفض ولكنه أيضاً لم يرحب، شعرت به طول الوقت متوتراً كان يلتفت حوله باستمرار، سألته ماذا بك؟ رد أخشى أن يراني معك من يعرفني وزوجتي.. قالت مغيظة: دعهم يروننا لست أبالي.. فأسرع بانفعال لأنك حرة، ألجمها رده المؤلم، همست بصوت حزين معك حق. تقاطرت منها دمعة حسيسة ومسحت خديها مهرولة ناحية البوابة الخارجية.