في منتصف التسعينيات الماضية كتبت إستراحة في صحيفة السودان الحديث بعنوان الوصايا العشر لأبي زكي في العزومات وكان سبب كتابتها أن لاحظت وفي مناسبات ودعوات متكرره أن الخدمة التي تقدم تنتهي عندي وتبدأ عند من بعدي وبصورة أوضح في دعوات الزواج علي وجه التحديد يأتي من يحمل أطباق الطعام فتنتهي الكمية التي يحملها عندي وعندما يأتي بالكمية الجديده يبدأ بمن يجلس جواري أو ربما بالصف الذي بعدي.. وأذكر بعد كتابة هذه الإستراحة إتصل عدد من القراء من خلال بريد العمود يريدون أن يعرفوا ويقفوا علي المزيد من الوصايا إذ ذكرت لهم في الإستراحة خمسٍ وأجلت خمساً .. مثل هذه المواقف تواجه المرء في حياته اليومية وعندما تتكرر وتّتالى تكون مبعثاً للتشاؤم والتطير ولعن الحظ.. - طالب تكون رغبته دخول كلية محددة ويجتهد في تحصيله لدخولها وعندما تظهر نتيجة القبول تكون درجة واحدة قد حالت دون دخوله إليها..!!؟ - تحتاج إلي مال شيك مصرفي وتسرع الخطوات خبباً وهرولة وعندما تصل باب المصرف يكون الحارس أغلقه لأن ساعة الإغلاق حانت قبل دقيقة من وصولك..!!؟ - تتمكن من صعود الحافلة بعد زحام ودفع ويسبقك في الوصول إلي آخر مقعد من كان خلفك لتعثرك أو إعاقة راكب أراد أن يعدل جلسته أو أن يمرر راكب إلي المقعد الداخلي..!!؟ - تأتي من سفر خارجي فتتأخر حقيبة سفرك التي وضعت فيها كل الهدايا لأبنائك أو تضيع الحقيبة وتكون أنت لا غيرك الذي ضاعت حقيبته وكل حقائب المسافرين كانت بحوزتهم..!!؟ - تخرج من المنزل متأنقاً متعطراً لمشوار مهم وعند نزولك من الحافلة يأتي سائق حافلة آخر وبطيش يدلق علي ملابسك كمية المياه الآسنة ..!!؟ - تتقدم لوظيفة يتنافس عليها عدد كبير من المتنافسين وعند ظهور نتيجتها تكون أول الإحتياطي ولا يتخلف عند الإستيعاب أحد من قائمة الذين تم أختيارهم وفي الإختيار لوظيفة أخري يتم أختيارك ولكن لأسباب غير معلومة تلغي الجهة المعنية الوظائف وتعتذر لمن تم إختيارهم. - تصل إلي المسجد عند صلاة الصبح وقبل أن تستوي لتجلس يسلم الإمام ولا يدخل أي مصل آخر من بعد ذلك حتي تقيم معه صلاة الجماعة.!!؟ - تصل إلي دارك بعد عناء في نهار قائط ومع فتح باب الدار ينقطع التيار الكهربائي وينقطع التيار عنك أيضاً مع بداية صافرة الحكم لمبارة كرة قدم تهيأت منذ أسابيع لمشاهدتها.. ويعود بعد نهاية المباراة علماً بأن معظم جيرانك لم ينقطع عندهم التيار..!؟؟ الصورة المنطبعة علي شخص تتكرر عليه هذه المواقف بأنه نحس أو (كُج) أو كوكو أو (فَقُر) وقد يضع نفسه موضع الأبكم الذي في القرآن ( وضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم لا يقدر علي شي وهو كلُّ على مولاه أينما يوجهه لا يأتِ بخير) سورة النحل الآية 76 .. مع فارق السياق والتفسير.. العقيدة الإسلامية لا تلقي بالاً للحظ وضرباته وتحرم لعن الدهر وتمنع اليأس ولعن الحظ.. (ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) .. والمؤمن لا يطلق لنفسه العنان في تحديد إنقضاء حاجته وتلبية مطلوباته والله سبحانه وتعالي يقول: ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعانِ) سورة البقرة الآية 186.. فهذا هو منتهي الأمل وغاية الرجاء فيمن قوله صدق ودعوه حق فهل من بعد ذلك نلعن الحظ ونغيب الأمل والسعاده عن حياتنا.. إنه الإنسان عندما يجانب الإيمان دواخله ولا يعمرها.. جمعة مباركة..